أظهرت البيانات الخاصة بعمليات الإستحواذ الدولية مؤخرا بلوغ إجمالي قيمة عمليات الإستحواذ العالمية 2.3 تريليون دولار خلال النصف الأول من العام، مقتربة الرقم الذي سجلته خلال كامل العام الماضي (3.3 تريليون دولار). وتظهر هذه المجموعتين من البيانات خاصيتين كبريين؛ أولا الوتيرة السريعة، حيث نمت خلال الفصل الأول والثاني على التتالي بـ21% و34.6%، وثانيا التركز في أمريكا، حيث تجاوز إجمالي قيمة صفقات الإستحواذ هناك 1 تريليون دولار.
وتدفع الحركية النشطة لعمليات إعادة تشكل الشركات المحللين للإعتقاد ببدء تعافي الإقتصاد العالمي بعد الأزمة المالية العالمية. مع ذلك تبقى عمليات الإستحواذ ليست مؤشرا رئيسيا لتقييم الآداء الإقتصادي. في هذا السياق، يعتقد صندوق النقد الدولي أن نمو الإقتصاد العالمي ما زال غير مستقر، إذ قد يدل إستمرار تراجع أسعار النفط وتراخي نمو الأسواق الناشئة على ضعف الآداء الإقتصادي. ورغم أن تعارض العديد من المؤشرات الإقتصادية، يبقى بإمكاننا إستخلاص 3 إحتمالات للإقتصاد العالمي من خلال حركية صفقات الإستحواذ العالمية.
الإحتمال الأول، إستمرار الركود الإقتصادي
تركزت عمليات الإستحواذ خلال 2014 و2015 في مجالين إثنين، أولا قطاعات التكنولوجيا والإعلام والإتصالات(TMT)، وثانيا في العلاج والأدوية، ويعد المجال الأول إتجاه تطور الإقتصاد العالمي في المستقبل، والإستثمار في هذه القطاعات يعني الإستثمار في المستقبل؛ أما الإستثمار في العلاج والأدوية، فهو من جهة إجراء إستباقي ضد الازمات، ومن جهة ثانية يعود إلى إستمرار تأثير الأزمات السابقة، والأهمية الكبيرة التي يوليها الناس للصحة، إلى جانب إرتفاع مستوى الشيخوخة في الدول المتقدمة. وهذا قد يعكس في مرحلة أولى نية المستثمرين في التوقي من المخاطر، وفي مرحلة ثانية قد يعكس إختلاف الآراء حول آفاق الإقتصاد العالمي، ما يعكس استمرار الركود الاقتصادي.
يتمثل الإحتمال الثاني في إنتقال جزء غير كافي من السيولة من الأسواق المالية إلى الإقتصاد الحقيقي. فأمريكا تعد أحد الأمثلة التي تمكنت من الخروج من الأزمة المالية، حيث تراجعت معدل الإكتتاب العام في أمريكا خلال الفصل الأول من العام الحالي بـ 46%، في ذات الوقت إرتفعت نسبة الإستحواذ بـ 60%، ما يدل على أن المستثمرين قد يكونوا متخوفين من حصول صدمة كبيرة لمؤشرات الأسهم الأمريكية وتراجع الأرباح ورفع مستوى الرقابة وبداية الميلان إلى الإقتصاد الحقيقي. وتجدر الإشارة إلى أن الشركات المستحوذة غالبيتها من الشركات الكبرى، مثل إستحواذ شركة شيل الهولندية على مجموعة الغاز البريطانية، وهذا يدل على أن الشركات العملاقة التي ظلت تمسك بكميات هائلة من السيولة قد بدأت الإنفاق، في حين لا تزال الشركات الصغرى والمتوسطة بالحاجة إلى دعم مالي.
الإحتمال الثالث، إقتراب تعافي الإقتصاد العالمي، لكن في ظل تشكل فقاعة جديدة. ومن المؤشرات على ذلك، الحيوية التي تشهدها شركات التكنولوجيا، وتوفر السيولة الكافية، وتراجع الحماس لدخول سوق الأسهم. ما يدل على أن المستثمرين أصبحوا أكثر تفاؤلا بمستقبل الإقتصاد العالمي، وبدؤوا يتخلصون شيئا فشيئا من آثار الأزمة.
وصفت وسائل الإعلام الأمريكية هذا التغير بحماس المستثمرين،"تسبح شركات الابتكار في وادي السيليكون في بحر الأموال المتدفق عن شركات التمويل المغامرة "، "يمكن للشركات التكنولوجية الناشئة أن تحصل على إستثمارات كبيرة في الأسهم وفقا لتقديرات عالية، دون التعجل للجوء إلى الإكتتاب العام." وفي الحقيقة هذا هو سر صعود الشركات الأمريكية من جديد في الدول المتقدمة وحتى بعض الدول النامية بعد صعوبات الأزمة المالية. وفي ظل الحركية الميسرة للسيولة في العالم، إستقبلت الشركات الناشئة عصر سهولة الحصول على السيولة. لكن تبقى المشكلة كامنة في مخاطر الإستحواذ وصعوبات الرقابة. وعلى المستثمرين المتحمسين ألا ينسوا درس الأزمة المالية، ويكونوا أكثر حذر.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn