دمشق 23 أكتوبر 2014 / وقفت المئات من السوريات المهجرات في طابور طويل يوم الخميس أمام خيمة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي في وسط العاصمة السورية دمشق للحصول على الحصة الغذائية التي لا تكفي لبضعة أيام حسب قولهن، وسط استياء انتابهن بسبب تخفيض السلة الغذائية بواقع 40 بالمئة.
فالبرغم من مرارة التهجير القسري الذي لحق بالآلاف من الأسر السورية، ورغم الظروف الإنسانية الصعبة التي تعصف بهم منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف بسبب الحرب الدائرة بالبلاد ، يأتي قرار برنامج الغذاء العالمي بخفض الحصة الغذائية التي كانت تحصل عليها العائلات السورية 40 بالمئة، ليكون بمثابة الضربة القاضية التي "زادت الطين بلة " حسب القول المأثور.
وأضطر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى تخفيض حصص المعونات التي يقدمها للنازحين داخل سوريا بنحو 40 في المائة بسبب نقص التمويل.
ويقول برنامج الأغذية العالمي إنه يحتاج إلى 352 مليون دولار لتمويل إجمالي عملياته حتى نهاية العام، منها 95 مليون دولار لنشاطه داخل سوريا و257 مليون دولار لمساندة اللاجئين السوريين في الدول المجاورة.
وقالت مهجرة سورية من مدينة معضمية الشام (جنوب غرب دمشق) تبلغ من العمر (73 عاما) رفضت الكشف عن اسمها، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الحصة الغذائية التي نحصل عليها كل 60 يوما مرة في حالتها الطبيعية كانت لا تكفي لبضعة أيام "، متسائلة "كيف بها بعد أن خفضت 40 بالمئة أن تسد رمق أسرة مؤلفة من 8 أشخاص؟"، داعية وعلامات التعب والإرهاق ارتسمت على وجهها، المنظمات الدولية والعاملة في الشأن الإنساني إلى إعادة النظر في هذا القرار وإعادة الحصة إلى سابق عهدها.
وبدورها أكدت حنان الدستوقي المهجرة من بلدة حران العواميد بريف دمشق (شرقا) وتقطن حاليا مع أفراد أسرتها المكونة من 7 أفراد في منطقة الدويلعة بدمشق في تصريحات لـ((شينخوا)) أنها جاءت إلى مقر منظمة الغذاء العالمي في دمشق لاستلام الحصة الغذائية المعتادة كل شهرين مرة، مبينة أنها تفاجئت عندما علمت بأن حصتها الغذائية خفضت بنسبة 40 بالمئة وأن ما سيتم استلامه 60 بالمئة.
وأضافت الدستوقي إن "الحصة لا تكفي لمدة أسبوع ، وفيها مواد لسنا بحاجة إليها ولا تتناسب مع غالبية الأسر السورية"، معربة عن امتعاضها الشديد من قرار برنامج الغذاء العالمي تخفيض الحصة الغذائية ومؤكدة أن هذا الأمر سيترك أثارا سلبية وسيزيد من معاناة السوريين.
وبدروها تحدثت أم حسام وهي إمرأة مهجرة من مخيم فلسطين (جنوب دمشق) وتقطن حاليا في بلدة بيادر نار في نهر عيشه بدمشق، عن معاناتها الطويلة في استلام الحصة الغذائية وعن ردئتها في بعض الأحيان، ومع ذلك كانت تسد رمق الأسر المهجرة وتحميها من جشع التجار الذين لا يختلفون كثيرا عن المجموعات المسلحة التي هجرت تلك الأسر من بيوتها.
وقالت أم حسام المسؤولة عن أسرة مكونة من 9 أشخاص إن "قرار برنامج الغذاء العالمي زاد من معاناة السوريين، بدلا من أن يخفف عنهم أعباء الحياة والظروف التي يمرون بها بسبب العنف ويعمل على زيادة الحصة وليس تخفيضها"، محملة بعض الدول الغربية مسؤولية ما يجري لسوريا وداعية في الوقت ذاته تلك الدول إلى زيادة التمويل للمنظمة الدولية والكف عن تسليح مقاتلي المعارضة المسلحة.
ويشار إلى أن الحصة الغذائية قبل التخفيض كانت مكونة من 5 كيلو برغل و 5 كيلو سكر و2 كيلو معكرونة و12 علبة فول و5 كيلو عدس ، 6 ليترات زيت ، وبعد التخفيض أصبحت 2 كيلو سكر، و3 لتيرات زيت و6 علب فول، و2 كيلو عدس .. إلخ .
وبدوره قال ماثيو هولينغورث مدير برنامج الغذاء العالمي في سوريا لـ((شينخوا)) إن "هناك تحديان كبيران يجب علينا تخطيهما كل شهر، الأول متعلق بالأزمة نفسها والمسائل المتعلقة فيها وصعوبة الوصول والتحرك عبر خطوط الاشتباك لإيصال الغذاء للمستحقين في وقت محدد أو كل شهر، والتحدي الثاني وهو الأكبر يكمن في موضوع التمويل".
وأضاف "نحن نصرف 15 مليون دولار كل أسبوع "، مبينا أن دور برنامج الغذاء العالمي" ضخم، فهو يطعم أكثر من 4 ملايين شخص داخل سوريا كل شهر"، موضحا أن البرنامج يعتمد على المتبرعين حول العالم لتزويده بالتمويل اللازم .
وأشار هولينغورث إلى أنه خلال شهر أكتوبر واجه برنامج الغذاء العالمي تحديا كبيرا يتمثل في استلام التمويل اللازم ، مما اضطرنا إلى تخفيض حجم الحصة الغذائية للشخص بنسبة 40 بالمئة، مؤكدا أن "هذا الشيء يشكل كابوسا للسوريين المتضررين من الأزمة والذين يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الغذائية المقدمة من طرفنا. فهذا الشهر اعطيناهم 60 بالمئة من الحصص الغذائية التي كنا نزودهم بها في السابق".
وكشف المسئول الأممي أن الصين تبرعت اليوم الخميس "بمليون دولار لبرنامج الغذاء العالمي ونحن نشكر الصين على هذا التبرع السخي" .
ومن جانبه قال مأمون قويدر مدير العلاقات العامة بجمعية حفظ النعمة الخيرية التى تتعاون مع برنامج الغذاء العالمي وتساعده في توزيع السلل الغذائية على الأسر المهجرة في تصريحات لـ((شينخوا)) إن عدد العائلات التي تستفيد من برنامج الغذائي العالمي حوالي 36 ألف و800 عائلة، وهناك 11 الف عائلة تستكمل أوراقها لتتمكن من استلام الحصة الغذائية، ليصبح العدد الإجمالي حوالي 50 ألف عائلة مستفيدة من برنامج الغذاء العالمي"، مشيرا إلى أن قرار تخفيض الحصة الغذائية يعود لنقص التمويل، ومبينا أن هذا الأمر سيؤثر سلبا على حياة الاسر السورية المهجرة.
وأكد قويدر أن الحصة بواقعها الحالي لا تكفي ولا تتناسب مع العائلات السورية المهجرة، وهي تكفي لأسرة مكونة من 4 إلى 6 أشخاص، مشيرا إلى أن هناك بعض المواد الغذائية الموجودة في السلة ليست ضرورية كالمعكرونة مثلا .
وطالب قويدر المنظمة بالبحث عن مصادر التمويل وتأمين السلة الغذائية لكل اللاجئين والمهجرين من منازلهم بسبب الحروب والنزاعات ، وعدم إيقافها، وإيجاد حلول لتنويع السلة الغذائية بحيث تتناسب مع احتياجات الاسرة السورية.
ويرى مراقبون أن مأساة المهجرين السوريين في الداخل ستتفاقم خاصة وأن فصل الشتاء على الأبواب ، وهناك نفقات إضافية سترهق كاهل كل أسرة ومنها وقود التدفئة علاوة على قلة العمل.
وأعلنت الحكومة الألمانية مؤخرا أن برلين ستستضيف مؤتمرا دوليا لجمع المساعدات للاجئين السوريين في الـ28 من أكتوبر الحالي .
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn