تعليق: "حمى الجهاد" تدفع إلى إعادة النظر في إستراتيجية "مكافحة الإرهاب"

يعتبر الإرهاب بمثابة وزغ بألف رأس. وقد عبرت "صحيفة صورة" الألمانية عن دهشتها لقدرة الإرهاب على البقاء على قيد الحياة. واليوم، أدى بلوغ سم الوزغ الأورام الحميدة الجديدة إلى تكاثر لا مثيل له.

كشف مدير الاستخبارات الأمريكية الوطنية جيمس كلابر مؤخرا، بان هناك حوالي سبعة ألاف مقاتل أجنبي في سوريا من نحو خمسين دولة من بينهم دول أوروبية وأمريكا الشمالية. وحذر جيه جونسون وزير الأمن الداخلي الأمريكي الجديد من أن الصراع الدائر حاليا في سوريا يمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، مشيرا إلى عودة عدد من الأمريكيين إلى الولايات المتحدة بعد انضمامهم إلى صفوف المقاتلين في سوريا. كما أن هناك قول مماثل لم يتوقف عن تقديمه مسئولو الاستخبارات البريطانية والفرنسية والاسترالية والكندية وغيرها من الدول الأخرى.

أطلق على سوريا اليوم اسم "ديزني لاند للمجاهدين". ووفقا للتقارير، انضم عدد كبير من الشباب إلى تنظيم "القاعدة"، من بينهم من تخلى عن حياته المريحة في الدول المتقدمة. وقد تجاوزت الحرب في سوريا الحرب التي شهدتها أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي من حيث عدد المقاتلين الأجانب المشاركين فيها.

لا يمكن تجاهل قدرة الإرهاب على النمو في حالة الفوضى، إلا أن المثير للقلق أكثر هو إيديولوجية منظمة " القاعدة". وفي ظل السرد السياسي الغربي السائد حول أن الإرهاب هو مهاجمة الأصوليين الإسلاميين على الحضارة الحديثة، لا يمكن تفسير سبب استمرار انتشار واجتذاب الأفكار المتطرفة أتباع جدد.

هناك علاقة سببية بين"كولا كالا" و"الجهاد". وفي معنى من المعاني يمكن اعتبار ما قاله أستاذ العلوم السياسية، بنجامين باربر جوابا. حيث أن "كوكا كولا" هو رمز الثقافة الأمريكية، ومبيعاتها موزعة عبر جميع أنحاء العالم، ولا تدخر النخب السياسية الأمريكية أي جهد في تعزيز القيم الأمريكية العالمية. ويعتبر العالم الأمريكي الشهير ناعوم تشومسكي هذا الدافع للقيم الأصولية الأمريكية، وشدد على أن عادة أمريكا باستخدام المزايا السياسية والاقتصادية لبيع الأصولية يائسة.

إن مبدأ الاعتراف المتبادل، وعدم الاعتراف المتبادل، لا ينطبق فقط على العلاقات الشخصية بين الدول والأمم والحضارات. ومن الواضح أن استخدام العصا والجزرة في عملية بيع قيمها يعكس مدى القوة والعجرفة الأمريكية، وأثار النزاع والاستياء بين الكثير من " الفئات الضعيفة". ومحاولة القوى الإرهابية ممثلي تنظيم " القاعدة" الوصول إلى أماكن جديدة للعيش.

كما أن إستراتيجية مكافحة الإرهاب الأمريكية منذ وقوع حادث "9.11" تنقصها الدراسة الشاملة للتربة الطفيلية للإرهاب. لا سيما في الحربين اللتان خضتهما إدارة بوش في أفغانستان والعراق، أو تركيز سياسة اوباما على الحرب على الإرهاب الذي تكافح من اجله أمريكا رئيسيا، جميعها تعتمد على فكرة واحدة متجسدة في وجود القوات العسكرية .

ولهذا السبب، انتقد خبراء الإستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب الخلط بين الإرهاب والإرهابيين. وقد كتب المستشار السابق لشؤون الإرهاب في البيت الأبيض ريتشارد كلارك مقالا يؤكد فيه أنه:" بالإضافة إلى تثبيت أكثر من المرافق في محطات مترو الأنفاق ، ربما نحن بحاجة إلى أن نسأل، لماذا يكرهوننا الإرهابيين. وإذا لم نهتم بأسباب الإرهاب مثل ما نهتم بالإرهابيين، فإنه قد يكون قبول للفحص الأمني بدون خصوصية في المطار بداية الحياة الجديدة في أمريكا فقط.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/