ثالثا، مقترحات حول عمل الحكومة في العام الجاري
انطلاقا من الخبرات المكتسبة حول عمل الحكومة في السنوات العشر الماضية ولاسيما في السنوات الخمس الأخيرة، أطرح عليكم المقترحات التالية حول عمل الحكومة الرئيسي في العام الجاري.
(1) الإسراع بتحويل نمط التنمية الاقتصادية، وحفز التنمية الاقتصادية المتواصلة والسليمة. إن كافة المنجزات التي تحققت في بناء التحديث الاشتراكي في بلادنا تقوم جميعها على أساس التنمية الاقتصادية المتواصلة والسليمة، ولولا التنمية الاقتصادية لكان إنجاز أي شيء مستحيلا. ولم تتغير الظروف الأساسية لبلادنا والمتمثلة في أنها ما زالت وستظل لفترة طويلة من الزمن في المرحلة الأولية من الاشتراكية، ولم يتغير التناقض الاجتماعي الرئيسي بين المتطلبات المادية والثقافية المتزايدة مع مرور الأيام للشعب والإنتاج الاجتماعي المتخلف، في حين لم تتغير كذلك المكانة الدولية لبلادنا كأكبر دول نامية في العالم، فإن التنمية لا تزال بمثابة مفتاح لحل جميع المسائل في بلادنا. فلا بد من المثابرة على البناء الاقتصادي واتخاذه محورا للعمل، وتركيز القوى على البناء والسعي إلى التنمية على قلب رجل واحد وإرادة واحدة. فمن المؤكد أننا سنحقق التنمية الاقتصادية المتواصلة والسليمة، طالما نتمسك بثبات بفترة الفرص الإستراتيجية الهامة للتنمية ونحترم قانون التنمية ونبدع مفهوم التنمية ونحل المشكلات التي تواجهها التنمية ونسرع في تحويل أسلوب التنمية الاقتصادية على نحو يحفز التحويل من خلال التنمية ويحقق التنمية من خلال التحويل.
ويتعين اتخاذ توسيع الطلب المحلي كسياسة إستراتيجية طويلة الأمد للتنمية الاقتصادية بثبات لا يتزعزع، وإطلاق العنان لدور الاستهلاك الأساسي ودور الاستثمار الجوهري. وتكمن النقطة الصعبة والنقطة الجوهرية والطاقة الكامنة لتوسيع الطلب المحلي في الاستهلاك. ومن أجل توسيع إمكانات استهلاك السكان، يجب العمل الجاد على رفع القدرة الاستهلاكية وترسيخ التوقعات الاستهلاكية وتعزيز النوايا الاستهلاكية وتحسين المناخ الاستهلاكي، سعيا وراء تقوية قدرة الاستهلاك على حفز التنمية الاقتصادية باستمرار. وفي المرحلة الحالية، لا يمكن الانتقاص من دور الاستثمار في تحفيز النمو الاقتصادي. إذ أن لبلادنا قدرة استثمارية واحتياجات استثمارية في آن واحد، أما المسألة المحورية لذلك فتكمن في اختيار الاتجاه الصحيح وتحسين الهيكل ورفع جودة الاستثمار وجدواه. ويتميز الاستثمار الحكومي بدور إرشادي هام للغاية بالنسبة للاستثمار الاجتماعي، لكن نسبته في الاستثمارات الاجتماعية بأسرها تتقلص تدريجيا، لذا لا بد من تخفيف المزيد من القيود في السماح للاستثمارات الشعبية بالنفاذ إلى السوق وتفجير حيوية الاستثمارات الشعبية.
ولا بد من العمل بقوة على دفع تحويل نمط التنمية الاقتصادية، وتعجيل تعديل الهيكل الصناعي. وفي ضوء تميز مستوى تطور القوى المنتجة في الصين بتعددية الدرجات، فثمة مجال كبير جدا لتغييره. فكل الصناعات في بلادنا سواء كانت تقليدية أم ناشئة، وكثيفة العمالة أم كثيفة التمويل، تتحلى جميعا بحيز التنمية، والأهم من ذلك هو تعديل تركيبات الموارد والتوزيع الجغرافي للصناعات وحل المشكلات المتمثلة في فائض قدرة الإنتاج والافتقار إلى التكنولوجيا الجوهرية وقلة القيمة المضافة للمنتجات، وحل مشكلات تكرار البناء منخفض المستوى وتشابه الهياكل الصناعية بين المناطق. ولا بد من الإسراع في إصلاح الصناعات التقليدية والارتقاء بمستواها وتطوير الصناعات ذات التكنولوجيا الفائقة والحديثة بقوة ورفع جودة المنتجات وقدرتها التنافسية في السوق. ولا بد من تعزيز الإرشاد بواسطة السياسات لتشجيع المؤسسات الاقتصادية على الدمج وإعادة التنظيم عبر مختلف القطاعات والمناطق والملكيات، وإبقاء المؤسسات المتفوقة وتصفية المتدنية عبر آلية السوق ذات الضغط العكسي. ويتعين اتخاذ توسيع الاستفادة من السوق المحلية والتغلب على المشكلات العويصة للتكنولوجيا الحاسمة والهامة كنقطة محورية لدفع التنمية السليمة للصناعات الناشئة الإستراتيجية. ولا بد من العمل بنشاط على دفع الدمج بين المعلوماتية والتصنيع، والإسراع ببناء الجيل الجديد من منشآت البنية التحتية المعلوماتية، وتعزيز استخدام تقنيات شبكة المعلومات على نطاق واسع. كما يتعين المثابرة على الاهتمام بصناعة الخدمات الإنتاجية وصناعة الخدمات الحياتية في آن واحد، والمثابرة على التنمية المتزامنة لصناعة الخدمات الحديثة وصناعة الخدمات التقليدية، سعيا وراء تطوير وتقوية صناعة الخدمات بصورة مطردة.
ولا بد من مواكبة تطلعات جماهير الشعب إلى ظروف حياتية جميلة، والعمل بقوة على تعزيز البناء الحضاري الإيكولوجي وحماية البيئة. فالبيئة الأحيائية ترتبط بسعادة الشعب ومستقبل الخلف والأمة. ومن الضروري التمسك بالسياسة الوطنية الأساسية لتوفير الموارد وحماية البيئة، وتركيز القوى على دفع عجلة التنمية الخضراء، والتنمية المدورة والتنمية منخفضة الكربون. ولا بد من العمل بقوة على دفع الاقتصاد في موارد الطاقة واستغلالها المدور مع التركيز على إتقان توفير الطاقة في مجالات الصناعة والمواصلات والبناء والهيئات العامة، والسيطرة على الحجم الكلي لاستهلاك الطاقة وخفض استهلاك الطاقة والمواد والحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون. ويجب الإسراع بتعديل هيكل وتوزيع الاقتصاد، والتمسك بإكمال المعايير والأنظمة ومنظومة القوانين واللوائح المعنية، واتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة التلوث ومسبباته، ودفع تحويل أساليب الإنتاج والمعيشة، وعقد العزم على إجراء معالجة جيدة لمشكلات تلوث البيئة البارزة التي تهم المصالح الحيوية لدى الجماهير مثل تلوث الهواء والمياه والتربة، بل وينبغي تحسين جودة البيئة، والحفاظ على صحة الشعب، واتخاذ الأعمال الملموسة والفعاليات وسيلة تؤكد للشعب أن تطلعاته ستتحقق. كما لا بد من إتقان الأعمال المتعلقة بالأرصاد الجوية والجيولوجية والزلزال وغيرها بهدف رفع القدرة على الوقاية من الكوارث وتخفيف حدة الأضرار الناجمة عنها. ولا بد من تحسين التشكيلة التنموية لاستثمار الأراضي الوطنية وتحقيق سيطرة معقولة على قوة استثمارها وتعديل هيكلها الحيزي. ولا بد من تطبيق الإدارة الشاملة للبحار وتطوير الاقتصاد البحري والارتقاء بقدرة الانتفاع بالموارد البحرية وحماية البيئة الحيوية البحرية، وصيانة الحقوق والمصالح البحرية للدولة.
ويتعين الاستمرار في تعميق تنفيذ الإستراتيجية الكلية لتنمية المناطق وحفز التنمية المتناسقة لاقتصاد المناطق، وإظهار أوجه التفوق النسبي بين مختلف المناطق بصورة كاملة، ولا بد من تطبيق التخطيط الموحد والإرشاد التصنيفي، وإعطاء الأفضلية لدفع التنمية الكبرى لغرب البلاد والنهوض كاملا بالقواعد الصناعية التقليدية في مناطق شمال شرقي البلاد وغيرها ودفع نهضة مناطق وسط البلاد بقوة ودعم مناطق شرق البلاد بنشاط في التنمية قبل غيرها، وتشديد قوة دعم المناطق الثورية القديمة ومناطق الأقليات القومية والمناطق الحدودية والمناطق الفقيرة، والدفع المتعمق لمساندة الفقراء وتخليصهم من الفقر المدقع في المناطق المعوزة.