بكين   ثلج خفيف -2/-5 

صور ساخنة

أخبار متعلقة

  1. الحياة في الصين: أسئلة وإجابة
  2. أخبار باللغتين الصينية والعربية 双语新闻

تقرير سنوي: خبراء صينيون: الشرق الأوسط ينشد الاستقرار وسط حالة من الفوضي وعدم اليقين سادت عام 2012

2012:12:20.08:16    حجم الخط:    اطبع

بقلم نبيه هوانغ ونجوى كان

بكين 19 ديسمبر 2012 (شينخوا) لقد باتت منطقة الشرق الأوسط بؤرة ساخنة تلفت انتباه الجميع من كل بقاع الأرض، إذ تضرب الفوضى جنباتها ولا توجد في الأفق أية علامات على انفراجة قريبة لما يعج بها من أزمات. ومنذ عام 2012 والمنطقة تشهد اضطرابات سياسية واقتصادية: فمازالت مصر تنشد الاستقرار والرخاء وعملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية تقف في طريق مسدود والأزمة السورية تستعر وتزداد حدة ... فإذا كان ذاك حال عام اوشك على الانتهاء... فماذا يحمل المستقبل في جعبته للدول العربية حتى تخرج من كبوتها؟

سوريا: الوقت العدو الأكبر لحكومة الاسد

مع وقوف الأزمة السورية على أعتاب شهرها الـ 22 وتصاعد حدة المواجهات، تشير الدلائل إلى أنه لا المعارضة يمكنها إنهاء المعركة عسكريا ولا قوات الأمن والجيش يمكنها تحقيق انتصار حاسم، إذ يصعب على الأول التغلب على الأخير ويستحيل على الأخير إبادة الأول في غضون فترة زمنية قصيرة.

ورغم ذلك, أعرب الخبراء الصينيون عن اعتقادهم بأن السلطات السورية اشبه بقلعة رملية ستنهار عاجلا أم آجلا .

فقد قال هوا لي مينغ سفير الصين السابق لدي بعض الدول العربية في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إن الحكومة السورية تملك بوجه عام اليد العليا في القتال مع المعارضة ولكن الفارق بين الطرفين بدأ بوجه خاص يتقلص تدريجيا, لذلك يشكل الوقت العدو الأكبر للحكومة السورية.

وأشار هوا لي مينغ إلى أنه بفضل ما تحظى به السلطات السورية من قوة عسكرية ضخمة ودعم اجتماعي واسع من حزب البعث الاشتراكي، فلا شك في أن حكومة بشار الأسد ستحافظ على الحكم لبضعة أشهر أو حتى عام ولكنها لن تستطيع السيطرة على الوضع لأمد طويل في بلد بات فيه الحراك الاقتصادي والاجتماعي متوقفا تماما.

وأضاف قائلا إن "قوة السلطات السورية آخذة في التلاشى مثلما تتسرب الرمال من بين أصابع اليد، وهكذا باتت تدرك أن الوقت لن يكون في صالحها".

وشاطر ين قانغ، الباحث في معهد دراسات شؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية , الفكرة نفسها قائلا إن التصريحات التي أدلى بها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع مؤخرا واستبعد فيها إمكانية تحقيق نصر حاسم على المعارضة تمثل تراجع السلطات عن موقفها المتشدد ورغبتها في تخفيف حدة الأزمة.

ولفت ين قانغ إلي أن تصريحات الشرع خير دليل على أن دمشق تدرك مدى الحاجة الملحة لحل الأزمة في أسرع وقت ممكن.

وفي الوقت ذاته, قال هوا لي مينغ إن الدعم السياسي والاقتصادي الأمريكي للمعارضة والضغوط العسكرية من الناتو على السلطات السورية تعزز من تضييق الفارق بين الحكومة والمعارضة وتزيد الأزمة تعقيدا. وتوقع المحلل تواصل تدفق المساعدات السياسية والاقتصادية والعسكرية للمعارضة من دول عربية وغربية على حد سواء مستقبلا .

وفي ضوء انقسام المجتمع الدولي تجاه القضية السورية، إذ اعترف الرئيس الأمريكي باراك أباما مؤخرا بائتلاف المعارضة السورية ممثلا شرعيا للشعب السوري فيما لا تزال روسيا تؤازر بشار الأسد ، ذكر هوا لي مينغ أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متمسك تماما بموقفه حيال الأزمة السورية وذلك على نحو مغاير لنهج روسيا إزاء القضية الليبية عندما تخلت في نهاية المطاف عن العقيد الراحل معمر القذافي.

وذكر المحلل السياسي هوا لي مينغ أن جهود روسيا برمتها تهدف في المقام الأول إلى حماية مصالحها في سوريا وليس الإبقاء على الأسد في السلطة بغض النظر عن التكلفة.

مصر: انقسام شديد في الشارع ومسؤولية كبرى كأمة عظيمة

منذ أن اصدر الرئيس المصري محمد مرسى إعلانا دستوريا في الـ22 من نوفمبر وقرارا جمهوريا في الـ 12 من ديسمبر بأجراء الاستفتاء على مشروع الدستور على مرحلتين، تشهد مصر احتجاجات تعد الأكبر من نوعها منذ الإطاحة بنظام مبارك في السنة الماضية.

ورغم أن نسبة تأييد مشروع الدستور في المرحلة الأولي بلغت 56.5 في المائة ووجود احتمال كبير في الموافقة عليه في نهاية المطاف، إلا أن المحللين الصينيين يقولون إن "الخلافات الناجمة عن الدستور بين التيارين الليبرالي والإسلامي مزقت البلاد وافضت إلى حالة شديدة من الانقسام السياسي".

وقال وو سي كه المبعوث الصيني الخاص لمنطقة الشرق الأوسط إن "مصر تمر حاليا بمرحلة انتقالية صعبة ودقيقة، يجرى فيها اختبار القوة بين مختلف الأطراف سعيا لتحقيق المكاسب والمصالح. ولا يعني تمرير الدستور بالضرورة أن حدة الخلاف بينهم ستهدأ سريعا".

وأكد وو سي كه في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) أن جماعة الإخوان المسلمين تسعي من جانبها الى تعزيز صعودها على الساحة السياسية المصرية مستندة في ذلك إلى شعبيتها نتيجة الباع الطويل لها في الأعمال الخيرية والأنشطة الاجتماعية ، فيما ستواصل المعارضة المصرية ابداء استيائها من النمط السياسي الحالي في البلاد وتعبر عن ذلك عن طريق مواصلة المظاهرات والاحتجاجات.

وقال وو بينغ بينغ, نائب مدير قسم اللغة العربية بجامعة بكين, إن الصراع بين السلطة والمعارضة قد يستمر بعد الاستفتاء, موضحا ان "المشكلة الرئيسية في مصر تتمثل في أن السلطة لديها قاعدة شعبية عريضة وتحقق أهدافها تدريجيا, وليس لديها ما يدفعها إلى إجراء حوار مع المعارضة بغية التوصل إلى توافق, في حين من المستحيل تقريبا أن تتخلى المعارضة عن سعيها السياسي. وبهذا قد تتزايد هوة الخلافات بين الطرفين".

وفي الوقت ذاته, استبعد خبراء صينيون تفاقم وتدهور الوضع إلى حد لا يمكن السيطرة عليه. وقال وو سي كه إن الشعب المصري يرغب دوما في الاستقرار السياسي وتسريع المرحلة الانتقالية ولا يريد مطلقا استمرار الخلافات والصراعات والأوضاع المتوترة.

ومن جهة أخري, أكد محللون صينيون على أهمية الدور الذي يطلع به الجيش المصري لتفادى إنزلاق البلاد إلى هاوية خطيرة.

فقد قال هوا لي مينغ إن الجيش المصري يفضل على ما يبدو البقاء بعيدا عن الحياة السياسية وعدم التدخل في الصراع بين المعارضة والسلطة. ولكن ذلك لا يعنى انه سيقف مكتوف الأيدي اذا ما تفاقم الوضع.

وعلى صعيد السياسات الخارجية, أكد وو سي كه أن مرسي ابدى مرونة في هذا المجال منذ أن وصل إلى سدة الحكم، قائلا إن حفاظ حكومة مرسي على العلاقات الحساسة مع الولايات المتحدة واضطلاعها بدور إيجابي في القضايا الإقليمية خير دليل على ذلك. وقال وو سي كه إن مرسي عمل على تعزيز الدبلوماسية المصرية ومكانة مصر في المنطقة وحرص على التمسك باتفاق السلام مع إسرائيل.

وفي هذا الصدد, قال المحلل إن مصر لم تفوت أي فرصة لإظهار دورها كقوة كبيرة في المنطقة، مؤكدا أن مكانة مصر ارتفعت عاليا بعد نجاحها في التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

فلسطين: نجاح على الصعيدين العسكري والدبلوماسي

في ظل استمرار الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس), شهد العاشر من نوفمبر الماضي تصاعدا شديدا في أعمال العنف بين الجانبين، إذ أطلق المسلحون في قطاع غزة صواريخ على إسرائيل التي أعلنت من جانبها بدء عملية "عمود الدفاع" ردا على ذلك، وبعد 8 أيام عصيبة من العنف الدامي، تم التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار بين الجانبين. ورغم أن هذه الاحداث لم تغير وضع المجابهة بين إسرائيل وفلسطين بشكل عام، إلا أنها أثرت على العلاقة بين الجانبين والعلاقة بين حركة حماس وحركة فتح.

وفي هذا الصدد، قال وو سي كه إن إسرائيل وحماس حققتا أهدافهما المقصودة بعد الاشتباكات العنيفة، إذ يرى أن تنفيذ عملية "عمود الدفاع " يرجع إلى رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في اظهار سياساته المتشددة تجاه الفلسطينيين ليجذب تأييد السواد الأعظم من الناخبين مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في بداية 2013.

وأشار وو سي كه إلى أن إسرائيل تحافظ على الصمت الاستراتيجي منذ بدء الربيع العربي حيث لم يتضح لها بعد ما إذا كانت الاضطرابات في المنطقة ستصب في صالحها أم لا وهى تشهد سقوط الأنظمة العربية الواحدة تلو الأخرى, مضيفا أن موجة الديمقراطية في العالم العربي تتفق مع الأيديولوجية الإسرائيلية ولكن اسرائيل مازالت تنظر بعين الريبة للسياسات التي ستنتهجها الأنظمة العربية الجديدة تجاهها.

ويعتقد وو سي كه ان عملية عمود الدفاع هدفت بالأساس إلى تدمير قدرة حماس على اطلاق صواريخ على إسرائيل، بالاضافة إلى أنها كانت اختبارا لسياسات الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية-الاسرائيلية وادركت إسرائيل من خلالها مواقف الدول العربية تجاه حماس والقضية الفلسطينية.

وبالنسبة لحماس, قال وو سي كه إنها كسبت حصادا سياسيا وارتقت مكانتها في الساحة الدولية. ولفت الدبلوماسي الصيني الى أن ما حدث قبل وبعد عملية "عمود الدفاع" يختلف تماما عما حدث جراء عملية "الرصاص المصبوب" الإسرائيلية في نهاية عام 2008 والتي تعرضت بعدها حماس لعزلة دولية.

وقال هوا لي مينغ إن القدرة الكبيرة التي ابدتها حماس في المواجهة أمام إسرائيل ونجاح السلطة الوطنية الفلسطينية في رفع تمثيلها بالأمم المتحدة من "كيان" إلى "دولة مراقب غير عضو" قد يسهمان في تخفيف التوترات بين حماس وفتح اللتان تسيطران على الضفة الغربية وغزة. ولكن المحلل يقول إن اصلاح العلاقات بين الحركتين الفلسطينيتين ليس بالأمر الهين وإن حالة الانقسام بينهما قد تستمر في عام 2013.

ليبيا: فترة انتقالية مريرة بعد حقبة القذافي

بعد مقتل معمر القذافي قبل عام، ابدت الولايات المتحدة تفاؤلا ازاء مستقبل ليبيا نظرا لما تذخر به من موارد نفطية هائلة ونخبة سياسية كبيرة فيما أخذت الحكومة الليبية تعمل على إعادة بناء النظام الاجتماعى وحققت بعض الانجازات، منها على سبيل المثال إجراء الانتخابات العامة في يوليو الماضي وتأسيس الأجهزة الوطنية واعطاء دفعة للاقتصاد وزيادة حجم انتاج النفط.

ولكن رغم تلك الانجازات، لا يمكن تجاهل الوضع الحقيقي الليبي، ولا سيما بعد مقتل السفير الأمريكي لدى طرابلس كريستوفر ستيفنز خلال هجوم شنه مسلحون ليبيون على مقر القنصلية الأمريكية في بنغازي في 11 سبتمبر الماضي.

وفي تحليل للخطر الذي تواجهه التنمية المستقبلية لليبيا، قال ليو تشونغ مين مدير معهد الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الأجنبية بشنغهاي إن ليبيا دخلت فترة حساسة من مرحلتها الانتقالية، تنتهز خلالها المجموعات المتطرفة الفرصة للتسلل إلى الداخل البلاد ، ما سيعمل على عرقلة تنميتها.

وأشار يوي قوه تشينغ, الباحث في معهد دراسات شؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية , إلى أن الحكومة الليبية لا تستطيع حتى الآن السيطرة على المجموعات المتطرفة، ما يؤدى إلى انتشار الأسلحة ويزيد الوضع السياسي سوءا. وفي نفس الوقت، يرغب الشعب الليبي في تحسين مستوى معيشته ونيل حقوقه السياسية. وفي ضوء صعوبة ذلك في المرحلة الانتقالية ، من المحتمل أن يلجأ الشعب إلى وسائل متطرفة للتعبير عن مطالبه.

ومن ناحية أخرى، يعتقد ليو تشونغ مين أن هجوم بنغازى ومقتل السفير الأمريكي يرمزان إلى فشل الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة، الأمر الذي سيحفز الولايات المتحدة على إعادة النظر في دبلوماسيتها بالشرق الأوسط. ومع ذلك، يرى أنه من الصعوبة بمكان أن تغير الولايات المتحدة صورتها لدى الدول العربية رغم جهود أوباما في هذا الصدد.

ويوضح يوي قوه تشينغ رؤيته قائلا إن السياسات الدبلوماسية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط تواجه تناقضا، إذ ان سعي الحكومة الأمريكية إلى دفع عملية "الاصلاح الديمقراطي" في المنطقة، وهو "إصلاح ديمقراطي" يأتى على الطراز الأمريكي ، سيصطدم حتما مع العقائد والقيم المحلية المتأصلة هناك.

ويمكن القول إن لجوء الولايات المتحدة إلى القوة لدفع تنفيذ سياساتها الخارجية، مثلما حدث في ليبيا، كان له تأثيرات سلبية هائلة، لذا ينبغى عليها إعادة التفكير في جذور المشكلة سياسيا للحيلولة دون وقوع مآسى مشابهة لما حدث في بنغازي مستقبلا.

/مصدر: شينخوا/

تعليقات