تعليق: حرب باردة بالوكالة بين السعودية وإيران خلف الازمة اليمنية

أعلنت جماعة "الحوثيين"، عن مباركتها لتكليف الرئيس اليمني هادي يوم 13 اكتوبر الجاري وزير النفط السابق خالد بحاح، برئاسة الحكومة الجديدة. وقد قامت جماعة " الحوثيين" الشيعة من شمال غرب اليمن في منتصف شهر سبتمبر الماضي بهجوم مسلح على العاصمة صنعاء والسيطرة على عدد هام من المؤسسات الحكومية. وفي اطار المساعي الحميدة للمبعوث الخاص للامم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، تم التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار بين الحكومة اليمنية والجماعات المسلحة يوم 21 سبتمبر ، وبعد الموافقة على وقف اطلاق النار فورا في مدينة صنعاء عين الرئيس هادي رئيس وزراء جديد. ويمنح الاتفاق بين الحكومة اليمنية وجماعة " الحوثيين" السلطة اكبر في تشكيل مجلس الوزراء وإصلاح الجيش مستقبلا .

 يبلغ عدد سكان اليمن حوالي 24 مليون نسمة نصفهم سنيون والنصف الاخر شيعة. وقد تم السيطرة على الصراعات الطائفية بعد تحقيق الوحدة بين الشمال والجنوب في عام 1990. ومع ذلك، خلق " الربيع العربي" عام 2011 فرصة نمو القوى الدينية المتطرفة ذات العلاقة مع تنظيم " القاعدة"، مما ادخل اليمن في حرب اهلية مرة اخرى.

بعد عام 2012 ، ازدادت سرعة سيطرة الحوثيين الممثلين للشيعة في اليمن على ثلاث محافظات في منطقة شمال اليمن. وفي 24 سبتمبر من هذا العام، استول الحوثيون على اكثر من نصف العاصمة صنعاء. ويطالب الحوثيون المساواة بين الشيعة والسنة في السلطة وأن يكون نصف الوزراء من الشيعة في المستقبل. وعلى الرغم من أن المفاوضات بين الحكومة اليمنية والحوثيين لم تتوقف، لكن الواضح أن قوة جماعة" الحوثيين" تمنحها المكانة العالية في حالة الطوارئ الى حد اجبار المسؤولين في الحكومة اليمنية على الاستقالة.

عرفت جماعة "الحوثيين" باسم الحوثيين نسبة إلى مؤسسها حسين الحوثي. وفي عام 2004، أرسلت الحكومة السعودية طائرة بدون طيار لقصف الحوثيين المسلحين الذي ازداد توسعهم بسرعة كبيرة تلبية لدعوة من الحكومة اليمنية. وبالرغم من مقتل حسين الحوثي، إلا أن جماعة " الحوثيين" تطورت من جماعة مسلحة صغيرة تتضمن 1200 شخص فقط في عام 2004 الى جماعة تشمل اليوم على ما يقرب 1.2 مليون عسكري وشبه عسكري، وحصلت على دعم الشيعة التي تشكل نصف سكان اليمن.

يرسل الحرس الثوري الايراني متطوعين ( مدربين عسكريين) لمساعدة الحوثيين في العمليات المسلحة والقضايا الكبرى الاخرى، باعتبار جماعة " الحوثيين" مثل حزب الله في لبنان ينتميان الى الطائفة الشيعية. في حين تؤيد المملكة العربية السعودية ممثل دول الخليج بقوة الحكومة اليمنية والمنظمات السنية في اليمن. وفي مطلع اكتوبر الماضي، عقدت دول التعاون الخليجي الست اجتماع على مستوى وزراء الداخلية في دبي لمناقشة الازمة اليمنية، وعبرت عن قلقها من تدخل القوى الاجنبية في الشؤون الداخلية في اليمن، مطالبين استعادة سلطة الحكومة في اليمن.

ولا تكمن تعقيدات الازمة اليمنية في عدم مشاركة الحوثيين في الحكومة اليمنية فحسب ، وأنما ايضا في دعم فرع “تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية” بقوة المنظمات المسلحة السنية. وقد زاد نشاط الجماعات المتطرفة المسلحة بسرعة كبيرة في المنطقة الشرقية بعد " الربيع العربي عام 2011، وبالرغم من أنه يشكل تهديدا مميتا لوضع السياسي في اليمن،إلا أنه شكل نفوذا كبيرة في المنطقة الشرقية. وكانت الهجمات المسلحة والعمليات الارهابية تستهدف الحكومة اليمنية سابقا لتتجه بعد ذلك الى جماعة " الحوثيين" واتباعها بعد توسع الأخيرة. في حين أن التفجيرات المتتالية التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء مؤخرا لها علاقة مع المنظمات السنية المسلحة. لذلك، فإن الحرب الاهلية في اليمن هي حرب تدور بين الطائفتين الشيعية والسنية في كيفية تقاسم السلطة السياسية، بمشاركة دول الخليج بقيادة السعودية وايران من اجل مصالحهم الاستراتيجية في المنطقة، وتتعلق ايضا بتدخل تنظيم " القاعدة". وفي ظل هذه القضايا المتشابكة والمعقدة، فإن عملية السلام في اليمن تبقى محدودة.

.