بكين   مشمس جزئياً~ غائم 11/2 

تعليق: وقائع الحرب الأمريكية على العراق تحتاج إلى تفكير عقلاني وتحليل منطقي

2013:03:18.15:30    حجم الخط:    اطبع

بعد مرور عقد على الاحتلال الأمريكي للعراق، والذي يوافق 20 من مارس الحالي، ورثت العراق تركة ثقيلة من القتل والاقتصاد المضطرب، والاستقطاب الطائفي، كما غيرت هذه الحرب الخريطة السياسية لمنطقة الشرق الأوسط. ولقراءة عقد من الزمن للاحتلال الأمريكي للعراق، ينبغي الاعتماد على التفكير العقلاني والتحليل المنطقي.

بعد سقوط نظام صدام حسين، كتب الكثير من المحللين والمعلقين حول صعود وهبوط حزب البعث في العراق، وفي نفسية صدام حسين و نموذج حكمه، وكيفية تحول حزب البعث من حزب ثوري إلى حزب حاكم، وكيفية تطور العراق في ظل الحروب الثلاث التي أخذت بالبلاد إلى الهاوية، حتى نهاية صدام حسين وسقوط نظامه السياسي. واليوم، بعد مرور عشر سنوات على الاحتلال الأمريكي على العراق، والذي يعتبر الحرب الفيتنامية الثانية للولايات المتحدة، فإن مناقشة ايجابيات وسلبيات الاحتلال الأمريكي على العراق يحتاج إلى العودة مرة أخرى إلى 10 سنوات مضت.

إن سقوط نظام صدام حسين بالطبع ناتج مباشر لسياسة القوة التي اتبعتها الولايات المتحدة، وامتداد منطقي للعداء الطويل الأمد بين الولايات المتحدة والعراق بلغ حد المواجهة، وبطبيعة الحال هو إخفاق كبير لسياسة صدام حسين الداخلية والخارجية. حيث جعلت الحرب العراقية الإيرانية، واحتلال الكويت، و13 سنة من العقوبات والحظر الدولي هذه الأرض الغنية بالمياه العذبة والموارد النفطية والغاز والثقافة الغنية تنهار. وإن المثير للشفقة أكثر هو أن انفصال المعنويات العامة عن نظام صدام حسين، فقدان المصداقية،عدم وجود جيش لمواجهة الأعداء الأجانب جعل عدد قليل من القوات الأمريكية تحتل العراق بسهولة.

الحرب في العراق هو استمرار لحرب الخليج التي تعتبر أول حرب محلية بعد انتهاء الحرب الباردة، ومن اجل أن تلقى الحرب دعم الرأي العام على نطاق واسع. كما أن ضم صدام حسين غير الشرعي لدولة الكويت ذات السيادة، لم يتلقى الدعم الضئيل من العالم فحسب، وإنما جعل العراق معزولة عن العالم، وبلغت الحرب التي كانت بقرار الأمم المتحدة لأول مرة درجة عالية من الاتساق.

حددت حرب الخليج والتغيرات في الوضع الإقليمي والدولي خلال السنوات اللاحقة سرعة اتجاهات الحرب، واندلاعها المبكر، والتنبؤات حول القوة العراقية والحرب. وإن عدم امتلاك الولايات المتحدة لسلطة القانونية لا يؤثر على الحرب ونتائجها. كما يبين أن انقطاع الدعم المباشر وغير المباشر، وعدم قدرة الدولة الصغيرة وذات قوة عسكرية للمواجهة والنزعة العسكرية جلب كارثة للعراق دولة وشعبا.

لقد استطاعت الولايات المتحدة غزو العراق بكل سهولة، ثم أغرقت في مستنقع الحرب لعقد من الزمن. وإن مكاسب وخسائر الاحتلال الأمريكي على العراق تبدأ من قبل اندلاع الحرب وصولا إلى اليوم، وتستمر إلى مالا نهاية. ومع ذلك، يتطلب النظر في المكاسب والخسائر إلى الرؤية في المصالح الأمريكية في العراق على المدى الطويل، وإن الجمع و الطرح والتقييم لا يكفي لتفسير هذه القضية، كما أن فهم السلوك الأمريكي من منظور سياسة الهيمنة في العالم غير ملائم.

حققت الولايات المتحدة مكاسب وخسائر في العراق، والمكاسب أكثر من الخسائر. حيث أن احتلال أول دولة عربية إسلامية، كسر الإستراتيجية النفسية والمحرمات الطويلة الأمد، وجعل الناس ينظرون إلى أن الإيديولوجية والقيم ليست العوامل الرئيسية لتحديد معسكرات الحرب، ولوحة كبيرة لمجتمع ذات القيم، وأن خصائص التماسك والتضامن من اجل المصالح المحلية في تنازل. كما تمخض من الاحتلال الأمريكي للعراق وضع سياسي معاصر في الشرق الأوسط، حيث لم يقتصر دعم النموذج الأمريكي الجديد في مناطق النائية في المنطقة فحسب، بل تجاوز الحرارة حتى معسكر المعتدلين.

بلغت النفوذ السياسية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط خلال حرب الخليج الذروة، وجعلت الحرب على العراق أمن الشرق الأوسط بين أيدي الولايات المتحدة. وأنه من خلال إنشاء الرابطة الهانزية، والحرب على الإرهاب ، سوف تحدث الولايات المتحدة توازنا في جميع دول منطقة الشرق الأوسط ماعدا إيران وسوريا، وهذا النمط لم يكن من قبل. وفي ظل هذه القاعدة غير المستقرة بدرجة كافية، ودخول الاقتصاد الأمريكي دائرة الانكماش في عصر اوباما،حولت الولايات المتحدة تركيز إستراتيجيتها الخارجية والأمنية إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وهذا التحول ليس فشلا وهروبا بسيطا، بل هو تخطيط وتكيف نشط.

الكثير من الناس يرغب في استخدام عدد القتلى والمصابين لحساب مكاسب وخسائر الولايات المتحدة من غزوها للعراق، ويتجاهلون اعتماد الولايات المتحدة على الحروب للحفاظ على حياتها، ونظامها، وأيضا لترسيخ هيمنتها على بلدان العالم. وإن الانتقادات الموجهة للولايات المتحدة بشان الحرب الكورية وحرب فيتنام، وكوسوفو بلغت ذروتها في حرب أفغانستان والعراق، ومع ذلك، لا يمكن تغيير الحقيقة الأساسية، بأن ظهور الفقاعات الاقتصادية السبب الحقيقي وراء انسحاب الولايات المتحدة. وبالرغم من أن الاقتصاد الأمريكي تأثر خلال الأزمة المالية، إلا أن الحرب ستبقى واحدة من الوسائل الرئيسية لتحقيق مطالبها العالمية، ولن تتغير بسبب انسحابها من الحرب. كما أن الحرب الأمريكية على العراق لن تخلوا من الدروس، حيث أن الحرب اندلعت دون تخطيط دقيق للإدارة العراق ما بعد الحرب، وإن تدمير نظام صدام حسين أطلق سراح الطاقة الإيرانية، ومواجهة العراق الانقسام إلى ثلاثة أجزاء، وتفاقم المشاكل العرقية والطائفية، وانهيار النظام العلماني الذي ترك مساحة واسعة لنمو القوى الدينية، جميعها قضايا وتحديات جديدة تضطر الولايات المتحدة لمواجهتها.


ملف خاص: في الذكري العاشرة لحرب العراق




/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/

تعليقات