بقلم: هاشم وانغ
بكين 15 أكتوبر 2013/ "ثمة بوادر طيبة، ثمة آمال، ولكن هناك أيضا صخرة من التحديات المعقدة التي قد تتحطم عليها هذه البوادر والآمال" ... هكذا علق محللون صينيون على حال الملف النووي الإيراني الذي يخضع لمناقشات مستفيضة في جنيف بين طهران والقوى العالمية الكبرى.
ويرى محللون صينيون أن البوادر الطيبة، وبخاصة التقارب الأخير بين الولايات المتحدة وإيران، توفر بيئة جيدة للمحادثات ولمستقبل الملف ككل رغم التحديات المعقدة، متوقعين عدم تحقيق اختراقة في المحادثات الجارية في جنيف، ومؤكدين على دعم الصين الدائم للتسوية السياسية للقضية النووية الإيرانية.
بوادر طيبة ولا توقعات كبرى:
تستأنف إيران ومجموعة (5+1)، التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا، المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني في جنيف يومي 15 و16 أكتوبر الجاري.
وقبل المحادثات، التي تأتي بعد أعوام من الجمود، ظهرت بوادر طيبة أبرزها التقارب الأخير وغير المسبوق بين الولايات المتحدة وإيران، خاصة المكالمة الهاتفية الأخيرة والمهمة بين الرئيسين الأمريكي والإيراني، والتي كانت الأولى من نوعها منذ أكثر من 30 عاما، وتعهد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بفتح صفحة دبلوماسية جديدة مع القوى الغربية ومعالجة القضية النووية خلال عام، وكذلك إشارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى حق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
وفي السياق، قال هوا لي مينغ، سفير الصين السابق لدى إيران والخبير بشؤون الشرق الأوسط، إن "ثمة بوادر طيبة وآمال توفر بيئة جيدة لإجراء محادثات بشأن القضية الإيرانية ، لاسيما في ظل التقارب الأخير بين الولايات المتحدة وإيران، بصفتهما أهم جانبين في المحادثات، وبفضل الجهود الدبلوماسية من قبل الرئيس الإيراني حسن روحاني"، مضيفا أن كل هذه الأمور تعتبر "مؤشرا إيجابيا وبداية جيدة للمحادثات المقبلة، ولمستقبل الملف النووي الإيراني ككل".
وأشار هوا إلى إن العلاقات بين واشنطن وطهران حققت تقدما كبيرا بعد جهود الرئيس روحاني، وخاصة المكالمة الهاتفية مع أوباما, موضحا أن "الولايات المتحدة قدمت تنازلا حين اعترف ضمنا الرئيس الأمريكي أوباما، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بحق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية".
ويرى تيان ون لين، الباحث في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، أن "الأنشطة الدبلوماسية المعتدلة، التي قام بها روحاني منذ توليه منصب الرئاسة، وتعد نهجا مختلفا عن الذي اتبعه سلفه محمود أحمدي نجاد، أدت إلى التقارب الأمريكي - الإيراني، وتعتبر تمهيدا للمحادثات المقبلة".
ورغم هذه البوادر الإيجابية ، وبسبب صخرة التعقيد الشديد للقضية النووية الإيرانية ، لا يمكن توقع حلحلة خلال وقت قصير وفي مؤتمر واحد، وربما لن تؤدي المحادثات الجارية إلى اختراقة جوهرية، حسبما قال محللون صينيون.
وقال تيان إن "من الصعب أن تتمخض المحادثات المقبلة عن نتائج ملموسة"، مضيفا أن "الموقف المبدئي لطهران لم يتغير، رغم الأنشطة الإيجابية من جانب روحاني مؤخرا. وربما لن تقدم إيران تنازلات جوهرية أثناء المحادثات، ما قد يجعل واشنطن لا تشعر بالرضا"، مضيفا أن "روحاني عضو بالنظام الإيراني، ومن المؤكد أن هناك قيودا عليه من الأطراف المعنية، وإذ قدم كثيرا من التنازلات، فقد يقوض المصالح الوطنية الأساسية، ويواجه معارضة قوية من القوى المتشددة داخل إيران".
وأعرب هوا لي مينغ عن اعتقاده بأن نتائج المحادثات المقبلة ستكون "محدودة"، بسبب تعقيد الملف ووجود تحديات أمام جميع الأطراف.
صخرة التحديات:
يعتقد خبراء صينيون أن ثمة صخرة من التحديات تواجه جميع الأطراف في محادثات الملف النووي الإيراني، وبخاصة الولايات المتحدة وإيران، وفي مقدمتها الخلافات حول بعض النقاط الجوهرية.
وقال المحلل هوا لي مينغ إن المشكلة الرئيسية حاليا تتمثل في كيفية معالجة أنشطة تخصيب اليورانيوم، وخاصة التخصيب بنسبة 20 بالمائة، التي تعتبر قريبة جدا من الوصول إلى مادة إنتاج الأسلحة النووية، حيث ترفض إيران تماما وقف هذه الأنشطة وتؤكد على حقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وفي تخصيب اليورانيوم عند نسبة 20 بالمائة للاستخدام في المجال الطبي.
وأضاف هوا أن "موقف طهران في هذا الصدد بعيد عن رغبة الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، إذ تطلب دول الغرب من إيران وقف أنشطة التخصيب تماما ونقل اليورانيوم المخصب إلى الخارج".
وكان عباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين في المحادثات النووية، قد صرح يوم الأحد بأن بلاده لن تنقل اليورانيوم المخصب أو تتوقف عن أنشطة التخصيب، مضيفا "بالطبع سنتفاوض بشأن مستوى أو كمية التخصيب".
واجتمعت مجموعة (5+1) - بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة + ألمانيا - وإيران مرتين في ألماتي بقازاقستان في فبراير وإبريل الماضيين، لكن المحادثات انتهت بدون التوصل إلى نتائج ملموسة.
وخلال المحادثات السابقة، طلبت المجموعة من إيران وقف تخصيب اليورانيوم عالي التخصيب وإغلاق منشأة فوردو، حيث تصل نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمائة.
وفي المقابل، عرضت المجموعة رفع بعض العقوبات على صناعة البتروكيماويات وتجارة المعادن النفيسة في إيران. إلا أن طهران لم تقبل العرض، وحثتهم على رفع العقوبات كاملة.
ويعتقد تيان ون لين أن "إيران، في الحقيقة، ترغب بشدة في رفع العقوبات المفروضة على البنك المركزي، حيث تؤثر مباشرة على عائدات تصدير النفط، إذ تحسب تجارة النفط بالدولار الأمريكي. ويعد غياب هذه العائدات ضربة للاقتصاد الإيراني"، مشيرا الى أن "واشنطن، رغم أنها قدمت تنازلات، لن ترفع العقوبات على الهيئات الإيرانية المهمة بسهولة، وخصوصا في حالة عدم وجود تنازلات كافية من الجانب الإيراني".
الدور الصيني:
كعضو في مجموعة (5+1) وكواحدة من القوى العالمية الكبرى، تلعب الصين دائما دورا إيجابيا في الملف النووي الإيراني بهدف حلحلة القضية عبر السبل السلمية والتفاوض، ويستمر هذا الدور من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بأسرها، حسبما قال هوا لي مينغ.
وأضاف هوا أن "الصين تدعم دوما حلا سلميا للمسألة النووية الإيرانية عبر الحوار والتفاوض"، لافتا إلى أن "الصين تلعب دورا مهما كوسيط، وتتمسك بموقف ثابت في دفع المفاوضات، الأمر الذي يعزز تسوية الملف النووي الإيراني ويدفع تحقيق السلام في الشرق الأوسط والعالم قدما".
ومن ناحية أخرى، تدعم الصين دائما ضرورة وفاء إيران بالتزاماتها الدولية للحد من الانتشار النووي، وحقها في الوقت نفسه في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، على حد قول هوا.
وأشار هوا إلى أن "الصين تأمل أن تتمكن طهران من تعزيز الحوار البراغماتي مع مجموعة (5+1) وتحاول تحقيق تقدم ملموس في إيجاد حل شامل وطويل الأمد وملائم للقضية النووية".
ومثلما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ أثناء اجتماعه مع نظيره الإيراني في بيشكك مؤخرا، فإن "القضية النووية تعد قضية مهمة، إذ تتعلق بمصالح إيران والسلام والاستقرار الإقليميين"، مشيرا إلى أن"الصين مستعدة لبذل جهود بناءة لدفع المحادثات النووية الإيرانية قدما".
/مصدر: شينخوا/
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn