بكين 29 أكتوبر 2015 / يعتزم رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ التوجه إلى سول في نهاية الأسبوع الجاري للقيام بزيارة رسمية إلى كوريا الجنوبية وحضور أول اجتماع لقادة الاقتصادات الثلاثة الكبرى في شرق آسيا بعد توقف دائم ثلاث سنوات.
ونظرا للثقل الاقتصادي للصين واليابان وكوريا الجنوبية، يقول المراقبون إنه من المتوقع أن تضخ القمة المرتقبة جرعة من قوة الدفع السياسية التي صارت هناك حاجة ماسة إليها في تعاونهم وحيوية جديدة في التنمية الإقليمية.
-- نقطة تحول للتعاون
وباعتبارها جزءا مهما ولا يتجزأ من تعاون شرق آسيا، طرحت فكرة هذه الآلية الثلاثية في عام 1999 كمشتق عن منصة رابطة دول جنوب شرق آسيا التي تضم 10 أعضاء زائد الصين واليابان وكوريا الجنوبية، حيث انطلقت الاجتماعات السنوية للقادة في عام 2008 خارج إطار (10+3).
ونمت هذه الآلية لتصبح مؤسسة ناضجة تتسم بالتعاون المتضمن جميع الأبعاد والمتعدد الأطر والواسع النطاق قبل أن تشهد درجة حرارتها هبوطا حادا في عام 2012 جراء سلسلة من التحركات اليابانية بشأن قضايا تاريخية ومتعلقة بالسيادة أثارت بشدة غضب كل من الصين وكوريا الجنوبية.
والآن، يشير استئناف اجتماع القمة، وهو جوهر هذا الترتيب الثلاثي، إلى أن التعاون بين الدول الثلاث يجد مخرجا من المضيق ويعود إلى المسار الصحيح ويسير صوب مرحلة جديدة، هكذا ذكر يانغ هو لان السكرتير العام لأمانة التعاون الثلاثي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية ومقرها سول.
وفي الفترة التي سبقت هذا الاستئناف، عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قمة لكسر الجليد في نوفمبر على هامش الاجتماع الـ22 لقادة اقتصادات التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا - الباسيفيك في بكين.
ومن ناحية أخرى، بدأت تتحسن أيضا العلاقات بين كوريا الجنوبية واليابان. وفي قمة (10+3) التي عقدت في العام الماضي، أعربت رئيسة كوريا الجنوبية بارك جيون-هيه عن أملها في أن تعقد الدول الثلاث اجتماعا لوزراء الخارجية في المستقبل القريب وبعد ذلك قمة ثلاثية . وخلال زيارتها للصين في مطلع سبتمبر، سعت بارك أيضا إلى الحصول على دعم الصين لاستئناف اجتماعات القادة.
ورغم أن الاستئناف لا يعنى أن الدول الثلاث حلت مشكلاتها، إلا أنه يبرهن على عزمها تحسين العلاقات والتعامل مع الخلافات، حسبما ذكر روان تسونغ تسه نائب رئيس معهد الصين للدراسات الدولية.
وأضاف أنه علاوة على ذلك، من المتوقع أن يخلق الاجتماع رفيع المستوى مناخا سليما سيمنع الأطراف المعنية من إساءة التصرف ويعمل على تنشيط التعاون الثلاثي على شتي المستويات، وبهذا يضطلع بدور إيجابي في تحسين العلاقات بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية ويعزز الاستقرار والتنمية الإقليميين.
-- مجتمع ذو مصير مشترك
إن الصين واليابان وكوريا الجنوبية جيران تربطهم صلة وثيقة ولاعبون رئيسيون في آسيا. فعدد سكانها يمثل 70% من إجمالي عدد سكان شرق آسيا ويمثل إجمالي ناتجها المحلي 70% من الناتج الاقتصادي الآسيوي ككل.
وقال جيانغ روي بينغ نائب مدير جامعة الشؤون الخارجية الصينية "لهذا، فإن التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية ليس هاما للدول الثلاث نفسها فحسب، وإنما لكل أنحاء آسيا وآسيا-الباسيفيك".
ومن المقرر أن تبحث القمة المرتقبة التعاون الدولي في القدرة الإنتاجية، والابتكار التكنولوجي، واتساق المبادرات التنموية، ومحادثات التجارة الحرة، والتكامل الاقتصادي الإقليمي ، وذلك من بين موضوعات أخرى.
وذكر مساعد وزير التجارة الصيني تونغ داو تشي في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا أن الأطراف الثلاثة ستجرى تبادلا معمقا لوجهات النظر، وتتوصل إلى توافق شامل، وتدفع تعاونها إلى مستويات أعلى ومجالات أعرض ونطاقات أكبر وهيكل أكثر تنوعا ومثالية.
وفي أعقاب القمة،من المتوقع أن تصدر الأطراف الثلاثة بيانات مشتركة حول التعاون في مجالات مثل الزراعة والتجارة والبيئة، وتدلى بتصريحات حول القضايا التاريخية.
ولدى إشارته إلى أن شرق آسيا تعد الآن المنطقة الأكثر دينامية في العالم ولكن التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية الذي يعد محركا رئيسيا للتنمية الإقليمية تعرقله القضايا السياسية والدبلوماسية، ذكر وودي هان مدير معهد جونجانج إيلبو للشؤون الصينية في كوريا الجنوبية، أنه يأمل في أن تستعيد القمة القوة التنموية لشرق آسيا.
وفي أعين البروفيسور كوميكو هابا من جامعة أياما جاكوين اليابانية، ينبغي أن يكون الاجتماع بمثابة فرصة لتوسيع التبادلات الثلاثية للباحثين وعامة الجماهير، الأمر الذي سيشكل أكبر ضمانا للسلام والرخاء.
ودعا أتسوشي كوكيتسو نائب رئيس جامعة ياماجوتشي اليابانية الدول الثلاث إلى اغتنام قوة الدفع هذه وإعادة تنظيم اجتماعات قادتهم مرة أخرى فيما يلزمون أنفسهم بتدعيم العلاقات الودية والاستعداد لبناء مجتمع آسيوي ذي مصير مشترك على غرار الاتحاد الأوروبي في المستقبل.
-- المسؤولية تقع على عاتق اليابان
ويتفق المراقبون على أن اليابان هي من يلقى عليه باللائمة في انهيار اجتماع القمة الثلاثي الذي عقدت آخر جلساته -- الخامسة -- في بكين في عام 2012.
وفي الجوهر، كانت المشكلات المختلفة التي نجمت عن النهج الخاطئ الذي إتبعته طوكيو تجاه التاريخ هو ما قاد في نهاية المطاف إلى هذا التعليق، هكذا ذكر هان وهو يشير أيضا إلى النزاعات المنفصلة والمتعلقة بالسيادة لليابان مع الصين وكوريا الجنوبية.
وأرجعت هابا، الحاصلة على درجة الدكتوراة في العلاقات الدولية،هذا التوقف إلى تصعيد خطير في علاقات اليابان مع الصين وكوريا الجنوبية دفعه بشكل أساسي ما يسمى بـ "تأميم" طوكيو لجزر دياويو وإنزلاق إدارة آبي ناحية الاتجاه اليميني.
وأشارت إلى انه في أعقاب قيامها على نحو مثير للجدل برفع الحظر المفروض على ممارسة الدفاع الذاتي الجماعي، شهدت حكومة آبي انخفاضا حادا في شعبيتها، ولهذا سعت من أجل كبح هذا الانخفاض إلى رأب العلاقات مع جيران اليابان.
وقال يازاكي ميتسوهارو رئيس أمانة جمعية الصداقة اليابانية-الصينية إنه يتعين على الحكومة اليابانية من الآن فصاعدا محاولة كسب ثقة الصين وكوريا الجنوبية بالأقوال والأفعال السليمة والبدء في تنفيذ إجراءات عملية لتعزيز التعاون الإقليمي.
كما دعا طوكيو إلى تحويل تركيز سياستها الخارجية من الولايات المتحدة إلى شرق آسيا وبذل جهود ملموسة مع بكين وسول لتعزيز التنمية الإقليمية والسلام العالمي.
وأضاف أن اليابان بحاجة أيضا إلى الاستجابة بإيجابية لمبادرات ورؤى إقليمية مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ومبادرة (الحزام والطريق)، وبناء مجتمع ذي مصير مشترك في شمال شرق آسيا.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn