في بداية هذا العام، وقبل الاجتماع السنوي للمشرعين والمستشارين السياسيين الصينيين، غطى الضباب والدخان كثيفان منطقة مساحتها أكثر من مليون كيلومتر مربع في شرق الصين.
وقد عاشت العاصمة بكين 5 أيام فقط في شهر ينايرالماضي دون الظاهرة الجوية الخطيرة، وتجاوزت قراءة مقياس بي ام 2.5 ((الجسيمات الدقيقة الخطرة قياس 2.5 ميكرون في القطر أو ادنى)) المستوى العادي بصورة متكررة.
وليس هذا فحسب، بل اشارت تقارير أيضا الي تدهور جودة المياه الجوفية في الصين . وبينما افتخرت 60 في المئة من المدن الصينية بتوفير مياه جوفية من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثالثة بين عامي 2000 و2002، تدهور حال المياه الجوفية في 55 بالمئة من المدن الصينية في عام 2011 إلى درجة "سيئة" و"سيئة جدا"، بحسب دراسة لوزارة الأراضي والموارد.
وبعد أكثر من 30 عاما من النمو السريع أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم. بيد ان انجازاتها الاقتصادية ظللت بظلال من التلوث الشديد، الذي اضحى مشكلة أسوأ مما كان عليه من قبل.
ومن جهة اخري، يتابع العالم عن كثب التنمية في الصين والقضايا البيئية، التي اثرت على العديد من الدول خلال مسيرة التصنيع والتحضر.
ففي القرن الـ19، أطلق على العاصمة البريطانية لندن اسم "مدينة الضباب" بسبب الضباب الكثيف الذي نجم عن حرق الفحم. والآن، باتت المدينة نموذجا يحتذى به للدول الكبرى الأخرى في العالم للتغلب على التلوث.
كما تعلمت اليابان درسا من اندلاع ما يسمى بـ" الأمراض الأربعة المزعجة للجمهور"، بما في ذلك مرض ميناماتا ومرض ايتاى-ايتاى، نتيجة التلوث البيئي خلال انطلاقتها الاقتصادية في خمسينات القرن الماضى.
ولم تسيطر الدولتان على التلوث البيئي فحسب، بل تخلصتا من العقبات التي اعترضت طريقهما الى النمو المستدام.
وقدمت البلدان نموذجا جيدا للدول الأخرى في التنمية الاقتصادية وحماية البيئة لتجنب السقوط في دائرة شريرة في حال تدهورت البيئة والاقتصاد أو أثر كلاهما على الاخر .
وقال دوايت بيركنز، الأستاذ بجامعة هارفارد، إن التلوث الشديد قضية خطيرة تبطئ عجلة التنمية.
وتعد مدينة مكسيكو سيتي التى تعتبر حالة نموذجية في "اللتننة" فشلت فى الخروج من فخ الدخل المتوسط الى الآن ، إحدى المدن الأكثر تلوثا في العالم.
وعلى خلفية العولمة، أصبحت البيئة قضية جاذبة للانتباه اقليميا ودوليا.
ولمواجهة التلوث الجوي والمائي والغازات الدفيئة التي يمكن أن تتحرك عبر الحدود إلى الدول المجاورة، تتشارك الصين ودول أخرى في العالم نفس المصالح المشتركة والمصير.
ولهذا، ترغب الصين والمجتمع الدولي في تعزيز السيطرة على التلوث البيئي وتوفير الطاقة وخفض الانبعاثات.
وفى وقت تتناقص فيه موارد الطاقة العالمية وتزداد التغيرات المناخية سوءا، تتجه الانظار فى العالم الى الصين وما اذا يمكن لأكبر دولة نامية فى العالم بتعدادها البالغ 1.3 مليار نسمة ان تقدم المزيد من الاسهامات بغية حماية الكرة الأرضية للانسان أم لا.
وفي الواقع، تولي الصين دائما الأهمية للقضايا البيئية.
وفي نوفمبر العام الماضي، طرحت فكرة جديدة حول الحماية البيئية في تقرير رئيسي في المؤتمر الوطني الـ 18 للحزب الشيوعي الصيني، ما يظهر تصميم الدولة على حل قضية التلوث البيئى بصورة جذرية.
ويتفق بناء صين جميلة مع التنمية المستدامة لكلا من الأمة الصينية والبشرية جمعاء. ولا تبغي الدول في جميع أنحاء العالم جني المنافع وتحقيق الرخاء المشترك من تنمية الدولة فحسب، بل تخدم الصين الجميلة البيئة العالمية ايضا.