بكين   ~ غائم 11/2 

مقالة: خبراء صينيون: المعارضة السورية تواصل ضغوطها وسط حيرة الغرب في التعاطي مع الأزمة

2013:02:27.10:12    حجم الخط:    اطبع


بقلم هاشم وانغ
بكين 26 فبراير 2013 / مع تسارع التطورات بشأن الملف السوري، أعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم بموسكو عن استعداد دمشق للحوار مع المعارضة فيما قرر الائتلاف الوطني السوري المعارض التراجع عن قرار تعليق أنشطته الدبلوماسية خارج البلاد وأعلن نيته المشاركة في "مؤتمر أصدقاء سوريا" الذي سيعقد في روما هذا الأسبوع بعدما لوح رئيسه معاذ الخطيب في وقت سابق بعدم المشاركة فيه.

ورغم ذلك، يعتقد الخبراء الصينيون بدورهم أن الأزمة السورية تمر في الوقت الراهن بمرحلة جمود، فالمعارضة السورية تسعى جاهدة إلى ممارسة ضغوط على المجتمع الدولي لكسب المزيد من الدعم فيما بات الغرب في حيرة من أمره بشأن كيفية التعاطي مع الأزمة ولا يستطيع سوى تقديم دعم محدود للمعارضة خشية تزايد نفوذ التنظيمات الأكثر تشددا وتطرفا في صفوفها، مشيرين إلى أن كفة ميزان الأزمة السورية لن تميل لصالح أى جهة على المدى القصير.

-- المعارضة ...ومواصلة ضغوطها على المجتمع الدولي
وحول إعلان الائتلاف في البداية عن تعليق مشاركته في المؤتمر ورفضه دعوات زيارة موسكو وواشنطن، أعرب تيان ون لين المتخصص في سياسات الشرق الأوسط بأكاديمية الصين للعلاقات الدولية المعاصرة عن اعتقاده بأن ذلك يرجع إلي سببين رئيسيين أولهما أن المعارضة السورية تشعر بقلق إزاء عجزها عن التغلب على الحكومة، إذ لم تحقق أية اختراقة ملحوظة في المعارك الضروس التي تخوضها ضد الجيش الحكومي.

وأضاف السيد تيان أن السبب الآخر هو أن المعارضة ترى أن الغرب لم يقدم لها دعما ملموسا يمكنها من تحقيق هدفها ألا وهو إسقاط النظام، لذا تسعى من خلال هذه التصرفات إلى فرض ضغوط على المجتمع الدولي كي تحصل على ما تبتغيه من أشكال الدعم .

ولفت تيان إلى أن ضغوط الخطيب آتت أكلها حيث قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن المؤتمر سيكون فرصة لاتخاذ قرارات "تتجاوز الكلام"، ما دفع الأول إلى إعلان نيته المشاركة في المؤتمر.

كما يرى تيان أن عدول الخطيب عن رأيه يرجع أيضا إلى رغبته في التواصل على نحو مستمر مع الغرب، وهى رغبة اتضحت جليا عندما قرر الائتلاف الوطني السوري في وقت سابق تشكيل حكومة مؤقتة في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، ما يتيح له إقامة قناة رسمية مناسبة للتواصل مع الغرب وتعزيز التماسك بين أطياف المعارضة في الداخل.

-- الغرب... حيرة وصعوبة في إيجاد حل للأزمة
ومع اقتراب الأزمة السورية من بلوغ عامها الثاني، لم تتوقف وتيرة العنف والمعارك في البلاد وتقول الأمم المتحدة إن نحو 70 ألف شخص قتلوا في هذا البلد العربي المضطرب فيما نزح عدد ضخم من اللاجئين السوريين إلى دول الجوار لتتفاقم الأزمة وتداعياتها مع مرور الأيام..

ويعتقد المحللون الصينيون أنه رغم أن جميع الأطراف ترغب في إنهاء الأزمة في أسرع وقت ممكن وتتعهد ببذل جهود بغية حلها، إلا أن الحرب الأهلية في سوريا أصبحت قضية بالغة التعقيد لدرجة يصعب على المجتمع الدولي حلها.

ومن جانبه، أعرب المحلل تشوي شينغ مدير المعهد الصيني للقضايا الدولية عن اعتقاده بأن استمرار الأزمة الطاحنة في سوريا قد يسفر عن آثار لا يستهان بها على الدول الغربية ويعرقل تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف السيد تشوي أن الغرب يضطر إلى تقديم دعم محدود لا ينال رضا المعارضة خشية تزايد نفوذ التنظيمات الأكثر تشددا واستمرار التوترات في هذا البلد العربي المضطرب، بل ويفكر مرتين قبل اتخاذ أى قرار حول الأزمة.

وحول حيرة الغرب، قال تشوي إن صعوبة تمييز الجهاديين في صفوف مقاتلي المعارضة السورية مع تزايد نفوذ الإسلاميين في البلاد قد يشكل مستقبلا تهديدات أمنية على الدول الغربية التي قد تتضرر مصالحها إذا ما وقعت السلطة في أيدى هؤلاء الجهاديين.

ولفت إلى أن المعارضة تضم في صفوفها عدة جماعات مسلحة وأن الوضع قد يتحول إلى الفوضى ما لم تعمل تلك الجماعات على رص صفوفها، موضحا أن سوريا في غاية الأهمية من الناحية الجيوسياسية وترتبط بقوى إقليمية متعددة ويخشى الغرب من أن يفضى اسقاط النظام فيها إلى تدهور الأوضاع في المنطقة بأسرها.

-- على المدي القصير.. لن تميل كفة الميزان السورية إلى أى جهة
ومن وجهة نظر الخبراء الصينيين، فإن الأوضاع في سوريا لن تتغير بشكل جذري على المدى القصير، قائلين إن تسوية الأزمة تتطلب فهما عميقا وصبرا جميلا من جميع الأطراف عبر التفاوض والحوار.

ورجح المحلل السياسي تيان هذه الرؤية ، قائلا إنها ترتكز على سببين أولهما أن الحكومة السورية مازالت تسيطر على المناطق الجوهرية في البلاد ومن بينها العاصمة دمشق وأن الجيش الحكومي متماسك ولم يشهد ظاهرة انشقاقات كبيرة بين صفوفه، ثانيهما أن المعارضة لم تحقق مكاسب كبيرة على الأرض في ضوء الخلافات الشديدة التي تدب بين أطيافها وعدم قدرتها على التوصل إلى توافق فعال.

وعلى الصعيد الدولي، يرى تيان أن روسيا وإيران ثابتتان على موقفهما المؤيد للحكومة السورية، حيث تعد سوريا من ناحية أهم حلفاء روسيا في منطقة الشرق الأوسط ، ومن ناحية أخرى شريكا مهما لإيران حيث اكتسبت تبادلاتهما الاقتصادية والعسكرية أهمية خاصة في ظل العقوبات الغربية الصارمة المفروضة على نظاميهما.

وفي هذا الصدد، يعتقد تشوي أن هاتين الدولتين لن تتخليا عن الحكومة السورية بسهولة في ضوء ما قد تحمله الأزمة السورية من تأثير على نفوذهما ومصالحهما في المنطقة، ومن ثم قد لا يطرأ تغيير على إمكانية تسوية الأزمة على المدى القصير.

وأكد تشوي إن السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية، وذلك كما دعت الصين مرارا، يكمن في بدء فوري للمحادثات بين السوريين بما يتماشى مع اتفاقيات جنيف التي توصلت إليها القوى العالمية.


ملف خاص: تطورات الوضع في سوريا

/مصدر: شينخوا/

تعليقات