بكين 12 ديسمبر 2012 / على الرغم من أن النزاعات على الأراضي بين الدول ليست أمرا غير مألوف، جذبت النزاعات البحرية الأخيرة بين الصين وبعض جيرانها انتباه العالم، حتى أن البعض زعم أن الصين الصاعدة بشكل غير مسبوق تسعى إلى "الهيمنة"، وهي وجهة نظر لا أساس لها من الصحة.
وتؤكد السياسة الخارجية للصين، كما أوضحها المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني الذي عقد الشهر المنقضي، تؤكد على التعايش السلمي والتعاون من أجل تحقيق نتائج تقوم على الكسب المتكافئ، في حين تدرك الصين جيدا أن مصالح الدول متشابكة إلى حد كبير.
-- طفرات تجارية رغم النزاعات على الأراضي
سارعت بعض وسائل الإعلام الغربية في تشبيه النزاعات الأخيرة بين الصين وعدد من جيرانها حول أراضيها في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، بـ "عملاق متعجرف يلوح بقبضته تجاه جيرانه الضعفاء المذعورين".
بيد أن كلمات وتصرفات الجانب الصيني تظل تحمل طبيعة دفاعية وليست هجومية. والصين، التي استفادت كثيرا من البيئة السلمية التي سادت على مدار العقود الثلاثة الماضية، ملتزمة بشدة بحل النزاعات الدولية عبر السبل السلمية، وتعارض الاستخدام العشوائي للقوة، ولم تؤجج أيا من تلك النزاعات البحرية.
وكانت النزاعات بين الصين واليابان على جزر دياويو، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية منذ قديم الأزل، كانت قد اندلعت بعدما قام الجانب الياباني بسلسلة من الأعمال الاستفزازية، بما فيها الخطوة التي اتخذتها الحكومة اليابانية والمتمثلة في "شراء" الجزر رغم المعارضة القوية من قبل الصين.
وفي هذا السياق، قال تشو شينغ، رئيس معهد الصين للدراسات الدولية، وهو مؤسسة بحثية تابعة لوزارة الخارجية الصينية، قال إن الصين لا ترغب في أن ترى الوضع وهو يخرج عن السيطرة، ولكن الأمر يعود بالكامل إلى الجانب الياباني.
ويتمثل موقف الصين في محاولة حل النزاعات على الأراضي بشكل لائق عن طريق الحوار والمفاوضات.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ ليي قد أكد مؤخراهذا الموقف، وقال إن الصين "تصر على أن جميع النزاعات ذات الصلة مع دول مجاورة يجب أن تحل عبر المفاوضات والمشاورات الودية".
وعلى الرغم من التوتر في البحار، حققت العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين ودول آسيوية أخرى طفرات على مدار العقد الماضي. وارتفع حجم التجارة بين الصين والبلدان الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بواقع أربعة أضعاف في الفترة بين عامي 2001 و2011.
ومن ناحية أخرى، أعلنت دول آسيان والصين وخمس دول أخرى في منطقة آسيا - الباسيفيك في سلسلة من اجتماعات قادة شرق آسيا في نوفمبر المنصرم، أعلنت عن قرار بإطلاق محادثات حول اتفاقية إقليمية للتجارة الحرة قد تصبح الأكبر في العالم إذا ما اكتملت.
وتدعم الصين بنشاط الجهود الرامية إلى تشكيل شراكة اقتصادية إقليمية شاملة.
-- العلاقات الصينية - الأمريكية تواجه عدة اختبارات
عندما ظهرت بكين وواشنطن تنتهج استراتيجية التوجه نحو آسيا في نفس قاعة المؤتمر لحضور قمة للآسيان الشهر الماضي، شعر البعض بالقلق من ان يكون الباسيفيك صغير جدا لدرجة أنه لا يمكن أن يستوعب طموحات القوتين الكبريين.
فقد واجهت العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، التي تعد بوضوح أحد أهم العلاقات الدينامية في العالم، عدة اختبارات في العامين الماضيين حيث تحاول بكين وواشنطن جاهدتين إدارة خلافاتهما وتعزيز الشراكة التعاونية الصينية - الأمريكية القائمة على الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة.
وتعهد مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني بأن تحسن الصين علاقاتها مع الدول المتقدمة وتعمل على تنميتها من خلال توسيع مجالات التعاون ومعالجة الخلافات معها على نحو ملائم.
ويقول المحللون إن هذا "النوع الجديد من العلاقات" الذي اقترحته الصين يتسم بالتعاون متكافئ الكسب والثقة المتبادلة والتفاعل المواتي ونبذ الفكرة التقليدية المتصلة "بلعبة المعادلة الصفرية" وعقلية الحرب الباردة.
وشبه الخبير تشيوي الفرص والمنافع الناتجة عن نوع جديد كهذا من العلاقات بوليمة يحضرها عدد غفير من الضيوف. وتعتقد الصين انه لابد من طهى المزيد من الطعام للحضور وعدم ترك القادمين لحضور الوليمة يتزاحمون على الطعام مع بعضهم البعض.
وأضاف ان "العالم كبير بدرجة تكفي لتستوعب كل من الصين والولايات المتحدة بطرقهما المختلفة في التنمية".
وبالاضافة لذلك، يقول الخبراء إن الصين لديها إدراك قوي بضرورة ربط مصالحها الخاصة بمصالح العالم كما ثبت خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني عندما نشرت مقولة إن "البشرية ليس أمامها سوى أرض واحدة لتعيش عليها، والبلدان ليس أمامها سوى عالم واحد لتتقاسمه".
التقدم العسكري للصين لا يشكل تهديدا:
إن صورة المقاتلة الصينية "جى -15" الصينية وهى تهبط على ظهر حاملة الطائرات لياونينغ دليل على أحدث تقدم احرزته الصين في التكنولوجيا العسكرية.
ويقول بعض النقاد إن الصين قد تنوى، على المدى الطويل، توسيع نطاق قوتها العسكرية بميزانية عسكرية أكبر.
ولكن دينغ يي فان الباحث بمركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة الصيني قال إن زيادة الميزانية العسكرية للصين لا يعكس سوى اقتصادها المتنامي.
وذكر دينغ أن "الصين لم تغير قط هدف تنميتها العسكرية أو اتجاهه".
وأشار المحللون أيضا إلى ان التحديث العسكري للصين دفاعى في طبيعته. وان الصين، باعتبارها قوة اقتصادية عالمية، لديها عدد هائل من الحارات البحرية الاقتصادية التي ينبغى عليها حمايتها. وللصين لديها من المبررات ما يجعلها تطور قدراتها العسكرية لحماية سيادتها وحماية مصالحها الشاسعة حول العالم.
وذكر قنغ يان شنغ المتحدث باسم وزارة الدفاع الوطني الصينية أن الأمن الإقليمي للصين يواجه في الوقت الراهن تحديات معقدة ومتنوعة. وإن حماية أمنها القومي والحفاظ على مناخ خارجي ملائم يعد شرط مسبقا كى تحقق الصين هدفها الاستراتيجي ببناء مجتمع رغيد العيش على نحو شامل.
وأشار الخبراء أيضا إلى ان تطور الأسلحة في الصين يمكن أن يسهم في السلام والاستقرار الإقليميين حيث تلعب الصين دورا نشطا في مهام الأمم المتحدة لحفظ السلام وانضمت إلى الجهود الدولية لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال.
وذكر الباحث دينغ أنه عندما تمتلك الصين جيشا أكثر توازنا وقوة، سيكون الوضع الإقليمي أكثر استقرارا حيث لن تجرؤ مختلف القوى التي تهدد السلام الإقليمي على الاقدام على أى عمل متهور.
/مصدر: شينخوا/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn