القاهرة 3 مايو 2017 / تظهر البيانات والأرقام الحديثة نموا ملحوظا في التعاون بين مصر والصين، اللتين رفعتا مستوى علاقاتهما الثنائية إلى "الشراكة الاستراتيجية الشاملة"، فيما يتعلق بحجم التجارة والاستثمار بين البلدين، في ضوء مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل أربعة أعوام.
وتهدف مبادرة إحياء طريق الحرير، والتي يطلق عليها حاليا مبادرة "الحزام والطريق" حيث تتألف من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، إلى إحياء طرق التجارة القديمة لتربط الصين بكثير من الدول في آسيا وأفريقيا وأوروبا من خلال شبكات تجارية وبنية تحتية.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر، احدى البقاع المحورية في المبادرة، 11.3 مليار دولار في عام 2016، وتحتل مصر المرتبة الثالثة أفريقياً والـ47 عالمياً من حيث الشراكة التجارية مع الصين.
ورغم أن معظم التبادل التجاري بين مصر والصين عبارة عن صادرات صينية للدولة العربية الأكثر سكاناً، فإن الواردات الصينية من البضائع المصرية وصلت في أول شهرين من عام 2017 إلى 159 مليون دولار، بزيادة سنوية قدرها 326.25%.
وفي ضوء الزيارات الرسمية المتبادلة بين الرئيس شي جين بينغ ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي خلال السنوات القليلة الماضية فقد ازدادت الاستثمارات الصينية في مصر لتبلغ 700 مليون دولار، مع قفزة في عدد الشركات الصينية التي تعمل في مصر.
وقال هان بينغ المستشار التجاري بسفارة الصين بالقاهرة، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "عدد الشركات الصينية العاملة في مصر زاد من 30 شركة فقط في عام 2014 إلى أكثر من مائة شركة حاليا"، معربا عن تطلعه لقدوم المزيد من الشركات الصينية إلى مصر في الفترة المقبلة.
وتتميز مصر بموقع استراتيجي يربط بين قارتي أفريقيا وآسيا ما يجعلها البوابة الآسيوية للقارة السمراء، وأيضا أحد البوابات الأفريقية لأوروبا عبر البحر المتوسط، وهو ما يؤهل مصر لتكون نقطة محورية في مبادرة الحزام والطريق، كما قال الرئيس المصري.
وقال الرئيس السيسي في مقابلة سابقة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) ، "إن مصر تدعم مبادرة الرئيس الصيني لإحياء طريق الحرير وحريصة على دعم مثل هذه المبادرات الايجابية التي تسعى إلى تحقيق التعاون ومصالح الشعوب، أخذاً في الاعتبار أن مصر يمكنها أن تكون نقطة ارتكاز رئيسية لتنفيذ هذه المبادرة عبر المشروعات التي تشهدها قناة السويس".
وتعتبر الصين بالفعل أكبر مستثمر في تنمية محور قناة السويس، وهو مشروع تنموي ضخم تتجلى فيه الشراكة المربحة للطرفين المصري والصيني.
وتعد شركة (تيدا) الصينية أحد أكبر المطورين الصناعيين في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تنمو مشروعاتها التنموية والمصانع التي تؤجرها للمستثمرين بشكل مضطرد منذ أن دخلت مصر.
وتعمل تيدا على تطوير مساحة أرض زادت إلى 7.23 كيلو متر مربع بالعين السخنة، وقد أنهت المرحلة الأولى من عملها بجذب حوالي 68 مشروعا، إحداها لشركة (جوشي) الصينية العملاقة لصناعة الفايبر جلاس، بينما بدأت المرحلة الثانية في عام 2016.
ومنذ بضعة أيام شاركت على الأقل 15 شركة صينية منها (تيدا) و(جوشي) و(هانشي مصر) للفايبر جلاس و(إكس دي-إي جي إي ماك) للصناعات الكهربائية ومجموعة (نيو هوب) للصناعات الزراعية في ملتقى للتوظيف بجامعة قناة السويس بالاسماعيلية حيث عرضت الشركات الصينية حوالي 300 وظيفة شاغرة للشباب المصري.
ويؤكد خبراء الاقتصاد المصريون والصينيون أن مصر "لاعب رئيسي" في مبادرة الحزام والطريق، وأن الجانب الصيني يراها ضمن البقع المضيئة في مشروعات التنمية المستدامة الخاصة بالمبادرة.
واستضافت القاهرة في الأول من أبريل الماضي أعمال المؤتمر السنوي الأول لأعضاء التحالف الصناعي والتجاري لمبادرة الحزام والطريق (بريكا)، والذي عقد تحت شعار "مصر.. بوابتك للبريكا"، لبحث أفق التعاون التجاري والصناعي بين دول التحالف.
وشارك في المؤتمر، الذي نظمته جمعية رجال الأعمال المصريين والاتحاد الصيني للاقتصادات الصناعية تحت رعاية وزارة التجارة والصناعة المصرية، نحو 150 رجل أعمال مصريا و160 رجل أعمال و25 منظمة من الدول الأعضاء في التحالف، بالإضافة إلى مؤسسات مالية كبرى في دول التحالف منها بنك التنمية الصيني وبنك التنمية الإفريقي وبنك الصين للصناعة والتجارة، ومنظمة السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي (كوميسا).
وتستضيف العاصمة الصينية بكين منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي يومي 14 و15 مايو الجاري بحضور الرئيس شي جين بينغ، الذي سيدشن مراسم الافتتاح كما سيستضيف قمة قادة المائدة المستديرة.
وسوف تشارك مصر بوفد اقتصادي رفيع المستوى في الحدث الكبير الذي وصفه وزير الخارجية الصيني وانغ يي بأنه "الاجتماع الدولي الأعلى بشأن مبادرة الحزام والطريق منذ ان طرحها الرئيس شي فى 2013".
وقال الرئيس الصيني في يناير الماضي في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2017 في دافوس بسويسرا إن دائرة اصدقاء الصين عبر مبادرة الحزام والطريق تتسع، وإن الاستثمار الصيني على هذه الطرق تجاوز الـ50 مليار دولار خلال الثلاثة اعوام السابقة، مشيرا إلى أن ما يربو على 100 دولة ومنظمة دولية دعمت ورحبت بالمبادرة، حيث تم توقيع أكثر من 40 اتفاقية تعاون ذات صلة مع الصين.