دعا وزير الصحة الصينى تشن تشو الى احترام الطب الصينى التقليدى الذى يتشكك بعض الاشخاص فى قيمته العلمية.
وقال تشن، وهو عالم فى ابحاث الدم تلقى تدريبه فى باريس، فى بكين يوم الاثنين فى منتدى للصحة "إن اى عالم حكيم لا ينبغى ان يحكم على الطب الصينى التقليدى بصورة متسرعة ما لم يتفهم معناه ومميزاته ونظرياته الجوهرية".
ادلى تشن بهذه التصريحات وسط نقاش مستمر عن قيمة وفعالية الممارسات الطبية للطب الصينى التقليدى الذى يرجع الى آلاف السنين والمتأصل بشدة فى الثقافة الصينية.
قبل فترة طويلة من بدء علم الطب الحديث، طور الصينيون نظريات معقدة بشأن علاج الامراض. وترجع المدونة الكلاسيكية الطبية الصينية الاولى -- قواعد الامبراطور الاصفر للأدوية- الى ما بين عام 403 قبل الميلاد وعام 221 قبل الميلاد.
وتكونت الادوية من مكونات طبيعية مثل نباتات برية واجزاء حيوانية واستخدم اطباء الطب الصينى التقليدى ادوات بسيطة مثل الابر الصينية لعلاج المرضى.
ولكن فى منتصف القرن الـ 19، انخفض استخدام الطب الصينى التقليدى بسبب الاقبال الآخذ فى التزايد على الطب الغربى. وتم على نحو رسمى حظر الطب الصينى التقليدى لفترة من الوقت تحت حكم حزب الكومينتانغ.
وعقب تأسيس جمهورية الصين، اعيد تأهيل الطب الصينى التقليدى وتم تطويره جنبا الى جنب مع الطب الغربى. وتقدم حوالى 3 آلاف مستشفى فى الصين علاجات بالطب الصينى التقليدى لما يقرب من 234 مليون مريض سنويا.
ان الطب الصينى التقليدى، بالرغم من شعبيته، لا يستخدم على نطاق واسع فى نظم الرعاية الصحية بالخارج ويواجه نقدا فى الداخل. ومن بين الاتهامات الموجهة اليه، يقول النقاد ان نظريات الطب الصينى التقليدى تفتقر الى ادلة علمية وان ادويته غير فاعلة وفى بعض الحالات تكون غير آمنة.
اندلع نقاش فى انحاء البلاد بشأن بقاء الطب الصينى التقليدى العام الماضى عقب قيام اكاديمية كبرى بنشر اقتراح على الانترنت يقول إنه لا يجوز ممارسته الان فى المستشفيات.
وقوبل الاقتراح، الذى قدمه تشانغ قونغ ياو الاستاذ فى جامعة جنوب وسط الصين، بمعارضة شديدة من وزارة الصحة. وذكر متحدث "ان الطب الصينى التقليدى يعد مكونا اساسيا وهاما فى قطاع الصحة فى الصين". وقال الكثير من المعارضين الغاضبين إن افكار تشانغ "تجاهلت التاريخ وقد تقتل الثقافة الصينية".
واعترف الوزير تشن بأن الطب الصينى التقليدى بحاجة الى تحسين نفسه والتحرك مع العصر لانه ظل قائما على الخبرة والجدل الفلسفى لفترة طويلة.
ولكنه قال إن الاختلافات الثقافية تعنى ان الطب الصينى التقليدى مختلف تماما عن الطب الغربى. وذكر " ان الخبرة والغريزة هما سبيلا المعرفة الرئيسية فى الثقافة الشرقية ولكن فى الغرب يعتمد الناس بصورة اكبر على التجربة والتعليل".
واوضح تشن، وهو يعقد مقارنة بين الرسم بالزيت النابض بالحياة الكلاسيكى الغربى والرسم التقليدى الصينى للمناظر الطبيعية، ان الطب الغربى يركز بصورة اكبر على التفاصيل الواضحة للمكونات، بينما يميل الطب الصينى التقليدى الى تقديم صورة مبهمة للكل.
وقال الوزير إنه بالرغم من الاختلافات، الا ان النظريتين الطبيتين تشتركان ايضا فى الكثير من الاوجه المتماثلة فى المفاهيم الاساسية.
وذكر "ان الطب الصينى التقليدى يؤمن بتناغم الانسان مع الطبيعة، وهو امر يتماثل الى حد ما مع النظريات الغربية للعلاقة بين الصحة والبيئة; ويؤكد الطب الصينى التقليدى على ان التشخيص والعلاج ينبغى ان يقوما على اساس تحليل شامل للمرض وحالة المريض، فى حين نجد انه فى الطب الغربى تستخدم دراسة كيفية تأثير الجينات على الطريقة التى يستجيب بها الانسان للادوية لايجاد العلاج الاكثر فعالية للمرضى...".
وقال تشن إن احدى الظواهر الملحوظة هى ان المستوى المرتفع للتخصص داخل الطب الغربى ادى الى "تهشيم" النظام الطبى ككل واجراءات العلاج.
وأضاف "ان جميع الامراض المعقدة تقريبا تتأثرت بعوامل عديدة... وفى ظل نظام التشخيص والعلاج التجزيئى، نفقد الكثير من الفرص للحصول على علاج بسيط وتحقيق تدخل مبكر".
وحث الوزير العلماء على تحطيم العائق بين الطب الصينى التقليدى والطب الغربى من اجل تطوير علم طب جديد فى القرن الحادى والعشرين يمكن ان يدمج مميزات الطبين معا.
وقال تشن "اذا تمت تعزيز دراسة وتطوير المفاهيم الجوهرية للطب الصينى التقليدى مثل النظرة الشاملة واسلوب الوقاية والعلاج القائم على اوضاع المرضى، فمن المحتمل ان يكون للطب الصينى التقليدى تأثير بعيد المدى على نظام الطب الحديث والسياسات الطبية وصناعة المستحضرات الدوائية وحتى القطاع الاقتصادى ككل". /شينخوا/