تعليق: لماذا هذه الشعبية والترحيب الحار بمبادرة " الحزام والطريق"؟

اعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ عن مبادرة " الحزام والطريق" قبل عامين، واستقبلت بترحيب واسع ليس فقط من عدد كبير من البلدان والمنظمات الدولية الواقعة على طول الطريق ، وإنما نالت استجابة متحمسة وجدية من خارج بلدان المنطقة مثل بريطانيا، وأجرت التواصل والترابط والالتحام الاستراتيجي مع الصين، للقيام بالتعاون الدولي، وتطوير سوق الطرف الثالث.

وفي كلمة القاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن حالة الاتحاد مؤخرا، اكد فيها دعم روسيا لمبادرة " الحزام والطريق " الصينية وأن الالتحام الاستراتيجي الروسي مع" الحزام والطريق". ويعتبر هذا احدث رد ايجابي تلقته مبادرة " الحزام والطريق" من المجتمع الدولي.

وقال احد الخبراء العرب خلال المنتدى العالمي السادس للدراسات الصينية الذي عقد مؤخرا في شنغهاي: "فتحت الدول الغربية على مر السنين سوقا لبيع وتصدير الاسلحة للدول المضطربة في الشرق الاوسط، من اجل الاستيلاء على النفط، والصين الدولة الوحيدة التي قدمت مبادرة التعاون والتنمية الاقتصادية، وهذا ما نريده!" ، مما يعكس تطلعات العالم. وقد لقيت مبادرة " الحزام والطريق" ترحيبا حارا لما تحمله من حتمية تاريخية، وعقلانية وواقعية، واستمرارية في المستقبل.

ــــ الحتمية التاريخية:

كان طريق الحرير ممرا بحريا وبريا بين الشرق والغرب، وملتقى اهم ثلاث حضارات قديمة، الصينية والهندية والرومانية. ويشمل " الحزام والطريق" اليوم آسيا الوسطى، آسيان وجنوب آسيا ووسط وشرق أوروبا وغرب آسيا وشمال أفريقيا و 65 دول ومناطق اخرى ( طبعا، مبادرة" الحزام والطريق" مفتوحة ولا تقتصر على 65 دولة فقط)، 4.4 مليار نسمة، والقدرة الاقتصادية لحوالي 21 تريليون دولار، وهو ما يمثل 63٪ و 29٪ من العالم على التوالي. وقد تكون هذه الدول " منخفض" او " ممر" على طول طريق الحرير العريق، أما اليوم، ومقارنة مع البلدان الساحلية، فإن المنطقة ليست كافية للعولمة أيضا. ويمكن أن تساعد شبكة الترابط والتواصل اليوم مثل خطوط السكك الحديدية عالية السرعة على الاندماج العالمي، الأمر الذي يشبه استخدام فائدة الوديعة التي ودعت قبل 2000 عاما.

ــــ واقعية عقلانية:

ان التناقضات بين الطلب الدولي المتزايد للمنتجات العامة والنقص في العرض قوة دافعة لبناء" الحزام والطريق". وقد ادت فجوة تمويلية كبيرة في احتياجات البنية التحتية في آسيا تبلغ نحو 8 مليارات دولار الى نجاح بنك الاستثمار الآسيوي الذي دعت الى انشائه الصين. وأن خلق مبادرة " الحزام والطريق" فرصا للتعاون بين الصين ودول اخرى لتوفير المنتجات العامة احد الاسباب المهمة لشعبية المبادرة. وعليه، فإن مبادرة " الحزام والطريق" تخلق فرص التعاون وليس المواجهة. و تعتبر التنمية الصينية نموذجا للتنمية المستقلة ومثالا جيدا تقتذى به بلدان اخرى على طول الطريق، وتحقيق تطلعاتهم للتنمية الخاصة. وعلى الاساس الاقليمي، يوفر بناء " الحزام والطريق" المنتجات العامة من خلال التعاون الوطني، ويمكن تعويض فجوة التمويل الضخمة في البنية التحتية في اسيا.

ــــ الاستمرارية في المستقبل:

تدعو مبادرة " الحزام والطريق" لمبادئ المفاوضات والبناء والتقاسم المشتركة وتهدف الى بناء مجتمع مشترك المصالح والمسئولية والمصير. ويعتبر تعزيز روح طريق الحرير للتوحيد والمساواة والثقة المتبادلة والتعاون والمنفعة المتبادلة اختبارا رئيسيا لاستمرارية "الحزام والطريق" في المستقبل. وأن تحديث نظام الخطاب الغربي لفهم مبادرة " الحزام والطريق"و للإجابة عن تسائل البعض بشأن الاتجاه المستقبلي للمبادرة ما هو إلا تضليل للرأي العام. في الواقع، احياء الصين ليس احياء دولة واحدة فقط، وإنما احياء حضارة ، لذلك لا يمكننا أن ننظر الى مبادرة " الطريق والحزام " بمنطق صعود القوى العظمى .

وباختصار، أن مبادرة " الحزام والطريق" تحول العولمة الجزئية الى العولمة الشاملة، وتجمع بين العولمة والأقلمة لمساعدة المزيد من البلدان على ان تصبح غنية ، وتخلق نموذجا جديدا للتعاون الاقليمي والدولي في القرن الـ 21، وتفتح مستقبلا أخضر لتنمية مستدامة ، وهذه جذور الترحيب الحار لمبادرة" الحزام والطريق".