بكين 14 مارس/ نشرت صحيفة الشعب اليومية فى عددها الصادر اليوم تعليقا بقلم مراسله وو ون بين فى مكتب دمشق وتحت عنوان // العلاقات السورية الامريكية تصبح مرنة// وفيما يلى موجزه:
اجرت ايرين سويبرى مساعدة وزيرة الخارجية الامريكية يوم 12 مارس الحالى مع نائب وزير الخارجية السورى فيصل مقداد فى دمشق عاصمة سوريا محادثات بشأن اللاجئين العراقيين ومسائل اخرى. هذا هو لقاء اول رسمى جرى بين مسؤولى البلدين الريفع المستوى منذ اكثر من السنتين وذلك اظهر ان العلاقات السورية الامريكية شهدت اثرا من المرونة.
قال مقداد بعد المحادثات للصحفيين انه ناقش مع سويربرى المسألة الاقليمية والوضع العراقى وما تنتج منه مسألة عدد كبير من اللاجئين. كما قدم ايضا الى الجانب الامريكى كافة الجهود التى بذلتها سورية فى تهيئة معيشة اللاجئين وتخفيف حدة مشقاتهم. وطالب المجتمع الدولى بايلاء بالغ الاهتمام بالسبب الجذرى لاضطرار اللاجئين العراقيين الى هروبهم من ديارهم. واشار الى ان حرب العراق هى التى ادت الى ظهور مسألة اللاجئين. لذا فيجب معالجة مسألة اللاجئين معالجة فرعية وجذرية, وان معالجتها الجذرية اهم.
تقع سوريا فى مركز رئيسى للنزاع فى الشرق الاوسط, واستقبلت 400 الف الى 500 الف لاجىء فلسطينى فى عدة الحروب التى اندلعت فى الشرق الاوسط منذ عام 1948. نشبت حرب العراق فى عام 2003, مما ادى الى اغتراب المليون الى المليونيم من العراقيين عن وطنهم, اما سوريا لها اكثر من 600 كيلومتر من الحدود مع العراق اصبحت اول خيار للاجئين العراقيين. وفى النزاع اللبنانى الاسرائيلى الذى وقع فى الصيف الماضى استقبلت سوريا ايضا اكثر من 10 الاف من اللاجئين اللبنانيين. وفقا للاحصاء وصل عدد اللاجئين فى سوريا الان الى 1, 23 مليون. لذا فتحملت سوريا ضغطا هائلا فى المجالات الاقتصادى والاجتماعى والامنى.
قدرت سويربرى الجهود التى بذلتها سوريا فى تهئية معيشة اللاجئين تقديرا عاليا. ودعت المجتمع الدولى الى مساعدة سوريا فى سد حاجة اللاجئين العراقيين الاساسية, وخلق بيئة آمنة واستقرارية لعودة اللاجئين الى وطنهم علما بان الولايات المتحدة وافقت على استقبال 7000 لاجىء عراقى.
فى اول امس, اجرى نائب وزير الخارجية السورى احمد اول حوار مع السفير الامريكى لدى العراق خليل زاد ومستشار رايس وزيرة الخارجية الامريكية لشؤون العراق فى مؤتمر الامن العراق الدولى. حيث تبادل الطرفان مرات وبصورة مباشرة الاراء حول كيفية اخماد الوضع العراقى المضطرب وحماية استقلال سيادة العراق وسلامة اراضيه والحيلولة دون القتل الطائفى والانفصال واستئناف السلام والاستقرار باسرع وقت ممكن وتحقيق المصالحة الوطنية ومسائل اخرى ذات اهتمام مشترك. انتقدت الولايات المتحدة سوريا وايران بانهما قدمتا اسلحة للمسلحين والمليشيا المعارضين للولايات المتحدة والحكومة العراقية, وسمحتا للارهابيين بعبور الحدود الى العراق لمزاولة اعمال العنف, وطالبت الولايات المتحدة سوريا وايران باتخاذ احراءات واقعية لوقف الاعمال المذكورة انفا. اما سوريا فقالت ان اكثر الطرق فعالية لوقف العنف فى العراق هى وضع قوات التحالف فى العراق جدولا زمنيا للانسحاب, واصلاح الدستور الذى يثير الجدل, وتشكيل حكومة مصالحة وطنية تشارك فيها الاحزاب السياسية. توصل الطرفان الى تفاوق عبر الية تعدد الحوار وفى الحل السياسى لمسألة الازمة العراقية رغم وجود الخلاف بينهما فى بعض النقاط الرئيسية.
شهدت العلاقات الامريكية السورية توترا احيانا خلال السنوات الاخيرة. بالرغم من انهما كانتا تتعاونان احيانا وشهدت العلاقات بينهما مرونة بعد حادث // 11 سبتمبر// الا ان حرب العراق التى شنتها الولايات المتحدة فى عام 2003, واغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الحريرى فى عام 2005, والحرب اللبنانية الاسرائيلية, والازمة السياسية الفلسطينية فى العام الماضى جعلت جميعا العلاقات السورية الامريكية تقع فى ورطة. اذ انتقدت الولايات المتحدة سوريا بانها لها ضلع فى الشؤون اللبنانية, وتقدم مساعدات لحزب الله, وسماحها للمسلحين المعارضين للولايات المتحدة بدخول العراق لشن الهجمات الارهابية, وتسترها على مسؤولى // حماس// والخ. كما اجيز القانون فى الكونجرس الامريكى لفرض عقوبات اقتصادية وصد سياسى على سوريا.
ولكن, مع تدهور الوضع الامنى فى العراق, وتخفيف حدة التوتر السياسى المحلى فى فلسطين ولبنان, ادرك حكماء بعيدى النظر فى الولايات المتحدة ان حل مسألة النقاط الساخنة فى الشرق الاوسط وخاصة مسألة العراق بحاجة الى الحوار مع سوريا, واستغلال القوة السورية. ولكن نائب وزير الخارجية السورى مقداد ان مسائل الشرق الاوسطية يرتبط بعضها بالبعض, واعرب عن رغبته فى ان يجرى الحوار الكامل والجدى مع الولايات المتحدة بشأن كافة المسائل. نرى انه اذا استغلت سوريا والولايات المتحدة فرصة لتاح لهما فى الوقت الراهن, وتشكلان ثقة متبادلة تدريجيا, فمن المحتمل ان تستقبل العلاقات السورية الامريكية وضعا جديدا. / صحيفة الشعب اليومية اونلاين/