طوكيو 2 نوفمبر 2015 / تعهد زعماء اليابان والصين وكوريا الجنوبية امس (الأحد) باستئناف محادثات القمة الثلاثية بعد توقف استمر ثلاثة أعوام ونصف.
وتعد تلك بادرة على ذوبان جليد العلاقات الدبلوماسية بين الدول الثلاثة الكبرى في شمال شرق آسيا. وفي حين أن تلك الاختراقة اعتبرت خطوة هامة للمنطقة بأكملها، يعتقد مراقبون أن هناك الكثير من العمل المطلوب قبل إعادة العلاقات الطبيعية بشكل كامل.
وقال محللون هنا إن القمة نفسها لن تؤدي لأية مكاسب كبيرة معينة لأي من الأطراف الثلاثة، لكنها ستكون بمثابة علامة بارزة للدبلوماسية في المنطقة بجو يؤدي إلى خلفية أكثر تشجيعا على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، والتعامل مع بعض القضايا الشائكة بطريقة أكثر عملية.
وقال لورانت سينكلير محلل شؤون منطقة المحيط الهادئ لوكالة أنباء (شينخوا) "أعلن الزعماء الثلاثة بالفعل أنهم سيستأنفون محادثات القمة الثلاثية السنوية بناء على ما وصفوه بروح "التطلع للمستقبل" حيث تستضيف اليابان المحادثات العام القادم وهذا يظهر أن جميع الدول المشاركة تلتزم للمرة الأولى منذ ثلاثة أعوام بالتعامل مع القضايا التي أدت لفتور العلاقات الدبلوماسية ووصولها لأدنى مستوياتها على مدار أعوام".
وقال سنكلير "ناقشوا أيضا قضايا متعلقة بالاتفاقيات التجارية بين البلدان الثلاثة وهو ما يظهر الاعتماد المتبادل لتلك البلدان على بعضها البعض والذي لابد أن تقوم كل منهم ببناءه مع الآخرين نظرا لأن اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية بينهم قد تشمل أكثر من 20% من الاقتصاد العالمي وأن تكون مكسبا حقيقيا للمنطقة بأكملها".
وقال اكيهيكو تاناكا الأستاذ في جامعة طوكيو ومتخصص في السياسة الدولية في مقال نُشر مؤخرا "تؤثر اقتصادات اليابان والصين وكوريا الجنوبية على الاقتصاد الآسيوي وكذلك الاقتصاد العالمي بأسره. ويمثل اجمالي الناتج المحلي لهم 21% من اجمالي الناتج المحلي العالمي أي أقل من الولايات المتحدة مباشرة وأكثر من ستة أضعاف أكبر من نصيب دول الآسيان العشرة".
وقال "في حال انضمام الصين وكوريا الجنوبية لاتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ سيكتسب تحرير الاقتصاد العالمي سرعة. وفي هذا الشأن لابد أن تستغل اليابان الجهود الراهنة لتوقيع اتفاقية حول اتفاقية تجارة حرة ثلاثية مع الصين وكوريا الجنوبية".
وقال سنكلير إن اجتماع امس والاجتماعات المستمرة اليوم (الاثنين) تظهر للعالم أن برغم التوترات الراهنة ف المنطقة لكن الزعماء مستعدون لمناقشة تلك القضايا على أعلى مستويات ممكنة بدلا من مواصلة إبقاء أبواب الدبلوماسية مغلقة.
وتمر التغيرات الأمنية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بتحولا ديناميكيا مع النزعة العسكرية المفاجئة لليابان، إلى جانب التركيز الأمريكي على المنطقة.
ولابد أن ينتهز رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الفرصة ليتيح لرئيسة كوريا الجنوبية بارك جوين هي ورئيس مجلس الدولة الصيني لي كه شيانغ بمعرفة نواياه الحقيقية، نظرا لأن تحركاته الفردية لتعزيز الجيش الياباني أدت للكثير من القلق والترقب في المنطقة وفقا لملاحظات المراقبين السياسيين.
وقال كويتشي ايشيكاوا المعلق السياسي وكبير الباحثين لوكالة أنباء (شينخوا) "مما لا شك فيه أن الصين وكوريا الجنوبية التي عانت كل منهما الولايات على أيدي الجيش الأمبراطوري الياباني خلال الحرب العالمية الثانية تشعر كلتيهما بالقلق بسبب محاولة اليابان مجددا الاتجاه لنزعة عسكرية ترفع بدرجة كبيرة القيود التي فرضها الدستور".
وأعرب عن اعتقاده بأن إذا كانت خطط اليابان كما أكد آبي مرارا نوع من الدعم الفعال للسلام العالمي وأنها لا تحمل أية نوايا سيئة تجاه جيران اليابان، فأن تلك المحادثات يجب أن تكون بداية لمحادثات أخرى حول الموضوع.
وقال ايشيكاوا "بشكل ما فان تلك القمة والقمم التي ستليها ستكون بمثابة اختبار لآبي الذي يصف نفسه بالسياسي الماهر، لكنه معروف أيضا بمراوغته الدبلوماسية، لذلك فان تصريحاته وأفعاله ستكون خاضعة للتدقيق بشكل أكثر حدة".
وقال "لكن نأمل أن مثل هذا التدقيق سيؤدي إلى المزيد من النزاهة والجدية وأن يتم أيضا حل بعض القضايا التي استمرت لأعوام بجدية وبحس من النزاهة وأن يتم إحراز تقدم".
وتحدث عن المشكلات التي لا زالت قائمة بين البلدان الثلاثة وخاصة أن اليابان لم تواجه جرائم وقت الحرب بشكل كامل بما في ذلك انتهاكات "نساء الراحة" الصينيات والكوريات والنزاعات على الأراضي مع الصين حول جزر دياويو في بحر الصين الشرقي التي أدت لتدهور غير مسبوق في العلاقات بين طوكيو وبكين والنزاع الحالي مع كوريا الجنوبية حول الجزر الموجودة في بحر اليابان والذي لا زال دون حل.
ولكن كما أشار هيديشي تاكاسادا الأستاذ في جامعة تاكوشوكو في طوكيو فان تلك القمة بمفردها تعد أول وأكبر خطوة تجاه المزيد من الحوار حول نقاط محدد يمكن ولابد أن تستمر.
وقال تاكاسادا "تلك القمة خطوة كبيرة للأمام للبلدين. يعلق جانب كوريا الجنوبية آماله على التوصل لحل وسط مع اليابان حول التاريخ وقضية نساء الراحة. لكن من المستبعد أن يتم حل تلك الأزمة خلال القمة، وعلى أفضل تقدير ستتفق البلدين على مواصلة الحوار حول القضية".
وقال ايشاكاوا إن القمة الثلاثية تشير لبداية عصر جديد من الحوار المتطور للأطراف الرئيسية المعنية في المنطقة وأنها شهدت كسر جمود العلاقات الدبلوماسية في أول محادثات لآبي مع رئيسة كوريا الجنوبية ومواصلة كسر جمود العلاقات مع الصين حيث عقد آبي اجتماعا مباشرا مع رئيس مجلس الدولة لي.
والتقى آبي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في مناسبتين منذ نوفمبر الماضي.
وقال العديد من المراقبين إن بالتطلع قدما هناك حاجة لتكثيف الحوار من المستويات الأعلى لما هو أسفل من حيث المرات وعمق المحادثات والتركيز على الطبيعة الثلاثية للمحادثات وكذلك الأهمية الدبلوماسية والتواصل الثنائي بين بلد وآخر.
وقال سنكلير "بشكل نظري من الممكن تحقيق تقدم كبير في المنطقة باستئناف المحادثات السداسية على سبيل المثال وهو أمر بالغ الأهمية لأمن المنطقة وكذلك فيما يتعلق بالمحادثات المتعلقة بتعزيز الشراكة الاقتصادية والتعاون في المنطقة".
وقال "من الممكن أن تؤدي مثل تلك المحادثات للتعامل مع قضايا بيئية وتعزيز التبادلات الشعبية بين البلدان وهو ما سيساعد في التخلص من المشاعر السلبية بين الشعوب تجاه بعضها البعض".
واختتم سنكلير قوله "بشكل عام حالة المنطقة اليوم أفضل مما كانت عليه بكثير امس بفضل تلك القمة. وهذا يثبت قوة الحوار".
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn