بكين   ~ غائم 13/2 

تعليق: جوائز الأوسكار والسياسة

2013:02:27.16:43    حجم الخط:    اطبع

صحيفة الشعب اليومية – الصادرة يوم 27 فبراير عام 2013 – الصفحة رقم 21

بعد حصول فيلم"الهروب من طهران" على الأوسكار الذهبي في حفل توزيع جوائز الأوسكار وحصوله على جوائز عالمية أخرى، أصبح مخرج هذا العمل والممثل المؤدي للدور الرئيسي في الفيلم بن أفليك محط أنظار العالم.

أحداث هذا الفيلم ليست معقدة، واذا إستعملنا جملة واحدة لوصفها يمكن القول بأنها"إعادة إنتاج لقصة إعتماد مكتب الإستخبارات الأمريكية على فيلم مزيف لإخراج الأمريكيين من طهران". ويعد الآداء الفني الجيد، والأحداث المثيرة إلى جانب الآداء الرائع للممثلين أهم العوامل التي ساهمت في حصول هذا الفيلم على "الأوسكار الذهبي"، لكن السياسة دائما ما تسجل حضورها أيضا في عملية إختيار جوائز الأوسكار.

تمكن فيلم "الهروب من طهران" بإمتياز من عكس إنشغال الأمريكيين بالوضع في إيران والشرق الأوسط. ومع تصاعد الخلافات الأمريكية مع منطقة الشرق الأوسط خلال العشرية الأخيرة، أصبحت جوائز الأوسكار تولي مزيدا من الإهتمام لهذه المنطقة، فبداية من فيلم The Hurt Locker ومرورا بفيلم A Separation ثم وصولا إلى فيلم الهروب من طهران، أظهر الأمريكيون من خلال السينما إهتماما متزايدا بمنطقة الشرق الأوسط. وبالنظر من هذا الجانب نجد أن أختيار المحتوى قد أعطى للفيلم منذ البداية مستوى عاليا من الإهتمام العام وجماهيرية كبيرة.

"الهروب من طهران" هو "فيلم تعليمي" يعرض مفهوم البطولة على النمط الأمريكي. ووفقا للإحصاءات ذات الصلة، فإن نصف أعضاء لجنة التحكيم في جوائز الأوسكار هم من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاما، و90 % منهم من البيض، و70% منهم رجال، ويعتبرون ممثلين للتيار الرئيسي في الثقافة الأمريكية. ولهذا فإن حصول الفيلم البطولي"الهروب من طهران" على إعجاب لجنة التحكيم لايعد أمرا مفاجئا.

في فيلم "الهروب من طهران" يتمكن 6 دبلوماسيين أمريكيين من العودة بسلام إلى وطنهم، حيث يمكن وصف ذلك بالنهاية السعيدة. لكن في نهاية الفيلم تظهر الجملة التالية: "التاريخ دائما مايبدأ بالسخرية وينتهي بمأساة." وهناك محللون رأوا في هذا التحسر نقطة مضيئة اخرى في الفيلم، حيث تجسد الرؤية النقدية للفيلم تجاه سياسة الشرق الأوسط الكبير التي إتبعتها الولايات المتحدة. فعلى إمتداد العشرية المنقضية، شهدت منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا فوضى عارمة، وصلت ذروتها في حرب أفغانستان وحرب العراق، ثم الربيع العربي و الحرب الأهلية السورية، التي تسببت جميعها في فقدان عشرات آلاف الأرواح، وتهجير الملايين من السكان، وفي النهاية لم يفض نشر الديمقراطية الأمريكية إلى نتائج مثمرة، بل جعلت العديد من الدول تتذوق الثمار المرة التي أثمرتها الإضطرابات. في ذات الوقت دفعت أمريكا الثمن باهظا، وفقدت آلاف الجنود.

يمكن القول أن حصول فيلم "الهروب من طهران"على الأوسكار الذهبي لايعد أمرا مفاجئا، لأنه تحت أضواء الأوسكار تتشابك أيدي السينما والسياسة.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/

تعليقات