تعليق: مودي يرتب البيادق على "رقعة الشطرنج الكبرى" في الشرق الاوسط

قام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة رسمية لدولة الإمارات العربية يومي 16 و17 اغسطس الجاري، هي الأولى من نوعها الى بلدان منطقة الشرق الاوسط منذ توليه منصبه. وفي الواقع، تهتم الهند خلال الفترة الاخيرة بتوثيق علاقاتها ايضا مع قطر، ايران، تركيا واسرائيل وغيرها من الدول الاخرى في المنطقة. وجدول مودي مزدحم بالزيارات المتبادلة مع دول الشرق الاوسط خلال الفترة القادمة، حيث سيزور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الهند في سبتمبر المقبل، وسيقوم مودي بزيارة تركيا قبل شهر نوفمبر هذا العام للمشاركة في قمة مجموعة العشرين. زد على ذلك، سيلبي موردي دعوة ملك السعودية لزيارة المملكة في وقت لاحق من هذا العام. كما سيقوم الرئيس الهندى براناب موخيرى بزيارة اسرائيل شهر اكتوبر المقبل.

كيف يرتب مودي البيادق على"رقعة الشطرنج الكبرى" في الشرق الاوسط ؟

الهدف من وراء الشطرنج 

قال هو شي تشانغ مدير معهد ابحاث جنوب وشرق اسيا واوقيانوسيا بالمعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، ان السياسة الخارجية الحالية لمودي تجاه الشرق الأوسط جزء مهم في الدبلوماسية والإستراتيجية الهندية تجاه الدول المحيطة والمجاورة. مشيرا الى ان مودي يركز منذ توليه منصبه على العلاقات الهندية مع الدول المحيطة، وأن زيارته الى الشرق الاوسط لم تخرج من المحيط الواسع.

ويرى هو شي تشانغ، ان الهند التي تفتقد للموارد النفطية بحاجة الى الحفاظ على علاقتها مع الشرق الاوسط المصدر الاكبر للطاقة في العالم. حيث أن الهند تستورد نحو 70% من احتياجاتها النفطية من الخارج، وتعزيز علاقتها مع دول الشرق الاوسط من شانه ان يعزز امن الطاقة في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، فإن سعى مودي إلى جذب الاستثمارات الإماراتية ودول الخليج الاخرى يدفع بالتصنيع المحلي في الهند. كما أن تعزيز العلاقات الهندية مع الامارات وغيرها من الدول الاخرى يساعد على حل مشكلة تمويل مشاريع البنية التحتية في الهند.

ويعتقد محللون آخرون أن الاتصال بالملايين من الجالية الهندية في منطقة الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج، احد اسباب توجه مودي نحو المنطقة ايضا. وتشير التقديرات الى ان تحويلات العمالة الهندية التي تبلغ 2.6 مليون عامل في الامارات فقط بلغت حوالي 12 مليار دولار سنويا ، مما يعتبر مصدرا أساسيا من مصادر النقد الأجنبي.

وقال هو شي تشانغ:" ترى الهند بان البيئة السياسية في الشرق الاوسط تحسنت كثيرا حاليا بسبب التغيرات الطفيفة التي حدثت مؤخرا في المنطقة."

شكل الاعتماد على التكنولوجيا العسكرية الاسرائيلية، وعدم معرفة التعامل مع العلاقات الفلسطينية ـ الاسرائيلية والعربية ـ الاسرائيلية، فضلا عن الخلافات مع امريكا بشأن سياسة ايران، صداعا كبيرا للهند. واليوم، يشهد اعتماد الهند على التكنولوجيا العسكرية الاسرائيلية تراجعا في ظل تحسين العلاقات الهندية ـ الامريكية وتحقيق الاتفاق النووي الايراني تطورا بارزا، الذي قلل من المواجهة السياسية لايران، وخلق الظروف المواتية تساعد موتي على تحقيق سياسة خارجية متوازنة في الشرق الاوسط.

الدور الاكثر أهمية

كيف يرتب مودي البيادق على "رقعة الشطرنج الكبرى" في الشرق الاوسط؟ ما هو الدور الذي قد تلعبه الهند في المنطقة؟

قدم وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف جوابا ايجابيا في الجولة الاخيرة التي قام بها الى الهند، حيث يعتقد ان الهند لاعب مهم في غرب اسيا، ويمكن ان تلعب دورا قياديا في المنطقة.

ويعتقد الخبراء ان الهند ستهتم كثيرا بالشرق الاوسط نظرا لدرجة اعتمادها على الاسواق الدولية والموارد الدولية.

قال هو شي تشانغ، أن بلدان الاسواق الناشئة مثل الهند تواجه بيئة اقتصادية دولية قاسية على نحو متزايد بسبب تأثيرات الازمة المالية وارتفاع الاتجاه الحمائي في الاسواق الامريكية والأوروبية. مضيفا، وفي هذا السياق ،ستعمل الهند على تعميق علاقاتها مع دول الشرق الاوسط مستقبلا من اجل تعزيز الاقتصادية والتجارية ، حيث تعتبر اكبر منطقة لتصدير السلع الاساسية.

ويعتقد محلل اخر، ان الهند تعد استراتيجية طويلة الاجل للتنمية الاقتصادية المحلية بعد زيادة مشاركتها وتأثيرها تدريجيا في شؤون الشرق الاوسط. كما لا تركز زيارة مودي الى الامارات على تعزيز التعاون في مجال الاستثمار فقط، وإنما الامن الاقليمي ايضا. 

ومع ذلك، فإن ترتيب مودي للبيادق على "رقعة الشطرنج الكبرى" في الشرق الاوسط مهمة ليست سهلة في الظل الفوضى العارمة التي تعيشها المنطقة.

وأشارت مجلة "المصلحة الوطنية" تصدر كل شهرين على موقعها الالكتروني الى ان الهند وإسرائيل لا تزال لديهما مصالح مشتركة، لكنهما يتعارضان بشان التقارب مع ايران والاعتماد على الدول العربية كمصدر أول للطاقة. وعليه، فإن مودي بالحاجة الى ميزان سليم حتى يتمكن من الموازنة بين هذه المتناقضات وكسب اقصى قدر من المنافع.