فى الوقت الذى اقامت التكهنات بشن اسرائيل او الولايات المتحدة غارات جوية على المنشآت النووية الايرانية العالم واقعدته, قام وزير الدفاع الاسرائيلى ايهود باراك بزيارة الى الولايات المتحدة يوم 14 م ن الشهر الجارى, ومن المتوقع ان يصل رئيس هيئة اركان الحرب الاسرائيلى دان حالوتس الى واشنطن بعد اسبوع, كما قد قام رئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد) مئير داغان بزيارة الى واشنطن قبل ذلك, واشار محللون الى ان الزيارات المكثفة لكبار المسؤولين الاسرائيليين تستهدف تنسيق مواقف البلدين حيال الملف النووى الايرانى.
-- الولايات المتحدة واسرائيل تعززان التنسيق بينهما
اكدت الولايات المتحدة واسرائيل مرارا وتكرارا انهما لن تسمحا لايران بامتلاك الاسلحة النووية, وزعم الكثير من المسؤولين الاسرائيليين ان التهديدات النووية الايرانية اصبحت امرا وشيكا, وتصاعدت حدة التكهنات بشن اسرائيل هجوما خاطفا على ايران خاصة بعد ان اجرت اسرائيل مناورات واسعة النطاق فى البحر الابيض المتوسط فى شهر يونيو الماضى.
وعقد ايهود باراك خلال زيارته الى واشنطن لقاءات مع كل من نائب الرئيس الامريكى ديك تشينى ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس, كما سيلتقى الرئيس بوش.
واوضح المحللون ان باراك يعمل على تنسيق مواقف البلدين حيال القضية النووية الايرانية حيث يحاول اقناع الجانب الامريكى بان المسافة بين ايران والاسلحة النووية اقصر مما كانت تتوقعها الولايات المتحدة.
وحذر باراك يوم 10 من الشهر الجارى ان اسرائيل لن تتردد فى اللجوء الى القوة اذا تعرضت مصالحها الجوهرية لتهديد.
-- موقف الولايات المتحدة بات "غامضا"
ورغم ان الولايات المتحدة لم تستبعد امكانية حل القضية النووية الايرانية عن طريق اللجوء الى القوة, ووعدت بقوة بالدفاع عن مصلحة اسرائيل وحلفائها الاخرين, الا ان موقفها صار فى الفترة الاخيرة غامضا حول تنفيذ عملية عسكرية استباقية ضد ايران.
وقامت ايران الاسبوع الماضى باطلاق صواريخ طويلة ومتوسطة المدى ردا على المناورات التى اجرتها الولايات المتحدة واسرائيل فى المنطقة, كما حذر وكيل ممثل مرشد الجمهورية في الحرس الثوري الايرانى مجتبى ذو النور يوم الاحد "ان اول رد ايراني على العدوان سوف يستهدف قلب اسرائيل و32 قاعدة امريكية بالمنطقة".
وردا على هذه التصريحات شديدة اللهجة, قال وزير الدفاع الامريكى روبرت غيتس ان خطر وقوع حرب بين الولايات المتحدة وايران لم يزد رغم اجراء الاخيرة تجارب صاروخية, كما اكد الرئيس بوش انه فيما يتعلق بالقضية النووية الايرانية, فإن جميع الخيارات مطروحة على المائدة, بيد ان الولايات المتحدة تفضل الدبلوماسية حاليا.
فى الوقت ذاته, رفض الكثير من الضباط الامريكيين رفيعى المستوى شن ضربة عسكرية ضد ايران, لان الجيش الامريكى متورط حاليا فى مستنقع حربى العراق وافغانستان, واذا تم شن حرب جديدة على ايران, فإن ذلك لا بد سيزيد من الضغوط على الجيش الامريكى. واكد رئيس هيئة اركان الحرب الامريكى مالون فى بداية الشهر الجارى ان فتح ميدان قتال ثالث سوف يشكل عبئا كبيرا على الجيش الامريكى.
علاوة على ذلك, حذرت ايران من انها ستقوم باغلاق مضيق هرمز الذى تمر به معظم ناقلات النفط العملاقة اذا تعرضت بلادها لتهديد, الامر الذى سوف يؤدى بلا شك الى اضطرابات اكبر فى اسواق النفط العالمية التى تعانى اصلا من ارتفاع اسعار النفط, وهذا هو العامل الذى لا بد ان تأخذه الولايات المتحدة واسرائيل فى اعتبارهما قبل اللجوء الى القوة.
من جانب آخر, ابدت ايران قدرا كبيرا من المرونة فى سياساتها الدبلوماسية وحاولت اجراء اتصالات مع الولايات المتحدة, مما يخفف من امكانية هرولة الولايات المتحدة الى شن ضربة عسكرية.
-- العمل الاحادي الجانب سيؤدى الى عواقب خطيرة
وفى الوقت الذى تؤكد فيه الولايات المتحدة ضرورة تسوية الملف النووي الايراني عبر السبل الدبلوماسية, تضاعفت الدلائل على انه يبدو ان اسرائيل تقوم بالاستعداد لشن هجوم ضد ايران.
واجرت اسرائيل مناورات واسعة بالبحر المتوسط الشهر الماضي, بمشاركة نحو 100 طائرة حربية مختلفة الطراز, فضلا عن طائرات امداد قامت برحلات تبلغ مسافتها حوالي 1500 كيلومتر, ما يوازي تقريبا المسافة التى تفصل اسرائيل عن مركز تخصيب اليورانيوم الايراني فى نطنز.
وبالاضافة الى ذلك, اكد مسؤولو وزارة الدفاع الاسرائيلية مرارا ضرورة زيادة الفعالية القتالية البعيدة المدى, وحثوا الولايات المتحدة على ان تسلم قبل الموعد المقرر قاذفات الشبح المتطورة التى اشترتها اسرائيل.
وحسبما افادت صحيفة ((صنداى تايمز)) البريطانية الصادرة فى 13 يوليو الجارى, كشف مسؤول رفيع المستوى فى البنتاغون ان الرئيس الامريكي جورج بوش لا يرفض قيام اسرائيل بالاستعداد لشن غارات على ايران, واعطي "ضوءا اصفر" لذلك, بمعني ان تخبر اسرائيل الولايات المتحدة عندما تكون مستعدة.
الا ان هذا المسؤول اشار فى الوقت نفسه, الى ان الطرف الاسرائيلي لم يقدم حتى الآن اى خطة عمل مقنعة لواشنطن, موضحا ان "الضوء الاصفر" لن يتحول الى "الاخضر" بدون خطة متماسكة وراسخة.
واشار محللون الى ان الغارات الاسرائيلية المحتملة لن تدمر المنشآت النووية الايرانية تماما, بل على العكس ستؤدى الى نتائج سلبية تفوق التصور من حيث الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وفى هذا السياق, قالت مؤسسة ((راند)) البحثية الامريكية فى تقرير تحليلي اصدرته يوم 10 من الشهر الجاري,انه من المستبعد ان يؤدي عمل عسكري ضد ايران الى تغيير سياسة طهران النووية, وينبغى على السياسة الامريكية ان توجه لتهيئة الظروف لعلاقات مؤثرة على المدى البعيد.
وردا على التكهنات المختلفة حول اغراض الزيارات المكثفة التى قام بها المسؤولون السياسيون والعسكريون الاسرائيليون للولايات المتحدة, اعتبر احد المسؤولين الاسرائيليين ان من المبالغة القول بأن اسرائيل والولايات المتحدة انتهزتا فرص الزيارات لوضع خطط عسكرية ضد ايران, مضيفا ان اسرائيل لم تتخذ قرارا بعد حول الملف النووي الايراني, ومن المستبعد ان تلجأ الى اجراءات من جانب واحد ضد ايران فى المدى القصير. (شينخوا)