بكين 4 مارس/ نشرت صحيفة التحرير الشانغهائية فى عددها الصادر يوم 3 مارس الحالى تعليقا تحت عنوان // ميزان القوتين متغير – العلاقات الصينية الامريكية تواجه وضعا جديدا// وفيما يلى موجزه:
تحولت ازمة الرهن العقارى الامريكية الان الى ازمة مالية عالمية، مما الحق اضرارا بالاقتصاد الواقعى. وفى ظل هذه الظروف، يتصعب ان تظل الصين او الولايات المتحدة بعيدتين عن هذا الاضطراب الاقتصادى. ولكن، بين الصين والولايات المتحدة اختلاف كبير من حيث البنية الاقتصادية والمكانة الدولية، وان الخسارة التى تتكبدها كل منهما فى هذه الازمة متفاوتة ايضا. وذلك سيحدث تأثيرا هاما فى العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، وقد يكون بداية للوضع الجديد الذى تشهده العلاقات الصينية الامريكية.
اولا، ستخفض هذه الازمة نسبة اجمالى الناتج الوطنى الامريكى فى اجمالى الناتج العالمى. وفى تكوين اجمالى الناتج الوطنى الامريكى، يحتل القطاع المالى حوالى 20 بالمائة. تعجز هذه الازمة عن تجنب خفض القيمة الانتاجية للقطاع المالى بذاته، وتحدث تأثيرا فى نسبة الولايات المتحدة فى اقتصاد العالم. من الطبيعى ان يتباطأ نمو اقتصاد الصين خلال فترة هذه الازمة، ولكن، بالمقارنة مع نمو الصفر حتى النمو السالب الذى تشهده الدول المتطورة بما فى ذلك الولايات المتحدة، ستشهد بالعكس نسبة اجمالى الناتج الوطنى الصينى شيئا من الارتفاع. بالرغم من ان هذا التغير لا يمكن ان يؤثر فى مكانة الكيان الاقتصادى الاول التى تحتلها الولايات المتحدة فى العالم، الا انه سيضعف التفوق الذى تتمتع بها الولايات المتحدة فى تقدم غيرها فى نمو الاقتصاد.
ثانيا، ستضعف الازمة المالية مكانة الدولار الامريكى باعتباره نقدا دوليا. فى تشكيلة النقود الدولية المتكثلة فى // القوة العظمى مع القوى المتعددة//، لا تزال الولايات المتحدة تحتل مركز // القوة العظمى//، وتظل تحتل اكثر من 50 بالمائة من نسبة احتياطى النقد الاجنبى العالمى. ولكن هذه الازمة المالية مصدرها استعمال الولايات المتحدة اعتماد الدولار الامريكى بصورة عشوائية، ومن المؤكد ان العالم يسعى بعد الازمة الى البحث عن مشروع بديل عن الدولار الامريكى، او الية ما لتقييد الدولار الامريكى على الاقل. وذلك سيضعف بصورة متزايدة حق الولايات المتحدة فى اصدار النقد الدولى، ليقلل الفوائد التى تتمتع بها الان من خلال سك العملة. ولكن، قبل الازمة، لم تستطع الصين ان تشترى بفائضها التجارى رئيسيا الا الاصول منخفضة القيمة الغربية او تستثمر فيها ، واتيحت فرص قليلة جدا لها لعملها مقابل الموارد والتقنيات الهامة. ولكن الان، تخفض الدول العديدة مستوى وضع الحد للاستثمار الصينى ، ومع الاتفاق حول القروض مقابل الموارد، والاتفاق بشأن تبادل النقد الثنائى، اتيحت فرصة الان لرفع مكانة الصين المالية الدولية.
ثالثا، ستواجه شرعية قيادة الامريكية الدولية تحديات اكثر صرامة. لم تكشف الازمة المالية عن جوانب الضعف للاقتصاد الامريكى فحسب، بل كشفت عن نواقص النظام الامريكى والقدرة الامريكية على قيادة النظام الاقتصادى العالمى والازمة الشرعية ايضا. يبقى القطاعان الاقتصادى والاكاديمى فى الولايات المتحدة قيد مناقشة المسألة التى تتعلق بتأميم البنوك المؤقت، ولكن الدول العديدة اعربت عن اعجابها بقدرة حكومة الصين على مواجهة الازمة. وفى ظل هذه الظروف، ستلقى الصين اهتماما اكبر بها فى نمط نمو اقتصادها وشرعية نظامها السياسى، بينما تشهد القوة الوطنية الامريكية الناعمة انخفاضا نسبيا ايضا.
واخيرا، ستنخفض القوة الامريكية الجذابة للاكفاء فى العالم. ومع تضييق حجم الاقتصاد الامريكى وانخفاض قوة الشراء الدولية للدولارات الامريكية، سينتهى عصر الامريكيين الذين يتمتعون باسلوب الحياة الاكثر سهولة ونعامة فى العالم، وذلك سيخفض القوة الامريكية الجذابة للاكفاء فى العالم من حيث الاساس. ولكن، المقارنة مع ذلك، تستطيع الصين ان تحول الاكفاء المحليين من اتجاه خدمة الطلب الخارجى الى اتجاه خدمة الطلب المحلى على الاقل حتى ولو لم تستطع ان تجتذب كثيرا من الاكفاء الى بلادها فورا، وذلك سيساعد الصين فى اقامة كيان اقتصادى اكثر صحة لها فى نهاية المطاف.
ان ميزان القوتين المتغير المذكور انفا سيضيق البون بين الصين والولايات المتحدة من حيث القوة، وستتطور العلاقات الثنائية لاعتماد بعضهما على البعض لصالح الصين. مما سيغير تشكيلة العلاقات الصينية الامريكية جزئيا، ومن الممكن ان تحصل الصين على المزيد من الحقوق فى وضع المواضيع، ولوائح العبة واعادة اعمار النظام الدولى بعد الازمة. لا يمكن ان يقتصر مجال رؤية الصين فى الازمة بذاتها، بل يجب ان تكون الصين على اهبة الاستعداد للعالم بعد الازمة. ومن الطبيعى ان ذلك لا يعنى ان الصين تغتنم // الازمة// للسلب، ولا يعنى ان الصين تعتزم تغيير النغمة الاساسية للعلاقات الصينية الامريكية وسيرها فى طريق المنافسة معها فى الحصول على السلطة الدولية بالكامل، بل يعنى ان الصين تستغل هذه الفرصة النادرة، لتعمل ضمن امكانياتها، لترفع مكانتها عن طريق التعاون فى النظام الدولى الذى تشرف عليه الولايات المتحدة، وتزيد من قدرة المجابهة الخاصة لها اثناء تعديل النظام الدولى. / صحيفة الشعب اليومية اونلاين/