دمشق10 مايو 2016 /ينتظر العشرات من الرجال والأطفال والنساء الذين افترشوا الأرض في إحدى مراكز الإيواء في محافظة السويداء بجنوب سوريا, الحصول على خيمة صغيرة تأويهم بعد رحلة عذاب طويلة قادتهم عبر البادية السورية وصولا إلى السويداء، هربا من الظلم الذي يقع عليهم من قبل تنظيم "داعش " الذي يسيطر على مدنهم وقراهم في المحافظات السورية الشرقية والشمالية الشرقية.
وارتسمت على وجوه هؤلاء الوافدين علامات التعب والإرهاق ، وبداخل كل شخص منهم قصة وحكاية عن معاناتهم مع تنظيم " داعش "، الذين أجبرهم داعش على الهرب بسبب ممارستها الإرهابية بحقهم، عبر رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر عبر الصحراء ولساعات طويلة تستغرق عدة أيام.
فهنا عائلة تجلس بجانب حقائبها تحت أشعة الشمس الحارقة، وأطفال يبكون، ونساء تلبسن البسة سوداء طويلة لا ترى من خلالها إلا أعين ، تتنظر الفرج القريب، وأخرى سبقتها بالمجيء إلى مركز الإيواء بأيام تجلس بداخل خيم صغيرة تضم بداخلها عدد من الأشخاص الهاربين من محافظات الرقة بشمال سوريا والحسكة (شمال شرق) وريف حلب الشرقي، وريف حمص الشرقي.
جلس أبو صدام رجل مسن ( 56 عاما ) أمام خيمته الصغيرة البيضاء اللون وعليها شعار الهلال الأحمر الإيراني مع عدد من أفراد عائلته المتعبة من السفر عبر البادية.
وقال لوكالة ((شينخوا)) بدمشق اليوم ( الثلاثاء ) بعد أن قام بتغطية وجهه خشية أن يتعرف عليه أحد من عناصر تنظيم "داعش " في مدينته الرقة عند نشر صورته في الإعلام ، ويقوم بأذية من بقي من أهله هناك، إنه "وصل إلى قرية تدعى الشعاب بريف السويداء الشمالي الشرقي، منذ حوالي الأسبوع ، وبقي يومين بالعراء مع عائلته حتى تمكن من الدخول إلى قرية أخرى في محافظة السويداء، ليتم نقله في اليوم الثاني إلى مركز الإيواء في معسكر لطلائع البعث في قرية رساس جنوب مدينة السويداء حوالي 4 كلم " .
وروى أبو صدام بعد أن تنهد كيف تعرض للمخاطر في رحلته عبر الصحراء التي استغرقت معه حوالي 72 ساعة متواصل، مؤكدا أنه أحد الحواجز التابعة لتنظيم "داعش " منعهم من متابعة الهرب وأجبرهم على العودة إلى محافظة الرقة، لكنه تمكن من الهرب منهم عبر طرق فرعية في الصحراء.
وأضاف أبو صدام " لقد كانت أيام صعبة، ورحلة شاقة ذقنا فيها كل أشكال العذاب، مشيرا إلى أن كل هذا العذاب "يهون أمام الظلم الذي كان يمارسه علينا من قبل مقاتلي "داعش" الذين يجعلوننا نمكث بالبيت لأيام خوفا من العقوبات التي ستحل بنا في حال خروجنا" .
وأكد أن تنظيم "داعش " يفرض علينا غرامات باهظة بالإضافة إلى العقوبات الجسدية مثل الجلد في الساحات، أو الإعدام الميداني امام الناس.
وقال: " لم يعد بمقدورنا التحمل أكثر من ذلك فقررنا الهرب من الرقة عبر الصحراء حتى وصلنا إلى محافظة السويداء بحثا عن الأمن والاستقرار."
وقال الشاب أحمد وهو أيضا من محافظة الرقة إنه فر مع عائلته إلى محافظة السويداء بعد أن قام أحد مقاتلي تنظيم"داعش " بجلدته 20 جلدة لآنه قام بتدخين سيجارة في الطريق.
وقال لوكالة ((شينخوا))إنه "طالب في الصف الثالث الثانوي ترك المدرسة منذ عام 2012 بسبب إقفال تنظيم "داعش " للمدارس"، مؤكدا أنه سيكمل تعليمه بعد أن خرج من ظلم تنظيم "داعش ".
و رفض عشرات الأشخاص الفارين من ظلم تنظيم "داعش " إلى محافظة السويداء، الحديث عن المظالم التي تعرضوا لها على يد تنظيم "داعش "، بحجة أن لهم أهل وأقرباء مازالوا في مناطق تحت سيطرة التنظيم، ويخافون عليهم من أن يصابوا بأي أذى من قبل "داعش" .
ومن جانبه وصفت ام إبراهيم ( 67 عاما ) رحلتها من الرقة عبر الصحراء بأنها "متعبة ومؤلمة "، مؤكدة أنها تعرضت وعائلتها للابتزاز من قبل المهربين الذين نقلوهم عبر سيارات من نوع بيك - اب إلى آخر نقطة في ريف السويداء الشمالي الشرقي.
وأضافت إنها "عاشت أيام صعبة في الرقة، في ظل وجود داعش التي تريد أن تطبق الشرعية الإسلامية على المواطنين"، مشيرة إلى أن التشديد الذي يمارسه التنظيم بحق الناس جعل الكثير من الناس يفكر بالهرب بأية طريقة.
وبدره قال محمد 43 عاما من ريف حلب الشرقي إن "العيش مع تنظيم "داعش " لا يطاق، لا يمكن للمرء أن يتحمله, فهم يفرضون عقوبات قاسية بحق الناس، ويحرمونهم من أبسط حقوقهم "، مشيرا إلى أن مراقب الحسبة صرخ ذات يوم بصوت عال على زوجتي لآن يداها مكشوفتان، مؤكدا أن البقاء في البيت هو أفضل من الخروج منه.
وأعرب الفارون من المناطق الشرقية ومن تنظيم "داعش" عن فرحهم من الخلاص من ظلم داعش ، ووصولهم إلى محافظة السويداء حيث يشعرون الآن بالأمن والاستقرار.
وقال إبراهيم كيوف مدير مركز الإيواء في بلدة رساس بجنوب مدينة السويداء لوكالة ((شينخوا)) إنه " منذ حوالي أكثر من 10 أيام وصل إلى محافظة السويداء وافدين من المحافظات الشرقية في سوريا عبر البادية السورية، وصولا إلى قرى حدودية في المحافظة، وباعداد كبيرة، هربا من ظلم تنظيم "داعش" الإرهابي " .
وأضاف كيوف أن "اعداد هؤلاء وصل إلى أكثر من خمسة آلاف شخص بين رجل وامرأة وطفل، معظمهم من محافظات الرقة والحسكة وريف حلب الشرقي وريف حمص، مشيرا إلى أن الحكومة السورية والمنظمات الإنسانية والهلال الأحمر السوري قاموا بتقديم الرعاية الصحية والإغاثية لهؤلاء الوافدين وإسكانهم إلى أن يتم ترحيلهم إلى منطقة الحرجلة بريف دمشق الجنوبي الغربي.
وبين مدير مركز الإيواء إلى أنه تم ترحيل أكثر من 500 شخص كدفعة أولى وسيتم ترحيل الباقين ريثما يتم تأمين سكن ملائم لهم، مشيرا إلى أن الوافدين مازالوا يأتون إلى السويداء عبر الطرق الصحراوية الصعبة.
وقال كيوف إن "هؤلاء تحدو الموت وجاؤوا بحثا عن الأمن والاستقرار ، وهربا من ظلم تنظيم داعش " .
يشار إلى أن محافظة السويداء لم تشهد مظاهرات مناوئة للحكومة السورية، وحافظت على أمنها واستقرارها، ولكنها محاطة من الغرب والجنوب من قبل تنظيم "جبهة النصرة" من الشمال الشرقي من قبل تنظيم "داعش ".