بكين   مشمس ~ مشمس جزئياً 11/-2 

مقالة: خبراء صينيون: مصر في ورطة... فما الأولويات الملحة أمام مرسى للخروج منها؟

2013:03:14.08:31    حجم الخط:    اطبع

بقلم: نجوى كان

بكين 13 مارس 2013 / شهدت الساحة المصرية مؤخرا سلسلة من الأحداث المؤثرة، إذ قضت محكمة القضاء الإداري بوقف إجراء الانتخابات البرلمانية وحكمت محكمة الجنايات بإعدام 21 متهما في قضية استاد بور سعيد ورُفعت حالة الطوارئ في محافظتي شمال وجنوب سيناء، ما يثير في الأذهان سؤال حول ما إذا كان مرسي سيتنحى عن منصبه وما أهم الأولويات الملحة أمامه للخروج من الأزمة في البلاد ؟

وبدورهم يرى المحللون الصينيون أن مصر تواجهه صعوبات جمة وهى تشق طريقها خلال المرحلة الانتقالية، ولكن ذلك من المستحيل أن يدفع مرسي إلى ترك منصبه، مشيرين إلى أنه سيظل يكافح من اجل التغلب على المعضلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بمصر المحروسة.

-- الفشل ... مصير محاولات الضغط على مرسي للتنحى

وقد أشار يو قوه تشينغ، خبير شؤون الشرق الأوسط بمعهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية ، إلى أنه رغم عجز البلاد عن إحداث الإصلاح المنشود وتراكم التناقضات الاجتماعية يوما بعد يوم وعدم تفاؤل المجتمع الدولي إزاء الوضع الداخلي في حقبة ما بعد مبارك، إلا أن تنحى الرئيس مرسي عن منصبه أمر مستحيل تماما ولا سيما وأن المعارضة المصرية، التي تطالب بتشكيل حكومة إنقاذ وطني تضم جميع القوي السياسية، تقر علنا بالوضع القانوني لمرسي باعتباره أول رئيس مدني منتخب وصل إلى سدة الحكم عبر صناديق الانتخاب.

وفي استمرارية لمحاولات وضع مزيد من الضغوط على كاهل النظام الحالي وخاصة مع الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الـ 6 من مارس بوقف تنفيذ قرار مرسي باجراء الانتخابات البرلمانية، لفت الخبير يو إلى أن الحكم يصب في صالح تخفيف حدة الوضع المتأزم داخل مصر، إذ أنه يتسق مع مطالبة جبهة الإنقاذ بتأجيل الانتخابات في ظل "أوضاع أمنية هشة تعم ربوع البلاد ودماء تسيل بين الفنية والأخرى ووضع اقتصادي ينذر بالخطر".

واتفق معه وانغ جينغ لاي ، مدير قسم شؤون الشرق الأوسط بالأكاديمية الصينية لدراسات شؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا، قائلا إن تأجيل الانتخابات ربما يخفف إلى حد ما من حدة الخلاف بين الحكومة والمعارضة ويجعل الأخيرة تعيد التفكير في كيفية تعاطيها مع الوضع المصري ككل، ما يتيح المجال لمرسي لإعادة ترتيب البيت الداخلي والبدء في تنفيذ برنامجه الانتخابي للتغلب على المشكلات وتحقيق آمال وتطلعات المصريين في حياة كريمة وعدالة اجتماعية.

ومن ثم، يعتقد وانغ إن محاولات إثارة الاضطرابات الداخلية من وقت لآخر لدفع مرسي إلى التنحي ستبوء بالفشل حتى مع تزايد حالة الانقسام والاستقطاب السياسي واستفحال المشكلات الاقتصادية.

-- العسرة الاقتصادية.. جذر الاضطرابات في الشارع المصري

وفي الوقت الذى باتت فيه مصر في أمس الحاجة إلى عودة اقتصادها للوقوف على قدميه، جاء حادث منطاد الأقصر ليصب الزيت على النار ويكبد السياحة المصرية، التي تعد مصدرا رئيسيا للدخل القومي، خسائر فادحة ويضربها في مقتل.

في هذا الشأن، أشار يو إلى أن الطريق الأساسي الذي ينبغي أن تسلكه الحكومة المصرية بغية تخفيف حدة التوتر الداخلي هو تحسين الأوضاع الاقتصادية، إذ أن انخفاض معدل النمو الاقتصادي ينعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية لرجل الشارع العادي ويؤجج مشاعر الغضب لدى من يعيشون تحت خط الفقر تجاه الحكومة، ما يفاقم من التناقضات الاجتماعية والسياسية.

ومن وجهة نظر يو، فإن المعضلة الاقتصادية التي تمر بها مصر حاليا هى جذر غيرها من المعضلات سواء كانت سياسية أم اجتماعية، مشيرا إلى أنه إذا أرادت الحكومة المصرية معالجة الأزمة الداخلية بنجاعة من جذورها، فعليها أن تنهض بالاقتصاد من عثرته وتدفع عجلة النماء والنمو وتعطى الأمل لشعب كادح تعب كثيرا ويتطلع الآن إلى جنى ثمار ثورته.

وفي الشهور الماضية، نشرت تقارير حول سعى مصر للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، غير أن أشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري قال مؤخرا إن بلاده لن تطلب من الصندوق قرضا سريعا، مضيفا أن معالجة عجز الميزانية يحتاج إلى إجراءات هيكلية.

وفي هذا الصدد، قال وانغ إن تحقيق إصلاحات هيكلية في غضون وقت قصير أمر غير واقعي سواء في مصر أو في بلدان أخرى، معربا عن اعتقاده بأن السبيل في الوقت الراهن إلى تحسين الوضع الاقتصادي هو المساعدات المالية الدولية في ضوء تأجيل مرسي لاتخاذ إجراءات تقشفية فعالة مثل زيادة الضرائب والإيرادات خشية تفاقم الاضطرابات الاجتماعية .

وأعرب وانغ عن اعتقاده بأن مصر تدور في "حلقة مفرغة"، موضحا أن الأثر الاقتصادي للاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد دفع وكالة "موديز" الشهر الماضي إلى خفض التصنيف الائتماني لخمسة بنوك مصرية، ما أثر سلبا على الاستثمارات الأجنبية المتجهة إلى مصر ودفع الصندوق إلى تأجيل منحها هذا القرض الهام.

ومن هنا، يتفق المحللون على أنه كلما اشتدت خطورة الوضع الاقتصادي المصري، تردد المجتمع الدولي في تقديم المساعدات للبلاد ، الأمر الذي يزيد الوضع الداخلي سوءا.

-- المشكلات الاجتماعية... انعكاس للوضع الاقتصادي

ووصف وانغ "مذبحة" بورسعيد التي وقعت خلال مباراة لكرة القدم بالدوري العام بين فريقي الأهلي والمصري البورسعيدي في فبراير العام الماضي وراح ضحيتها 72 قتيلا وقرابة 254 جريحا، وصفها بأنها "صورة مصغرة" للاضطرابات الاجتماعية في مصر، قائلا إن الغضب كان كامنا تحت الرماد وانفجر في بورسعيد والقاهرة على حد سواء إثر صدور أحكام قضائية بحق 73 من المتهمين في المذبحة.

ومن جانبه، قال يو إنه ينبغى ألا نضع "المذبحة" بمعزل عن الحالة السياسية المصرية بوجه عام، مشيرا إلى أن الاحتجاجات التي أعقبت صدور الأحكام تعكس تماما حالة الاستياء التي تغمر الشارع المصري وتؤرقه تجاه الوضع الاقتصادي والاجتماعي الداخلي، مضيفا أن تحقيق الأمن الاجتماعي وتوحيد صفوف القوي السياسية في مصر عاملان يكمل كل منهما الآخر، فتدهور الأمن الاجتماعي يسهم بقدر كبير في تزايد معدل الجريمة ويدفع الشعب تكلفته الباهظة ولاسيما وأنه يشكل مقوما هاما في حياة المجتمعات.

ويرى وانغ أن سعى الحكومة لتفعيل دور الشرطة لمنع الجريمة والحفاظ على الاستقرار وإعادة الطمأنينة لشوارع مصر العتيقة ليس سوى وسيلة مؤقتة لرأب الصدع والخلل الذى أصاب الأمن الاجتماعي ، ويعتقد أن هذه المسألة تتطلب تكاتف الجميع بحيث يعمل أبناء الشعب على وقف المظاهرات والاعتصامات والمطالبات الفئوية النابعة فى الأساس من ضعف الاقتصاد حتى يصبح المناخ مهيئا أمام الحكومة لوضع خارطة طريق لخفض معدل البطالة ورفع مستوى معيشة الشعب تدريجيا.

ويجمع المحللون علي أن الاقتصاد هو أكبر التحديات الصعبة وأهم الأولويات الملحة أمام مرسي كي يحقق انجازات ملموسة على الأرض يستشعرها المواطنون العاديون وتنطلق منها أرض الكنانة من "المرحلة الانتقالية " إلى مرحلة "النهضة".

/مصدر: شينخوا/

تعليقات