بقلم/ جيا شيو دونغ، زميل باحث متميز في المعهد الصيني للدراسات الدولية
اجرى وزير الخارجية الصيني يانغ يي محادثات ثنائية مع نظيره الامريكي جون كيري على هامش اجتماع وزراء خارجية دول الآسيان في كوالالمبور الأربعاء 5 أغسطس الجاري ، وأعرب الجانبان رغبتهما في خلق تفاعل ايجابي بين البلدين في اسيا والمحيط الهادئ.
كم المسافة بين الرغبة والواقع؟
اقترحت الصين إنشاء بنك استثمار البنية التحتية الآسيوية للتمويل في بناء البنية التحتية وتعزيز التبادلات الإقليمية والتكامل الاقتصادي من اجل تحسين البنية التحتية في المنطقة الأسيوية، وفي نفس الوقت خلق بيئة خارجية سلمية ومستقرة ومواتية للتنمية في الصين،لذلك،دعت بلدان المنطقة وخارجها للمشاركة فى البنك. وقد بدأت امريكا منذ الاعلان عن المشروع نشر الشكوك وإعاقة مشاركة حلفائها بسبب قلقها من ان يتحدى بنك استثمار البنية التحتية الآسيوية الهيمنة المالية الأمريكية في العالم.
و أعلنت الصين عن “منطقة دفاع جوي" فوق بحر الصين الشرقي لحماية السيادة الوطنية والأمن الجوي وصيانة نظام الطيران وفقا للممارسات المتبعة دوليا. كما اكدت الصين عدة مرات بان هذه الاجراءات والتدابير لا تستهدف أي بلد معين ولا تؤثر على حرية التحليق. لكن امريكا اغتنمت فرصة تحديد "منطقة دفاع جوي" فوق بحر الصين الشرقي وبدأت تثير الدعايات وتنشر الفتنة ، وأرسلت قاذفتين من طراز "بي-52″ الامريكية لتحلق فوق منطقة متنازع عليها في شرق بحر الصين للإعلان عن موقفها.
اعلنت امريكا مرارا ان المادة الخامسة من "معاهدة الأمن" بين اليابان وأمريكا تنطبق على جزر دياويو في الوقت الذي تصر فيه الصين على حماية سيادتها على جزر دياويو والتصدي الى أي تهديد ياباني. واتخذت الصين التدابير اللازمة لحماية حقوقها المشروعة في جزيرة نانشا لمواجهة اعتداءات الفلبينية والفيتنامية المتكررة على سيادة الصين وحقوقها ومصالحها البحرية في بحر الصين الجنوبي. وفي هذا السياق، تكهنت امريكا مرارا وطرحت ايضا مقترح يطالب الدول المطالبة بحقوقها بتجميد أية أنشطة قد تغير الوضع الراهن في بحر الصين الجنوبي، وفي الواقع ان المقترح يفرض ضغطا على الجانب الصيني فقط.
وإن مثل هذه الامثلة التي جذبت الكثير من اهتمام وتعليق الرأي العام الدولي،حتما ستعطي الناس انطباع المجابهة بين الصين وأمريكا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وتعكس الامثلة السابقة تضارب المصالح والشكوك الاستراتيجية المتبادلة بين الصين وأمريكا.وإذا نظرنا في هذه الامثلة فقط،قد نتوصل إلى حكم صراع شامل على العلاقة بين الصين وأمريكا.وفي الاشهر الاخيرة،شكك بعض العلماء والباحثين في امريكا في التنمية السلسلة للعلاقات الصينية ـ الامريكية، حيث يعتقدون ان تفاقم المنافسة بين البلدين يجعل افاق العلاقات قاتمة.
ولكن الواقع متعدد الابعاد. فإذا نظرنا إلى العلاقات الصينية الامريكية برؤية واسعة وطويلة الأجل،سنجد ان المصالح التي تربط البلدين اكبر من الخلافات، وان التعاون لا يزال التيار الرئيسي. وان البلدين يسعيان دائما الى توسيع المصالح المشتركة والسيطرة على الخلافات مهما كان نوعها.
وقد شهدت الاتصالات رفيعة المستوى بين الصين وأمريكا تزايدا مستمرا، كما تم تشغيل سلس لأكثر من 90 من آليات الحوار والتعاون بين الجانبين،بما في ذلك المشاورات حول شؤون آسيا،وتم التوصل ايضا الى ثقة في الية جديدة بين الجيشين. وطرح وانغ يي خلال لقائه مع نظيره الامريكي جون كيري تعزيز التعاون المتبادل المنفعة بين الصين وامريكا،وتعزيز التنسيق في اكثر من 15 مجال، بما في ذلك اتفاقات الاستثمارات الثنائية، تدابير بناء الثقة العسكرية،وتعزيز التعاون في تصدي تغيير المناخ،التمويل، التجارة ، الطاقة ، العدالة ، الصحة العامة ، بما في ذلك ايضا التنسيق في القضية النووية الايرانية والكورية ومكافحة الارهاب في الشرق الاوسط وافغانستان وغيرها من القضايا الاخرى.
لقد حقق التفاعل الايجابي بين الصين وامريكا انجازات ناجحة فى الماضي،ويشهد تفاعلات ايجابية عديدة حاليا،كما سيحقق آفاقا واسعة فى المستقبل .وتعتبر اسيا والمحيط الهادئ منطقة التفاعلات والمصالح المتشابكة بين الصين وامريكا،ما يجعلها حقل تجارب رئيسية لاكتشاف بناء نوع جديد من علاقات القوى الكبرى بين الجانبين ،ولا يمكن لهذه التجربة إلا النجاح لان ثمن الفشل لا يستطيع تحمله أي بلد. ويكمن مفتاح تحقيق التفاعل الايجابي في الحفاظ على الاحترام المتبادل والتعاون المربح للجانبين. وقد اكد وانغ يي من جديد أن الصين لا تنوي إبعاد امريكا عن اسيا والمحيط الهادئ،بل ترغب في أن ترى دورا ايجابيا تلعبه واشنطن في الشؤون الإقليمية لأنه لا يمكن حل معظم القضايا بدون التعاون بين البلدين. ومن جانبه قال جون كيري ان امريكا تدعم بقوة التقدم الصيني ولا تسعى الى مواجهتها في منطقة اسيا والمحيط الهادئ.وبالرغم من ان موقف البلدين ايجابيا الا ان الجانبين سوف يقفان مراقبين نظرا للشكوك الاستراتيجية. بالطبع ، لا يمكن للبلدين ان يبقيا فى موقف المراقب المنتظر فقط، وانما ينبغي ان يتحركا بنشاط نحو التفاعل الايجابي بين البلدين. كما قال وانغ يي، ان الاهم في العلاقات الصينية والامريكية هو حل مشكلة الثقة الاستراتيجية المتبادلة والتفاعل الايجابي في اسيا والمحيط الهادئ.
ولهذا، فإن المشكلة الحالية اصبحت في امكانية تحقيق المزيد من التفاعل الايجابي بين الصين وأمريكا في اسيا والمحيط الهادئ. كما ان العمل الجاد و الرغبة الصادقة ، وتقصير المسافة بين الرغبة والواقع، وتبديد الشكوك وتعزيز الثقة المتبادلة يجنب البلدين الوقوع في "فخ ثيوسيديدز" ويخلق التفاعل الايجابي بينهما في اسيا والمحيط الهادئ.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn