بقلم هيثم لي تشن
بكين 8 نوفمبر 2012/ تمكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما من المحافظة على مفاتيح البيت الأبيض لفترة ولاية ثانية بعدما تغلب على منافسه الجمهوري ميت رومني في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت يوم الثلاثاء.
ويرى عدد من الخبراء الصينيين أن نجاح أوباما في المحافظة على لقب "سيد البيت الأبيض" أمر ملائم نسبيا بالنسبة للصين، إذ يوحي إلى حد كبير باستمرار سياسة الولايات المتحدة الحالية تجاه بكين بتوجه نحو مزيد من العقلانية وبدون الضغوط التي فرضتها فترة الانتخابات.
ومن المتوقع أن تشهد العلاقات الصينية - الأمريكية تطورا خلال فترة الولاية الثانية بالنسبة لأوباما، حسبما قال خبراء صينيون.
-- إعادة انتخاب أوباما تناسب الصين
قال تشو فنغ، الأستاذ في معهد العلاقات الدولية بجامعة بكين، إن الولايات المتحدة أجرت ستة انتخابات رئاسية منذ نهاية الحرب الباردة وحتى اليوم، ولكن في انتخابات العام الجاري كان من الصعب على معظم الصينيين إصدار حكم على سياسة كلا المرشحين تجاه الصين.
وأضاف تشو فنغ قائلا "من جورج بوش الأب إلى بيل كلينتون ثم إلى جورج بوش الابن، كان من السهل دائما على الصين تحديد الطرف المفضل لدعمه، ولكن هذه المرة كانت مواقف المرشحين فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة تجاه الصين متماثلة إلى حد ما".
ومع ذلك، حسبما أشار تشو فنغ، فإن "تقريع الصين عرف سائد في فترات الانتخابات الأمريكية الحديثة، ولا يعد استثناءا في انتخابات هذا العام. ومثلما حدث في الماضي، سوف يخفف أوباما لهجته تجاه الصين بعد الانتخابات حين يتخلص من الضغوط التي تفرضها أطراف مختلفة خلال فترة الانتخابات".
وأشار قوه شيان قانغ، نائب مدير المركز الصيني لأبحاث القضايا الدولية، إلى أن "تقريع الصين" لهجة خاصة في الحملات الانتخابية بالولايات المتحدة، موضحا أن "أوباما سوف يتعامل على الأرجح مع العلاقات الصينية - الأمريكية وفقا للواقع، لأنه لم يعد لديه الضغوط التي فرضها عليه سعيه لإعادة انتخابه".
وحتى تصريح أوباما في المناظرة الثالثة والأخيرة للانتخابات بأن "الصين تعد منافسا للولايات المتحدة كما أنها شريك محتمل لها أيضا"، يعد أكثر توازنا واعتدالا من الانتقاد العدائي الذي وجهه رومني للصين، على حد قول قوه شيان قانغ.
ولفت قوه شيان قانغ كذلك إلى أنه "بعد التنسيق المتبادل على مدار أربع سنوات، وبخاصة بعد زيارتي الرئيس الصيني هو جين تاو ونائبه شي جين بينغ إلى الولايات المتحدة في العام الماضي، توطدت الثقة المتبادلة بين البلدين بدرجة أكبر. ولذا، تعد إعادة انتخاب أوباما أكثر تفضيلا بالنسبة للصين حكومة وشعبا".
وفي الحقيقة، أكد أوباما مرارا وتكرارا على المصالح المشتركة للصين والولايات المتحدة ودعا إلى التعددية والتعاون الدولي، سواء في حملة الانتخابات لعام 2008 أو للعام الحالي.
وفيما يتعلق بقضية تايوان، يتمسك الحزب الديمقراطي الأمريكي بمبدأ "صين واحدة" ويدعو إلى الحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان.
-- الخلافات التجارية مستمرة
مع أن نجاح أوباما في الاحتفاظ بلقب "سيد البيت الأبيض" يعد أفضل بالنسبة للصين من وصول رومني إلى سدة الحكم بشكل عام، من المتوقع أن تستمر الخلافات التجارية بين البلدين.
وفي هذا الصدد، قال شيانغ وي دا، مدير الأبحاث في شركة ((تشانغ تشنغ للسندات المالية)) الصينية، إن "فوز أوباما بولاية ثانية قد يؤدي إلى تفاقم محنة الصناعة التحويلية في الصين، ومن المرجح أن تواجه صادرات الصين تحديات أكثر خطورة".
وأشار شينغ وي دا إلى أن سياسة أوباما تجاه الصين في مجال التجارة كانت تستهدف قمع الصناعة والصادرات الصينية من أجل تشجيع الصناعة الأمريكية، موضحا أن الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة ظلت تنخفض سنة بعد الأخرى خلال ولاية أوباما الأولى، ما ضاعف الصعوبات على الصناعة التحويلية الصينية التي تمر بمرحلة انتقالية.
وفي نفس الوقت، استمرت الخلافات التجارية بين الصين والولايات المتحدة في العام الحالي. وعانت شركات صينية عديدة مثل شركة ((زد تي إي )) للاتصالات و((مجموعة سان إي)) للمعدات من معاملة غير عادلة في الولايات المتحدة.
وتضح معالم الحمائية التجارية في الولايات المتحدة خلال فترة ولاية أوباما الأولى، ومن المتوقع أن تستمر في ولايته الثانية، على حد قول شينغ وي دا.
ويرى الخبير قوه شيان قانغ أنه بسبب الزيادة المستمرة في حجم التجارة الصينية - الأمريكية، فضلا عن ضعف التكامل الهيكلي بين اقتصادي البلدين، "يعد من المستحيل تجنب الاحتكاكات في مجالي التجارة والاقتصاد بين الجانبين، ولكن هذه الخلافات ستظل ضمن المعدل الطبيعي ولن تتحول إلى حرب تجارية".
-- واشنطن بحاجة إلى علاقات متوازنة مع الصين
يعتقد شوي هاي باي، رئيس رابطة الجالية الصينية في الولايات المتحدة، أن أوباما لن يغير سياسته تجاه الصين لو بشكل مؤقت، إذ تستعد بكين لاستقبال قيادة جديدة.
وأضاف شوي هاي باي قائلا "إن سياسته (أوباما) تجاه الصين في الفترة المقبلة سوف تعتمد إلى حد كبير على حكمه على القيادة الجديدة في الصين خلال الشهور المقبلة، ثم ربما يأتي التعديل الطفيف أو التغيير الكبير إذا وجد".
وأشار شوي ها باي إلى أن "أوباما نجح في اقتناص فترة ولاية ثانية، ويعني هذا أن أغلبية الناخبين الأمريكيين يعتقدون أن أوباما لديه القدرة على تحسين وضع الاقتصاد الأمريكي خلال أربع سنوات أخرى. ولذا، من المتوقع أن يواصل أوباما دفع الصين نحو إتباع ((قواعد اللعبة)) كما كان الحال في ولايته السابقة، ويحافظ على علاقات متوازنة مع الصين تعتمد على المنافسة وكذلك التعاون".
وفي السياق نفسه، أوضح قوه شيان قانغ أن "الحزب الديمقراطي ليس قويا مثل صقور الحزب الجمهوري فيما يتعلق بمجال الأمن، ولكن أوباما عندما يتعامل مع الصين يولي اهتماما أكبر للمصالح المشتركة والتعاون بين البلدين".
وتابع قوه شيان قانغ قائلا "إن أوباما يفهم بوضوح أن الولايات المتحدة تحتاج إلى التعاون مع الصين، فضلا عن قبول صعودها"، معربا عن اعتقاده بأن سياسة أوباما تجاه الصين خلال ولايته الثانية "ستكون أكثر عقلانية وواقعية، بما يحقق تطورا كبيرا بشكل نسبي في العلاقات الصينية - الأمريكية. ولن تحدث مواجهة مباشرة".
وفيما يتعلق بما يسمى سياسة "العودة إلى منطقة آسيا -الباسيفيك"، قال قوه شيان قانغ إنها كانت "إحدى الإستراتيجيات المهمة بالنسبة لأوباما في ولايته الأولى ... وخلال ولايته الثانية، سوف يستمر بالتأكيد في تعزيز هذه الإستراتيجية. ولكن هذه السياسة لا تعني المواجهة المباشرة مع الصين، وهدفها الأساسي هو المشاركة في ثمار التنمية في بلدان منطقة آسيا - الباسيفيك. ولذا، بإمكان الصين اغتنام الفرصة لتطوير التعاون الاقتصادي الإقليمي".
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn