نشرت " صحيفة الشعب اليومية" فى طبعتها الدولية الصادرة يوم الثلاثاء الموافق 11 يوليو الحالى تعليقا تحت عنوان " الوعى الثقافى للعالم المتعدد الجوانب " . وفيما يلى موجزه :
ترى غالبية دول العالم فى غمار موجة متدفقة من العولمة ان الوقائع قد برهنت على ان السيطرة على كل العالم بمحض الاعتماد على القوة العسكرية الامريكية لا يمكن نجاحها بل تثير مقاومة اكبر ضدها وتودى بحياة مزيد من الناس. ولذا يجب ايجاد عولمة اخرى الا وهى عولمة تتسم بالتوازن متعدد الاقطاب والبقاء المشترك للثقافات المتعددة والتعايش المتناغم للامم المختلفة اى ما طرحته الصين حاليا من دعوة الى بناء " عالم متناغم ".
وان المسألة المحورية المتعلقة بكيفية بناء الثقافات العالمية المتعددة وحماية الايكولوجيات الثقافية المتنوعة ومقاطعة الهيمنة الثقافية والاحادية الثقافية ,هى مسألة خاضة للوعى الثقافى وذلك لان السياسة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا كلها تعتمد على " وضع الانسان فى المقام الاول " لكن الانسان لا يبتعد بالاخرى عن ثقافات معينة.
وقد اشار العالم الاجتماعى الصينى المشهور فى شياو تونغ الى : " حياة وموت الثقافة تختلفان عن حياة وموت الاحياء اذ لها قانونها الذاتى ولها جينها الذاتى اى انه لهما بذور .... والبذور هى اساس الحياة ولولا هذه البذور التى تقدرعلى استمرارها لما كانت هناك الحياة . واما الثقافة فهى كذلك اذ انها اذا ابتعدت عن الاساس وعن التاريخ والتقليد فلا يمكنها ان تتطور. ولذا فان التاريخ والتقليد هما جذور وبذور لاستمرار ثقافتنا ." وان الحفاظ على تاريخ وتقليد الثقافة الواحدة بصورة مبادرة وواعية وتمكينهما من الاستمرار والتطور ,هما بمثابة اول معنى يجسد الوعى الثقافى .
ولاجل هذين الاستمرار والتطور يجب العمل على خلق ظروف تجعل البذور تتفتح وتثمر طالما لم تقدر الاخيرة على ذلك. وكان العالم الاجتماعى فى شياو تونغ يرى على قيد حياته ان اندماج التقليد بالابتكار لهو ملف مهم للغاية "لان التقليد اذا فقد الابتكار فهو سيموت ولا يمكن ان يحصل التقليد على الحياة الا عبر الابتكار المطرد". وان الوعى الثقافى ينطوى على اتجاهات الماضى والحاضر والمستقبل كما يجب فهذا الوعى الثقافى لا يعود الى الماضى بل يواجه الوقائع بالضرورة. ودعانا العالم الاجتماعى فى الى التعلم من الغرب بحيث يجب علينا ان نتعلم خبراته الحالية ليس ذلك فحسب بل نتعلم ايضا خبراته فى المرحلتين الاولية والمتوسطة من تطوراته . وبالطبع لا يمكنا ان ننقل الخبرات الغربية حرفيا ومن دون تغيير بل يجب علينا ان نسلك طريقنا الخاص. وان " اندماج التقليد بالابتكار هذا للنظر للمستقبل " لهو بمثابة معنى ثان للوعى الثقافى .
وعلاوة على ذلك يجب علينا ايضا ان نعير اهتماما خاصا للظروف الخارجية الحالية وهذه ما لم نواجهه من قبل فى اى عهد مضى .وان واقع العولمة فى حاجة الى بعض نظم السلوك وقواعد الثقافة الملتزم بها الجميع ولا يمكننا ان نصم اذاننا عن هذه النظم والقواعد بل علينا ان نتقنها ونتمكن منها وان نفكر فى ايجاد ثقافتنا الوطنية بالذات فى هذه الظروف الجديدة حيث نعرف اهمية بقاء الثقافة الصينية وندرك ما هى المساهمات التى قد تقدمها الثقافة الصينية لتطورات العالم المستقبلية وهذا بمثابة معنى ثالث للوعى الثقافى .
ويمكن القول اجمالا ان معرفة وفهم وشرح تاريخ ثقافتنا الوطنية وربطها بالواقع واحترام وامتصاص خبرات ومحاسن الثقافات الاخرى وبناء بيئة ثقافية جديدة سويا مع الثقافات الاخرى , كل ذلك ما نقوله من وعى ثقافى .
/ صحيفة الشعب اليومية اونلاين /