تحقيق إخباري : مواقع التواصل الاجتماعي تساهم في ارتفاع معدلات الطلاق لدى الفلسطينيين

غزة 5 فبراير2014 /لم تتخيل سيدة من قطاع غزة أن تكون وسائل الاتصال التكنولوجية على الرغم من خلافاتها الدائمة مع زوجها بسببها، وسيلة يبلغها فيها بطلاقها منه.

ورصد مخولون بإتمام إجراءات الزواج والطلاق في المحاكم الفلسطينية، أن العديد من الأزواج من الجنسين برروا إقدامهم على الطلاق بسبب خلافات على "الاستخدام السيئ" لمواقع التواصل الاجتماعي.

وتقول السيدة التي رفضت الإفصاح عن اسمها وفضلت ذكر الحرف الأول منه ومن كنيتها (م.ش) وتبلغ (26 عاما)، إنها صدمت بزوجها يعلن طلاقها منه بسبب خلافتهما المستمرة على ما وصفته "بإدمانه" على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) على حساب الاهتمام بها وبطفلتيهما.

وتضيف (م.ش) لوكالة انباء (شينخوا)، أن البطالة التي ظل زوجها يعانيها لسنوات، وجلوسه الدائم في المنزل فتح أمامه المجال لتمضية معظم ساعات نهاره على الانترنت.

وتتابع، أنها صعقت باكتشاف إقامة زوجها علاقات مع فتيات على (فيس بوك)، وحرصه الشديد على إخفاء ذلك عنها ما تسبب بتفاقم الخلافات بينهما.

وانتهت هذه الخلافات بتلقي السيدة (م.ش) رسالة نصية على هاتفها المحمول من زوجها يبلغها فيها أنه قرر طلاقها منه "بسبب التدخل الدائم في حياته وعدم قدرته على مواصلة الحياة الزوجية" بحسب ما تقول.

وترصد دائرة الإرشاد الأسري في المحكمة الشرعية في رام الله بالضفة الغربية، تلقي على أقل تقدير حالتي طلاق يوميا أغلبها تتعلق بخلافات زوجية، ومن بينها تهم "الخيانة" على موقع التواصل الاجتماعي.

ويظهر التقرير السنوي للمحاكم الشرعية الفلسطينية، ارتفاعا ملحوظا في نسبة الطلاق خلال العام الماضي الذي شهد أكثر من أربعة آلاف حالة طلاق، إضافة لأكثر من ألف دعوة تفريق وفسخ.

ودفعت هذه الحالات إلى ارتفاع معدلات الطلاق بنسبة 20 في المائة خلال العام الماضي بعد أن كانت تشكل 16 في المائة خلال العام الذي سبقه.

وحسب التقرير، فإن حالات الطلاق انتشرت بين الأزواج الشباب أكثر من غيرهم لتصل نسبة ارتفاعها ما معدله 50 في المائة من مجمل حالات الطلاق.

ويقول قاضي القضاة في الأراضي الفلسطينية يوسف ادعيس ل(شينخوا)، إن أكثر أسباب الطلاق سنويا في الأراضي الفلسطينية تتعلق بالوضع الاقتصادي السيئ وتسببها في تفاقم الخلافات الزوجية.

غير أن ادعيس، يضيف أن حالات العام الماضي أظهرت أسبابا جديدة لارتفاع معدلات الطلاق تتعلق بالخلافات بين الأزواج بسبب الاستخدام "المضر والسيئ" لمواقع التواصل الاجتماعي .

ويشرح ادعيس، أن الإقبال المرتفع على هذه المواقع يتسبب بتنامي الخلافات بين الزوجين بسبب الشعور بالغيرة وفقدان الثقة بينهما، الأمر الذي يتطور لاحقا إلى حد الطلاق خصوصا بين الشبان.

ويمتد الهوس في التكنولوجيا الحديثة لدى بعض الأزواج حد إبلاغهم زوجاتهم بقرار الطلاق عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو برسائل نصية على الهواتف المحمولة.

ويقول ادعيس، إن هذا التطور جائز شرعا "إذ أن النية هي الأساس فسواء الزوج طلق الزوجة عبر مهاتفتها صوتيا أو إرسال رسالة لها فتعتبر في القضاء الشرعي طالق".

ويرى مختصون، أن ارتفاع عدد المشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي،شجع الكثير من الأزواج على خيانة شريك الحياة الزوجية للهروب من خلافاتهما أو سوء أوضاعهم بالعثور على تسلية على تلك المواقع.

ويرى درداح الشاعر المحاضر في علم النفس في جامعة الأزهر في غزة ل(شينخوا)، أن التقنيات المرتبطة بالتواصل الاجتماعي تمثل سلاحا ذو حدين أحدهما إيجابي ومفيد، والآخر مضر يمكن أن يتسبب بالقضاء على الحياة الزوجية.

ويعتبر الشاعر، أن نتيجة الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي ترتبط أساسا بقيم ومبادئ كل شخص، مشيرا إلى أن استخدامها السلبي يسهل على من وصفهم بـ"أصحاب النفوس المريضة" حصد تدهور علاقاتهم الاجتماعية.

ويشدد الشاعر، على أنه لا يمكن هنا اعتبار أن الأزمة في مواقع التواصل الاجتماعي نفسها "إذ أن استخدامها سلبا أو إيجابا أمر مرتبط كليا بالأشخاص المستخدمين لها ونواياهم وفق نفسياتهم".

وتتفق آمال صيام مديرة شؤون المرأة في غزة، على أن الاستخدام السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي أثر على ارتفاع معدلات الطلاق وزيادة الخلافات الزوجية.

وتشير صيام ل(شينخوا)، إلى أن الإقبال لساعات طويلة على تلك المواقع ساهم في توتر العلاقات الاجتماعية، وانقطاع التواصل بين أفراد الأسرة الواحدة بدلا من التقريب بينهم وحل ما بينهم من خلافات.

لكن صيام تشدد، على أن الوصول إلى مرحلة الطلاق بين الزوجين يبقى مرتبطا بمجموعة عوامل، أبرزها في المجتمع الفلسطيني تتعلق بسوء الأوضاع الاقتصادية، وضعف الانسجام، والفجوة العاطفية بين الزوجين.

/مصدر: شينخوا/