تعليق: مخاطر تهافت الصينيين على شراء الذهب

على إمتداد الأيام المتتالية الماضية إستمرت أسعار الذهب تشهد تراجعا مدويا، حيث نزلت إلى عند 1321 دولار للأوقية، مسجلة هبوطا بـ 10%. لكن الملفت للإنتباه أنه رغم الهبوط الجنوني الذي تشهده أسعار سبائك الذهب والمجوهرات وفي ظل التوقعات السلبية للسوق الدولية وخبراء أسعار الذهب، تشهد الصين موجة تهافت كبير على شراء الذهب.

تعود هذه الظاهرة غالبا إلى 3 عوامل: أولا، مشاعر الندم، حيث سبق أن شهدت سوق العقارات خلال الأزمة المالية العالمية لسنة 2008 فترة تراجع، حينها ظن الجميع أن أسعار العقارات ستدخل في منعرج هبوطي، وبذلك أصبح الجميع ينتظر إستمرار هبوط أسعار العقارات، لكن ما حصل هو أن أسعار المنازل شهدت 4 سنوات من الصعود المستمر بعد عام 2008. ويمكن القول أن هبوط أسعار الذهب هذه المرة يشبه إلى حد ما تراجع أسعار المنازل في عام 2008، حيث سجلت هبوطا مدويا ومفاجئا بعد صعودها الكبير، لذلك، يتهافت الناس على شراء الذهب في الوقت الحالي لكسب المصالح الممكنة وفقا لتجاربهم الناجحة أو الفاشلة في سوق العقارات.

ثانيا، توقعات التضخم. حيث توجد في الوقت الحالي توقعات كبيرة بحدوث تضخم محلي، فمع إرتفاع قيمة M2 وصعود تكلفة اليد العاملة وإستمرار الفيدرالي الأمريكي في إتخاذ سياسات التيسير الكمي، إلى جانب تخطيط مختلف المناطق الصينية لدفع الإستثمارات الكبرى ومضاعفة الرواتب، فإن توقعات التضخم قد تضاعفت. وفي ظل هذا الوضع أصبح المزيد من الصينيين يدركون بأن إدخار الأموال في البنك لايكتسي فاعلية كبيرة، هذا إلى جانب المخاطر الكبرى للإقتراض، كما أن عمليات التحوط من خلال شراء المنازل أصبح يواجه قيود سياسة الحد من الشراء، أما بالنسبة لسوق الأسهم فليس هناك توقعات قريبة بالتعافي، ولذلك أصبح الذهب والفضة الطريقة الإستثمارية الأفضل بالنسبة للمستثمرين.

ثالثا، نفسية إستثمارية غير سليمة. وهذا ناجم من جهة عن الوعي التقليدي، حيث يرى جل الصينيين بأن الذهب
لديه قدرة كبيرة على مقاومة هبوط القيمة، ومن جهة ثانية، فإن المفاهيم المالية الحديثة، تدفع الناس للتشبث بفكرة الإستثمار من خلال إستغلال الفرص. لكن في الحقيقة، هناك تضارب بين هاتين الفكرتين، حيث توجد المخاطر في كل سلعة إستثمارية، ويتساوى حجمها مع الفرص، وإلا كيف يمكن أن تنزل هذه التجارة "المربحة والخالية من الخسارة" على رؤوس العامة؟ في حين ان البنوك الإستثمارية تتفرج بغباء.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/