مقالة : تغيير سياسة الطفل الواحد المفتاح لنمو سكاني المتوازن

بكين 17 نوفمبر 2013/ اثار تغيير سياسة الطفل الواحد في الصين، والقائمة منذ عقود، نقاشات ساخنة، حيث يرى بعض خبراء الديموجرافيا ان هذا التغيير يعد خطوة للامام في اتجاه نمو سكاني متوازن.

سيسمح للازواج في الصين بانجاب طفلين اذا كان احدهما وحيد والديه. ويقول لي جيان مين خبير الديموغرافيا بجامعة نانكاي بتيانجين "تغيير هذه السياسة يمثل أهمية كبيرة وخطوة عملية نحو نمو سكاني متوازن فى الصين، الا انه ليس نهاية سياسة تنظيم الاسرة في الصين".

وظهرت سياسة الطفل الواحد في اواخر السبعينيات من القرن الماضي من اجل كبح جماح النمو السكانى بعدم السماح للازواج فى الحضر الا بانجاب طفل واحد. ثم تم تخفيف السياسة في وقت لاحق، فاصبح بامكان الزوجين ان ينجبا طفلا ثانيا اذا كان كلاهما وحيد والديه. ويأتي التغيير الاخير فى ظل شيخوخة المجتمع الصيني والعبء المتزايد للمعاشات الاجتماعية التى تمثل تحديا كبيرا للمجتمع ككل. رعاية كبار السن بتنفيذ سياسة الطفل الواحد، تعتقد السلطات انها تمهد لازدهار اقتصادي وتقدم اجتماعي، ولا شك في ان هذه السياسة كان فعالة جدا في هذا الصدد. غير ان انخفاض معدل المواليد الناتج عن ذلك، وضع زيادة اعداد كبار السن في بؤرة الاهتمام وادى الى انكماش اعداد السكان في سن العمل. ويظهر الاحصاء السكاني الوطنى السادس في الصين في 2010 ان نسبة المواليد تتراوح من 1.5 الى 1.6 في المائة، وهى نفسها تقريبا في الدول المتقدمة التي تعاني الان من ازدياد اعداد كبار السن. وكشفت الاحصائيات الصادرة عن اللجنة الوطنية للصحة وتنظيم الاسرة ان عدد السكان، البالغ 1.34 مليار نسمة، كان سيزداد 400 مليون نسمة اذا لم تطبق هذه السياسة.

ويقول قوه تشن وي المسؤول عن تنظيم الاسرة باللجنة "ان نسب المواليد المرتفعة والمنخفضة قد تعيق التنمية المتوازنة بين السكان والاقتصاد الاجتماعي". وينبغي ان تكون الذروة السكانية في الصين حوالى 1.5 مليار بمعدل مواليد 1.8 تقريبا. بالاضافة لذلك، انخفضت القوة العاملة البالغ عددها 940 مليون، بمقدار 3.45 مليون في 2012، في اول انخفاض حاسم ومن المتوقع ان تنخفض بواقع 29 مليون بحلول نهاية العقد الحالي.

وتتزايد اعداد كبار السن، حيث وصل عدد من تبلغ اعمارهم 60 او اكبر نحو 200 مليون او 14.3 في المائة من اجمالي السكان، وهي نسبة بعيدة جدا عن المعدل الدولي 10 في المائة. ومن المتوقع ان يتجاوز هذا الرقم ثلث السكان بحلول 2050. واضاف لي جيان مين "تخفيف سياسة الطفل الواحد ستبطيء ظاهرة كبار السن وستخفف الضغط على المعاشات". مخاوف السكان بعد يومين من اعلان السياسة، كان الحديث بشأن ما اذا كانت هذه التغييرات ستؤدي الى ارتفاع عدد السكان، موضوعا ساخنا على الانترنت، بغض النظر عن اصرار سلطات تنظيم الاسرة على ان التغير لن يفرض المزيد من الضغوط على امدادات الغذاء والخدمات العامة. واظهر استطلاع اجراه موقع ((newsifeng.com)) على الانترنت ان اكثر من 63 في المائة ممن شملهم الاستطلاع مهتمون بانجاب الطفل الثاني، فيما عارض نحو 30 في المائة نظرا للتكلفة المرتفعة لتربية طفل. وقال 84 في المائة ممن شملهم الاستطلاع ان التغيير سيكون له تأثير ضئيل على اجمالي السكان، حيث يقلق 9 بالمائة فقط بشأن الزيادة المفاجئة في السكان. واجري الاستطلاع على اكثر من 190 الف شخص بعد ظهر الاحد. ويقول خبراء الديموجرافيا انه من غير المحتمل ارتفاع عدد السكان بتغير ايدولوجية انجاب الاطفال ومع ارتفاع تكلفة تربية طفل. كان الاباء الصينيون يفضلون انجاب العديد من الاطفال في الماضي حيث كانوا يعتقدون ان كثرة الاطفال ستجلب لهم نعم كثيرة وكانوا يعتبرون الاطفال افضل مصدر لرعاية كبار السن. واظهر استطلاع اجرته (NHFPC)، ان مايتراوح بين 15 و 20 مليون شخص سيستفيدون من هذه السياسة، الا ان 50 الى 60 في المائة منهم فقط مهتمون بانجاب طفل ثان. ويقول وو تسانغ بينغ المستشار بجمعية السكان الصينية "لن يؤدي تغيير السياسة الى انفجار سكاني لان طفل او طفلين سيلبيان احتياجات الازواج في الريف والحضر على حد سواء". واضاف وو "ان تعديل هذه السياسة لا تهدف الى الحد من نمو السكان فحسب وانما تهدف الى تقديم نموذج نمو سكاني يتناسب مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية للصين".

/مصدر: شينخوا/