تعليق: انخفاض أسعار النفط فرصة ذهبية لإصلاح الطاقة في الصين

تراجعت اسعار النفط مؤخرا الى حوالي 40 دولار للبرميل بعد ان حافظت على استقرارها منذ فرض حظر على استيراد النفط الإيراني. وفي انتظار اعادة التوازن بين العرض والطلب في السوق، ستظل اسعار النفط في حالة انخفاض مستمر في ظل اثر الاتفاق النووي الايراني. لذا،هل انخفاض اسعار النفط امر جيد أو سيئ بالنسبة للصين؟

عموما، يعتبر انخفاض اسعار النفط جيدا للتنمية الاقتصادية في الصين. حيث ان انخفاض اسعار النفط يخفض من التكاليف الاجمالية في الصناعة، ويوفر مئات الملايين من الدولارات سنويا، وهذا امر جيد بالنسبة للنمو الاقتصادي. ويمكن لانخفاض اسعار النفط ان يوفر احتياطي استراتيجي نفطي بمنخفض التكلفة ، ويفيد استراتيجية " خروج" النفط ، ويجعل التعاون الدولي في مجال الطاقة اكثر سلاسة.

ان انخفاض اسعار النفط فرصة ذهبية لتنفيذ الاصلاحات المتعلقة بالطاقة في الصين . وهناك مطلبان أساسيان ينبغي توفيرهما مسبقا قبل بداية تنفيذ الاصلاحات في مجال الطاقة( لا سيما اصلاح اسعار النفط الاكثر حساسية):ـ اولا، ان يكون وضع العرض والطلب للطاقة فضفاض. في الواقع، توفير الطاقة خطوة أولوية وبعدها الكفاءة ، وفي ظل نقص الطاقة يصعب تنفيذ الاصلاحات، حيث ان الاخيرة بحاجة الى اسس مهمة.ثانيا، استقرار او انخفاض اسعار الطاقة. حيث ان احتمال ارتفاع اسعار النفط مرة اخرى بعد اصلاح الطاقة اكبر عقبة يواجهها اصلاح اسعار الطاقة، و يمكن أن يؤثر على النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. كما يرحب بالإصلاحات في مجال الطاقة اذا لم تتغير اسعار النفط او انخفضت بعدها. ويمكن اجراء الاصلاحات في مجال الطاقة خلال انخفاض اسعار الاخيرة بما لا يؤثر على النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.

ومن ناحية أخرى، ينبغي ان تبقى الصين مستيقظة لإمكانية تحقيق النفط قفزة سريعة في الأسواق العالمية. وستبدأ شركات انتاج النفط الصخري الامريكية في الافلاس إذا ظلت اسعار النفط حوالي 40 دولار امريكي لفترة طويلة ، مما يضطرها الى تخفيف انتاج النفط الصخري. ولكن من ناحية اخرى، فإن انخفاض اسعار النفط يحفز استهلاك النفط في امريكا، وستعتمد امريكا اكثر عى الواردات النفطية، وهكذا يتباطأ الاستقلال في مجال الطاقة. وقد اصبح التعاون الروسي الصيني في مجال الطاقة اوثق في ظل توقعات باستمرار انخفاض أسعار النفط، وحاجة روسيا الى السوق الصينية اكثر من اي وقت مضى، كما سيكون هناك مشاريع تعاون في مجال النفط والغاز بين البلدين اكثر وأكثر في المستقبل القريب.

تواجه بلدان الاوبك مشاكل اقتصادية واجتماعية شديدة بسبب احتمال استمرار انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية،والتي قد تخلق اضطرابات اجتماعية وتهدد استقرار بعض الدول، ويثبت مرة اخرى ان المتغيرات الجيوسياسية اقوى ما يهدد اسعار النفط. حيث ان تخفيض بلدان الاوبك في الانفاق المالي قد يؤدي الى نشوب اضطرابات تؤثر على الاستقرار الاجتماعي، مما يفجر الفضاء الجيوسياسي ، والعكس صحيح ايضا. وفي هذا الصدد، ينبغي على الصين ان تستعد جيدا.