تعليق: العلاقات الصينية ـ الأمريكية تدخل مرحلة تعزيز الحكمة

صحيفة الشعب اليومية – الطبعة الخارجية ـ الصادرة يوم 15 ابريل عام 2013 – الصفحة رقم 01

تضمن سياسة الولايات المتحدة الدبلوماسية الخاصة بالصين موازنة احدتهما مواصلة الاتصالات والتعاون، والأخرى الوقاية والاحتواء. وقد فكر جميع الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين منذ حوالي عقدين أو ثلاث من الزمان في هذا الموضوع. كما وضع الرئيس باراك اوباما أمام نفس الخيار مباشرة بعد بدأ ولايته الثانية.

منذ أن أدى الرئيس الأمريكي باراك اوباما اليمين الدستوري حتى زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الصين، واستنادا إلى معلومات مررتها الولايات المتحدة، فإنه يمكننا أن نحكم على أن الاتصالات والتعاون بين الصين والولايات المتحدة بات أثقل، على الأقل أثبتت واشنطن استعدادها لذلك. وهذه بداية جيدة، وتقرر أيضا الوضع العام للعلاقات الصينية ـ الأمريكية.

كما أن هناك عوامل أساسية تعزز دخول العلاقات الصينية ـ الأمريكية مرحلة تاريخية جديدة. أولا، مواصلة الجانبين إحداث تغيرات كبيرة على نقيض الماضي. ثانيا، بدا التحول السياسي والاقتصادي العظيم في منطقة آسيا المحيط الهادئ وتشكيل النظام الجديد. وإن إقامة علاقات جديدة بين الصين والولايات المتحدة القوى العظمى تزامنا مع النظام الجديد في آسيا المحيط الهادئ هذا أيضا الضمانة الأساسية للنجاح. وفهم الصين والولايات المتحدة الواضح والدقيق لواقع المرحلة الانتقالية، يمكن أن يكون عاملا حاسما في بناء نوع جديد من العلاقات بين القوى الكبرى.

وبوضوح أكثر، فإنه لا يزال أمام العلاقات الصينية ـ الأمريكية طريق طويل، وإن الشجاعة وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى الحكمة العظيمة أيضا، لا سيما لحل المشاكل الشائكة. كما أن اختراق الإيديولوجية وقيود النظام السياسي والنظرة التقليدية للتاريخ، من اجل إيجاد أرضية مشتركة لتخفيف أو بشكل صحيح لمعالجة التحديات الذي بات ضروريا في المرحلة المقبلة من العلاقات الصينية ـ الأمريكية.

تكمن النقطة الأساسية التي ينبغي على الطرفين الاهتمام بها في تفعيل الأعمال التي تفضي إلى حل المشاكل، وتفادي الأعمال التي تزيد المشاكل تفاقما وتعقيدا. وقد فعلت هلاري كلينتون سلف جون كيري الشيء من هذا القبيل. حيث قامت بتصريحات غير مسؤولة عند زيارتها إلى الفيتنام، واعتبرت الحفاظ على حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي مصلحة قومية للولايات المتحدة، وإن تأكيدها في وقت لاحق مرارا وتكرار على الانخراط في إعادة التوازن في منطقة آسيا المحيط الهادي زاد من حرارة بحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى زيادة الشعور بعدم الثقة بين الصين والولايات المتحدة، ولحقت أضرار بين الجانبين، وزادت من المخاوف دول المنطقة من اختيار بين الجانبين.

الصين والولايات المتحدة تحتاجان الاستناد إلى احترام حقيقي لبعض المبادئ الأساسية في حل المشاكل. على سبيل المثال، احترام المصالح الجوهرية لكل منها الآخر، بالإضافة إلى ضرورة تقييم نقل السلطة بشكل جيد. وتعتبر الأخيرة اختبار للولايات المتحدة التي فرضت هيمنها في منطقة آسيا المحيط الهادئ على مدى عقود. ولا تزال الولايات المتحدة اكبر وجود عسكري في المنطقة حاليا، مما جعل بعض البلدان تأمل في احتواء الولايات المتحدة لصعود الصين. لذلك، فإن الولايات المتحدة تستغل التناقضات بين الصين وبعض البلدان لتعزيز هيمنتها في منطقة آسيا المحيط الهادئ. كما أن ضعف قوتها الاقتصادية جعلها من السهل أن تختار الوكيل لتحقيق هدفها. لذلك، ينبغي على الولايات المتحدة الحذر من نبضات الهيمنة، خصوصا في مواجهة لعبة الشطرنج المعقدة، التي تحتاج إلى استخدام الذكاء، وليس اختيار المسار السهل.

وباعتبار الصين قوة صاعدة في المستقبل، فإنها تحتاج إلى الثقة للبقاء جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة، ولا سيما بشأن القضايا الرئيسية التي تحتاج لمعالجتها استخدام حكمة الشعب الصيني وتوفير أفكار واسعة التأثير في معالجتها، تحمل المسؤولية كقوى عظمى، المبادرة في عملية التحول التدريجي.

إن مساحة منطقة آسيا المحيط الهادي واسعة وكافية لاستيعاب اثنين من القوى الكبرى في العالم. ويمكن للصين والولايات المتحدة تحديد موقعهما في هذه المساحة، والعمل معا على تشجيع تطوير السلام العالمي، وكتابة الفصل العظيم التالي في تاريخ العالم، كما سوف تكون هذه العملية مليئة بالحكمة.

/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/