بعد مصر، ظهرت في ليبيا مهزلة سياسية أخرى، حيث قام خليفة حفتر الذي يدعى بأنه "قائد الجيش الوطني" والمعروف بقربه من أمريكا، بالسيطرة على مبنى البرلمان مستعينا بقواته المسلحة الخاصة. كما أعلن العقيدة مختار فرنانة عن تجميد أعمال المؤتمر الوطني العام.
ورغم أن العسكريان الإثنان أعلنا بأن تحركاتهما تهدف إلى ضرب الإرهاب وليس الإنقلاب، لأن البرلمان الليبي يساند القوى الدينية المتطرفة، إلا أنه كيفما كانت تفسيرات العسكريان، فإن كل من لديه دراية ولوبسيطة، يعرف بأن إستعمال القوة العسكرية للإطاحة بأعلى سلطة في البلاد، لا يمكن أن يكون غير إنقلاب. وهذه الظاهرة تدل على أنه حتى بعد الإطاحة بحكم القذافي، لم تدخل ليبيا في الديمقراطية، بل دخلت تحت السيطرة العسكرية. ونظرا لأن ليبيا كانت تعيش وضع المجتمع القبلي البدائي في عهد القذافي، حيث كانت كل قبيلة تمتلك قوتها العسكرية، لذا كانت الإطاحة بالقذافي، إعلانا لإعادة سطوة القبائل، لذلك فإن ليبيا اليوم تعيش في الحقيقة وضع أمراء الحرب.
أما خروج العسكر لقلب برلمان منتخب، فيعني أن ليبيا بدأت تتجه بسرعة إلى "النموذج المصري". أولا، إن جذور المأزق السياسي الذي دخلته ليبيا هي نفسها في مصر، فبعد الإطاحة بالأنظمة الإستبدادية، لم ينجح البلدان في تحقيق الإنتقال الديمقراطي، بل على العكس، غرقا في الخلاف العميق بين العلمانية والدين؛ سواء بالنسبة لمصر أو ليبيا، يعد المشهد السياسي الذي يواجهانه واحد، حيث كانت الطبقة الوسطى التي تعيش في المدن المتأثرة كثيرا بالقيم الغربية، تنادي بالعلمانية، في ذات الوقت كان الجيش أيضا يدعم العلمانية، في حين كانت الطبقة الدنيا الواسعة ذات إيمان ديني قوي، ويمثلون داعم قوي للدولة الدينية.
مثل هذا المشهد السياسي، سيؤدي بالضرورة إلى نتائج سياسية كارثية، فحتى لو تم التقاضي إلى الآلية الديمقراطية، للحسم عبر صناديق الإقتراع، فإن القوى العلمانية لن يكون بإمكانها التغلب على القوى الدينية. حيث بإمكان القوى الداعمة للدولة الدينية إستعمال آليات الديمقراطية الغربية لضرب القوى العلمانية المقربة من الغرب، ومن ثمّ تأسسيس سلطة تجمع بين الدين والسياسة، والمضي عكس الديمقراطية. وفي هذا الوضع، تلجأ القوى العلمانية إلى رمي مبدأ "إتباع الأقلية للأغلبية" وراء ظهرها، وتستعمل القوة العسكرية والأساليب غير الديمقراطية لإسقاط برلمان وحكومة منتخبة، وفي النهاية تؤسس لحكومة عسكرية- لكن هذا كان مخالفا للأهداف التي تم من أجلها الإطاحة بحكم القذافي. وهذا هو الشيء الغريب في السياسة بمصر وليبيا.
طبعا، الغرب بقيادة أمريكا، يشعر بالحرج أيضا. فالمعروف أن الديمقراطية تمثل العقيدة الأمريكية، وهي رجاء أمريكا من تقلبات الشرق الأوسط. لكن نظرا لخشية أن تتحول الدمقرطة إلى أسلمة سياسية، أضطرت أمريكا في النهاية إلى السماح وحتى دعم الإنقلابات العسكرية.
1. حافظوا على القوانين، والانظمة المعنية التى وضعتها جمهورية الصين الشعبية، وحافظوا على الاخلاق على الانترنت، وتحملوا كافة المسؤوليات القانونية الناتجة عن تصرفاتكم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين كافة الحقوق فى ادارة الاسماء المستعارة والرسائل المتروكة.
3. لصحيفة الشعب اليومية اونلاين الحق فى نقل واقتباس الكلمات التى تدلون بها على لوحة الرسائل المتروكة لصحيفة الشعب اليومية اونلاين داخل موقعها الالكترونى.
4. تفضلوا بابلاغ arabic@peopledaily.com.cn آراءكم فى اعمالنا الادارية اذا لزم الامر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn