بكين   ~ غائم 20/5 

رحل تشافيز وبقي تأثيره مع احتمال تغير المشهد في فنزويلا والمنطقة

2013:03:06.16:43    حجم الخط:    اطبع

فارق الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الحياة يوم الثلاثاء بعدما تمكن مرض السرطان من هزيمته في معركة دامت عامين.

وبمجرد الإعلان عن نبأ وفاة تشافيز عن عمر ناهز 58 عاما، توالت ردود الأفعال المحلية والدولية وتركزت أنظار العالم على فنزويلا ، وطلت علامات استفهام برأسها لتسأل عن وضع هذا البلد الغني بالنفط الواقع في أمريكا الجنوبية بعد وفاة الزعيم اليساري تشافيز.

وعلى الرغم من الأحاديث عن احتمال أن تؤدي وفاة تشافيز إلى توتر واضطرابات في فنزويلا ، يرى محللون صينيون أن رحيل الزعيم الفنزويلي لن يثير بالضرورة اضطرابات - على الأمد القصير على الأقل - لكنه قد يسفر عن بعض التغير في مشهد العلاقات الخارجية للبلد الواقع في أمريكا اللاتينية.

ردود أفعال محلية ودولية:

بدت الجبهة الداخلية في فنزويلا متوافقة في شعورها بالأسى على وفاة تشافيز وتمسكها بالوحدة، إذ وصف نائب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي تولى السلطة مؤقتا، وفاة تشافيز بـ"المأساة التاريخية"، ودعا الشعب الفنزويلي إلى الوحدة وضمان السلام في البلاد.

وتعهدت القوات المسلحة الفنزويلية باحترام الدستور ورغبة الرئيس الراحل تشافيز، حسبما أعلن وزير الدفاع دييغو موليرو.

ومن ناحية أخرى، دعا زعيم المعارضة الفنزويلية إنريكي كابريليس إلى "الوحدة" وأعرب عن "تضامنه" مع عائلة الرئيس الراحل.

وخارجيا، وفور الإعلان عن نبأ وفاة تشافيز، الذي تولى قيادة فنزويلا لمدة 14 عاما، توالت ردود الأفعال الدولية. فعلى سبيل المثال، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون عن تعازيه للشعب الفنزويلي، مشيدا بعمل تشافيز من أجل الفقراء في بلاده ودعمه لعملية السلام في كولومبيا.

وكان أبرز ردود الفعل الدولية، تأكيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الولايات المتحدة تدعم الشعب الفنزويلي ومعنية بـ "علاقات بناءة" مع الحكومة الجديدة بعد وفاة تشافيز.

ونقل قادة وزعماء دول أمريكا الجنوبية تعازيهم إلى الشعب الفنزويلي في وفاة تشافيز. وقالت رئيسة البرازيل ديلما روسيف إن وفاة تشافيز "خسارة لا تعوض بالنسبة لأمريكا الجنوبية"، مضيفة أن الرئيس الراحل "كان صديقا للبرازيل والشعب البرازيلي".

وقالت حكومة الإكوادور إنها تشعر بـ"حزن عميق" لوفاة تشافيز، مؤكدة أنه كان "زعيما تاريخيا ... وثوريا يستحق الذكر".

وعبرت كولومبيا كذلك عن "حزنها الشديد" لوفاة الرئيس الفنزويلي، مضيفة أنه قدم دعما كبيرا لعملية السلام مع حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك).

وأعلنت كوبا حالة الحداد الوطني لوفاة تشافيز الذي وصفته الحكومة الكوبية بـ"نجل كاسترو".

فنزويلا بعد وفاة تشافيز:

بعد وفاة تشافيز، التي تعد خسارة فادحة لفنزويلا ، يتعين على الفنزويليين التفكير في الوضع السياسي المستقبلي ببلدهم.

وعلى الرغم من التكهنات بوقوع توتر واضطرابات في فنزويلا بعد وفاة تشافيز بسبب الخلاف القائم بين الحكومة والمعارضة منذ الانتخابات الرئاسية التي أجريت العام الماضي، يتوقع خبراء صينيون ألا تشهد فنزويلا اضطرابات، على الأمد القصير على الأقل ، لعدة أسباب منها:

أولا؛ استمرار علاج تشافيز لمدة طويلة، وهو أمر أهل الشعب الفنزويلي نفسيا لقبول وفاته. وبموجب الدستور الفنزويلي، يتعين إجراء انتخابات رئاسية في غضون 30 يوما. وبما أن تشافيز طلب من الشعب قبل مغادرته كاراكاس للخضوع لعملية جراحية رابعة في كوبا أن ينتخب نائب الرئيس نيكولاس مادورو إذا لم يتمكن من قهر مرض السرطان، فمن المرجح أن يترشح مادورو في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وربما يصبح رئيس فنزويلا المقبل.

ثانيا؛ رغم أن زعيم المعارضة إنريكي كابريليس قد حصل على كثير من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي أجريت العام المنقضي، لم تظهر المعارضة نية للاستيلاء على السلطة عن طريق أعمال العنف، بل وطالبت بإعادة الانتخابات.

ثالثا؛ بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد حكم تشافيز عام 2002، أجرى الرئيس الراحل تعديلات في قيادة الجيش، والقيادة الحالية تدين بقدر كبير من الولاء لنظام تشافيز.

وفضلا عن ذلك، ورغم الخلافات القائمة بين الولايات المتحدة وفنزويلا منذ تولي أوباما منصبه، لا شك في أن العلاقات بين البلدين تحسنت إلى حد ما مؤخرا. ومن المؤكد أن الولايات المتحدة لا ترغب في تدهور وضع فنزويلا نظرا لأن الأخيرة من أكبر موردي النفط لبلاد العم سام.

ويرى محللون أن تأثير تشافيز على فنزويلا وسياستها قد يستمر لمدة طويلة بعد وفاته، ومن المؤكد أنه كلما كان موعد الانتخابات قريبا كلما ازداد أمل مادورو والحزب الاشتراكي الموحد الحاكم في الفوز بالسلطة.

بيد أن وفاة تشافيز قد تؤثر على الأحزاب اليسارية الفنزويلية وربما الأحزاب اليسارية في أمريكا اللاتينية ككل. كما أنه من الصعب أن يحل مادورو محل تشافيز.

وفاة تشافيز والعلاقات الخارجية الفنزويلية:

فور الإعلان عن وفاة تشافيز، صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن واشنطن معنية بإقامة علاقة بناءة مع فنزويلا ، موضحا أن ثمة "صفحة جديدة" في التاريخ الفنزويلي.

وفي هذا الصدد، يرى شو شي تشنغ الباحث بمعهد دراسات أمريكا اللاتينية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، أن العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا ربما تشهد تغيرا بعد وفاة تشافيز، مضيفا أنه إذا فاز المعارض إنريكي كابريليس الذي تربطه بالولايات المتحدة علاقات جيدة، بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فلا شك في أن العلاقات الفنزويلية - الأمريكية ستشهد تغيرا كبيرا.

وحتى إذا فاز مرشح الحزب الحاكم المتوقع مادورو بالانتخابات، فمن المرجح أن يكون أكثر اعتدالا مقارنة مع تشافيز، بما يشير إلى احتمال حدوث تغير في العلاقات بين البلدين. وعلى كل حال، فالعلاقات التجارية بين البلدين قوية، إذ تعد الولايات المتحدة أكبر مستورد للنفط من فنزويلا. وأيا كان الرئيس المقبل لفنزويلا، فلن تتوقف العلاقات التجارية بين البلدين.

ويرى شو شي تشنغ أن وفاة تشافيز "ربما تؤثر إلى حد ما على الخريطة السياسية في أمريكا اللاتينية ككل بسبب مكانة فنزويلا المهمة في القارة سياسيا واقتصاديا. فقد كان تشافيز زعيما إقليميا، وبفضل مبادراته تعزز التكامل بين الدول اليسارية في أمريكا اللاتينية ، كما بات التيار اليساري يتمتع بقوة قيادية هناك، حيث تتولى أحزاب يسارية القيادة في أكثر من عشر دول بالقارة ومنها الإكوادور وتشيلي وكوبا".

وأشار شو شي تشنغ إلى أن "العلاقات بين فنزويلا وكوبا على الأخص قد تتأثر بوفاة تشافيز، ولكن إذ ا ترشح مادورو وفاز بالانتخابات، فلن تتغير العلاقات بين البلدين بشكل كبير".

كما يرى بعض المحللين أن وفاة تشافيز ربما تؤثر على التحالف البوليفاري الذي يضم عددا من دول منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي، والذي بادر بفكرته تشافيز بهدف تعزيز التكامل في المنطقة.

وحول تأثير وفاة تشافيز على العلاقات الصينية-الفنزويلية، قال يوان دونغ تشن الباحث بمعهد دراسات أمريكا اللاتينية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، قال إن "السياسة الخارجية لفنزويلا بشكل عام ستعتمد على خليفة تشافيز. ولكن علاقات فنزويلا مع كل من الصين وروسيا لن تشهد تغيرا كبيرا إذا ما تولى مادورو اليساري أو المعارض إنريكي كابريليس السلطة لأن التعاون الاقتصادي بين الصين وفنزويلا سلس، وليس من السهل على من يتولى القيادة في كاراكاس أن يشرع في إلغاء اتفاقيات التعاون القائمة بين البلدين.

/مصدر: شينخوا/

تعليقات