نشرت " صحيفة الشعب اليومية " تعليقا تحت عنوان " كيف يتم التوازن بين محاربة الارهاب وحماية الحقوق المدنية؟ " وفيما يلى موجزه :
يبدو ان اول امر شائك يواجهه الكونغرس الامريكى عام 2006 , هو تعديل "قانون الوطنيين ". وتوصل مجلسا الكنغرس العموم والشيوخ عبر المداولات الى مشروع قانون لتعديل " قانون الوطنيين " فى العام الفائت غير ان المشروع لم يقبله بعض اعضاء المجلسين الذين اكدوا على الحقوق المدنية فلم يحصل على تمرير مجلس الشيوخ .ووافق المجلسان فى نهاية المطاف على تمديد مدة صلاحية المواد الحاسمة بشهر و الواردة فى " قانون الوطنيين " الذى من المقرر ان تنتهى صلاحيته فى نهاية العام الفائت .
وكان " قانون الوطنيين " اثار جدلا شديدا وسط المجتمع الامريكى عند لحظة خروجه الى النور قبل 4 سنوات واكثر اذ رأى المؤيدون ان هذا القانون مهم للغاية بالنسبة الى محاربة الولايات المتحدة ضد الارهاب . واما المعارضون فقد لاحظوا انه منح الاجهزة التنفيذية الحقوق الاكثر من اللازم ولذا يجب تحديد المواد المتنازع عليها بصورة محكمة لحماية الحقوق الاساسية للمواطنين الامريكان .
وان حقوق المواطنين فوق كل شئ فى عيون الامريكان وهى شريان حياة الولايات المتحدة ولذا فان اى افعال تمس حقوق المواطنين يجب ان تكون لها الضرورة والا فمن الصعب ان تمرر . ولا تزال اراء الامريكان مختلفة ازاء صدور" قانون الوطنيين " حتى ولوبعد احداث / 11 سبتمبر / . وكان الكونغرس حدد فى بداية الامر 4 سنوات كمدة دورية لاعادة النظر فى القانون تفاديا لانحراف تفيذه عن الصواب.
وظل الامريكان يتخذون موقف التشكك حتى الحيطة فى حكومتهم منذ امد طويل. وان توسيع سلطة الحكومة فى عيونهم يعنى انتهاك حقوق المواطنين بالامكان ولذا يأخذون الحذر واليقظة ازاء تضخم سلطة الحكومة .
واذا نظرنا الى الواقع وجدنا ان تصرفات ادارة بوش كافة اثارت قلقا بالغا لدى الكونغرس والمواطنين وحينما كان الكونغرس ينظر فى تعديل " قانون الوطنيين" اماطت وسائل الاعلام اللثام عن فضائح اساءة معاملة المسجونين من قبل الجيش الامريكى والسجون السرية المقامة فى الخارج والتنصت داخل البلاد .وخاصة ان الاجهزة التنفيذية قامت بالتعسف فى التنصت على احاديث عامة المواطنين وبالامتناع من وصول البريد الالكترونى الشخصىوبالحصول على المدونات الخاصة بمكتبات الكتب والاعمال التجارية دون اللجوء الى الاجراءات الشرعية مما اثار ضجة كبيرة فى الولايات المتحدة . وقد نصت المادة الرابعة المعدلة فى الدستور الامريكى على ان " حقوق الشعب فى الشخصيات والمساكن والوثائق و الممتلكات غير الخاضعة للتفتيش والحجز غير المبررين لا تنتهك اطلاقا." وان التنصت على المراسلات الدولية / تضم المكالمات الهاتفية المسافة الطويلة والبريد الالكترونى بين اى موظف والسكان داخل البلاد لا بد من الحصول على موافقة " محكمة الرقابة الاستخبارية الاجنبية "لكن ادارة بوش ابتعدت عن رقابة هذه المحكمة بامر ادارى. ويتخوف الناس من تعرض الحقوق الممنوحة للاجهزة التنفيذية لسوء الاستخدام وتعرض حقوق عامة المواطنين فى الخصوصية وحقوقهم المدنية للانتهاك وسيصبح المواطنون الامريكان نتيجة لذلك ضحايا الارهاب. ويرى كثير من اعضاء الكونغرس ان هذا امر بالغ الخطورة وعلى الكونغرس ان يتدخل فى ذلك ويضع نهاية له .وكان مستوى شعبية تأييد بوش منخفضا مؤخرا الامر الذى من شأنه ان يزيد من جبروت اعضاء الكونغرس فى التحدى ضد بوش .
وسيتشاور الكونغرس مرة اخرى حول تعديل " قانون الوطنيين" فى فبراير القادم بعد ان تعود جلسته. وربما يتوصل الكونغرس بمجلسيه بعد المداولات الى مشروع وسط سعيا وراء ايجاد توازن بين محاربة الارهاب وحماية الحقوق المدنية . وان كيفية ضمان شبكة الاجهزة التنفيذية الخاصة بملاحقة الارهابيين فى المستقبل من جهة وحماية حقوق المواطنين الملتزمين بالقوانين بكل ما يمكن من جهة ثانية , هى مشكلة عويصة امام الكونغرس الامريكى .
/ صحيفة الشعب اليومية اونلاين /