تعليق: ما الدافع "الخفي" وراء مقارنة ما بين بحر الصين الجنوبي وشبه جزيرة القرم؟

في الآونة الأخيرة، تحدث مساعد وزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ دانيال راسل وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل في مناسبات مختلفة عن وجه الشبه بين قضية بحر الصين الجنوبي وشبه جزيرة القرم،وبأن الصين سوف تتخذ من شبه جزيرة القرم نموذجا لاستخدام القوة وغيرها من الوسائل القسرية الأخرى للاستيلاء على الأراضي في بحر الصين الجنوبي. وإن صدور مثل هذه التصريحات من قبل مسئولين أمريكيين ليس سوى اصطياد في المياه العكرة، وتنفر الدول المجاورة من العلاقات مع الصين.

قضية بحر الصين الجنوبي ليست قابلة للمقارنة مع قضية شبه جزيرة القرم، لان كلاهما يختلفان من حيث التاريخ والواقع، ومن المعروف أن قضية شبه جزيرة القرم لها حيثيات تاريخية وخلفيات واقعية معقدة،كما أن الأزمة السياسية الداخلية وتدخل القوى الخارجية في أوكرانيا زاد القضية تعقيدا. في حين أن الزعامة التاريخية والسيادة على بحر الصين الجنوبي واضحة، وقد ظلت جزر بحر الصين الجنوني والجزر التابعة لها من الأراضي الإقليمية الصينية منذ العصور القديمة. ومنذ تأسيس جمهورية الصين الجديدة، أظهرت خريطة العالم، والرحلات البحرية وغيرها السيادة الصينية على جزر بحر الصين الجنوني والجزر التابعة لها. والصين ليست سبب نشوب النزاع حول بحر الصين الجنوبي، وإنما بسبب تجاهل بعض الدول المحيطة ببحر الصين الجنوبي للحقائق التاريخية،وفهم القانون الدولي والقوانين ذات الصلة من جانب واحد، والاحتلال بالقوة لجزر بحر الصين الجنوبي والجزر التابعة لها.

ومع ذلك، الصين مستعدة لتسوية المنازعات حول الأراضي والحقوق والمصالح البحرية وصيانة السلام والاستقرار في المنطقة من خلال المشاورات والمفاوضات بصورة متساوية، وعلى أساس احترام الحقائق التاريخية ووفقا للقانون الدولي. كما أن الصين على استعداد من خلال المشاورات الودية البحث مع دول ذات الصلة ببحر الصين الجنوبي تطوير "قانون بحر الصين الجنوبي من السلوك"،ومواصلة خلق أجواء لتنفيذ "إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي"من خلال إنشاء صندوق للتعاون البحري بين الصين وآسيان في إطار آلية الثنائية والمتعددة الأطراف، والتعاون مع البلدان المجاورة في مجالات الإنقاذ البحري، والبحوث البحرية، حماية البيئة البحرية، والتعاون لمكافحة القرصنة وغيرها. وفي الوقت نفسه، توصلت الصين والدول ذات الصلة إلى توافق واسع في التعاون المشترك في بحر الصين الجنوبي، وتواصل الآن العمل في هذا المجال. عموما، إن الوضع في بحر الصين الجنوبي مستقر وتحت السيطرة.

يشير طريق الحرير البحري وقصص البحار الصيني الأدميرال تشينغ خه تاريخيا،والمساعدات التي قدمتها الصين خلال الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا، وتسونامي المحيط الهندي إلى أن تعامل الصين مع الدول المجاورة لبحر الصين الجنوبي دائما مثل " العطاء اكثر من الأخذ "، ودائما ما كانت الصديق المخلص للدول المجاورة، ولم تكن عدوا أبدا. كما أن الدول ذات الصلة المباشرة بقضية بحر الصين الجنوبي هي من أولويات الدبلوماسية الصينية، وتتخذ الحكومة الصينية الجديدة مفهوم " الحميم، المخلص، الصالح، الصبار" في التعامل والعلاقات مع الدول المجاورة. وفي هذا الصدد، ينبغي على البلدان المجاورة ذات الصلة بقضية بحر الصين الجنوبي أن يظلوا يقظين وأن لا يستغلوا من قبل القوى الخارجية.

باعتراف الجميع، أظهرت بعض الدول المجاورة لبحر الصين الجنوبي بعض الأنانية، ويجلب أمريكا باسم حليفها، لمواصلة اختبار "الخط الأدنى" الصيني في قضية بحر الصين الجنوبي. والصين لا تثير المتاعب ولا تخاف من أي شيء وهي مصممة على الدفاع عن أراضيها. وإذا استمر كبار المسئولين الأمريكيين اللعب بـ " نظرية التهديد الصيني" وإطلاق مثل هذه التصريحات غير المسؤولة، سوف تشجع الدول المجاورة على الاستمرار في السلوك الاستفزازي والمغامرة. وبالتالي، قد يجر ذلك أمريكا إلى حفرة النار " دفع مبالغ طائلة" و"عدم إمكانية الخروج من المأزق"، وفي النهاية قد تختطف " البلدان الصغيرة" مصالحها الكاملة من أمريكا. وهذا ما لا تريد أن تراه الاخيرة.

وقال مسؤولون أمريكيون مرارا وتكرارا أن إعادة التوازن الأمريكي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ليست محاولة لاحتواء الصين، ولكن ما يقومون به من أفعال لا يتطابق أقوالهم. وهناك قول مأثور في الصين "يجب على الرجل النبيل أن يلتزم بوعده". وإذا كانت أمريكا تريد حقا العمل مع الصين لبناء نمط جديد للعلاقة بين القوى الكبرى ينبغي أن تلتزم بالوعد. وإن قضية بحر الصين الجنوبي محك بناء النمط الجديد لعلاقات القوى الكبرى بين الصين وأمريكا.ولحن نظرية " بحر الصين الجنوبي وشبه جزيرة القرم" مجرد حلم يقظة في ذهن مخترعيها.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/