مقالة : في ضوء منتدى "شباب العالم"... بالابتكار وريادة الأعمال تتحقق الأحلام

بكين 9 نوفمبر 2017 / الابتكار وريادة الأعمال...أصبحا موضوعاً مطروحاً بقوة في المجتمعات حول العالم سُلط الضوء عليه في منتدى "شباب العالم" الذي تستمر فعالياته حتى العاشر من نوفمبر الجاري بمنتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر بمشاركة أكثر من ثلاثة آلاف شاب وفتاة من 113دولة تحت شعار "الجميع من أجل السلام والتنمية".

فثمة حاجة ملحة إلى أن يدرك شباب العالم أهمية التنمية وإلى تشجيعهم على المشاركة بفعالية في الابتكار وريادة الأعمال اللذين يرى الخبراء المتخصصون إنهما يشكلان في الوقت الحاضر محركين جديدين للنمو الاقتصادي ولا سيما في الدول الغنية بالموارد البشرية وذلك في ظل ما يشهده العالم اليوم من متغيرات شديدة العمق والتعقيد وسط تحديات عالمية متزايدة من بينها تباطؤ في انتعاش الاقتصاد العالمي وأزمات متتالية ومتعاقبة وتهديدات إرهابية متفاقمة.

-- التنمية ومبادرة الحزام والطريق

وفي إطار العلاقات الصينية المصرية الوطيدة، يحضر وزير التعليم الصيني تشن باو شنغ، بصفته مبعوثا خاصا للرئيس الصيني شي جين بينغ، منتدى شباب العالم بشرم الشيخ وقد أكد خلال استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي له يوم الاثنين حرص الصين على تعميق التعاون مع مصر في شتي المجالات من أجل دعم الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين.

وأبدى الرئيس السيسي إعجابه بإنجازات الصين في كافة مجالات التنمية، آملا في التعلم من التجربة الصينية في الإصلاح والتنمية. وأوضح أن "مصر تنوي التجاوب الإيجابي مع مبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس الصيني،ودفع التعاون في المشروعات ذات الصلة".

وفي إطار سعي مبادرة الحزام والطريق إلى تحقيق المصلحة الجماعية وليس المصلحة الفردية على حساب الآخرين، يقول مبعوث الصين الخاص إلى الشرق الأوسط قونغ شياو شنغ إنه في ضوء ما تتمتع به الصين من سوق واسعة ورؤوس أموال وافرة وتقنيات متطورة وطاقة إنتاجية متفوقة وطرحها لفكرة تنموية تتسم بالإبداع والتناسق والنهج الأخضر والانفتاح والتنافع، وما تشهده الدول العربية من مرحلة حاسمة في عملية التحديث تتخذ من تطوير الصناعات خياراً مهماً لتعزيز التنمية وتحسين المستويات المعيشية وزيادة فرص العمل، صار بالإمكان تحقيق الترابط بين الإستراتيجيات التنموية للجانبين عبر التشارك في بناء "الحزام والطريق" وتعميق التعاون وتوسيع دائرته في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار والبنية التحتية والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها.

كما أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته لمصر في يناير من العام الماضي أن الصين ترحب بمصر وسائر الدول العربية على متن "القطار السريع للتنمية الصينية" بغية تحقيق تنمية متناسقة ونمو مترابط بين الجانبين.

-- تجربة شباب الصين في ريادة الأعمال والابتكار

وخلال العامين الماضيين، رُصد إقبال متزايد على استخدام الدراجة التشاركية (الصفراء) في شوارع الصين كافة. وهذا النوع من الدراجات تديره شركة (أوفو) التي لم يمر على تأسيسها سوى ثلاث سنوات فحسب وتجاوزت حصيلة إراداتها 700 مليون دولار أمريكي في يوليو الماضي. ويقول مؤسسها ورئيسها التنفيذي داي وي إنه قام بإنشأها مع أربعة من زملائه بجامعة بكين، وجميعهم من مواليد التسعينات.

وفي الواقع، تنتج الصين حالياً عددا أكبر من رجال الأعمال الشباب مقارنة بأي وقت مضى، إذ ارتفع عدد الطلاب الذين أنطلقوا في ممارسة أعمالهم التجارية الخاصة بعد التخرج من 1.6 في المائة في عام 2011 إلى 3 في المائة في عام 2017، وفقا لتقرير صادر عن الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية. وهذا يعني أن أكثر من 200 ألف من أصل 7.95 مليون خريج في عام 2017 أصبحوا من أصحاب المشاريع.

وفي هذا الصدد، ذكر داي أن الطفرة في بروز التوجه نحو ريادة الأعمال بين الطلبة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالدعم الحكومي والجامعي، مشيراً إلى أن "السياسات الحكومية تدعم بيئة مواتية للابتكار وأن جامعة بكين تساهم في ازدهار ريادة الاعمال ".

وقد أصدرت وزارة التربية والتعليم الصينية مبادئ توجيهية في عام 2016 لتشجيع أساتذة الجامعات على تحسين أساليب التدريس والتقييم، وتحويل أبحاثهم إلى منتجات أو حتى البدء في إقامة أعمالهم الخاصة.

وبحلول نهاية عام 2016، بلغ عدد الأساتذة المتفرغين في الجامعات والمعاهد المتخصصة في الابتكار وريادة الأعمال أكثر من 26 ألف فيما بلغ عدد الأساتذة غير المتفرغين في هذا المجال أكثر من 76 ألف.

وإلى جانب التعليم، يحتاج الطلاب إلى حاضنات لتحقيق أحلامهم. فعلى مدى العامين الماضيين، تم تأسيس 19 قاعدة نموذجية لريادة الأعمال والابتكار في الجامعات. وحول هذا الأمر يقول داي وي "أعتقد أنه لابد لنا في مرحلة الشباب من أن نفعل كل ما بوسعنا لتحقيق أحلامنا التي تعود بقيمة على المجتمع".

-- دعم حكومي وجامعي للابتكار وريادة الأعمال

والآن، صارت مراكز العلوم والتكنولوجيا المتواجدة في مختلف الجامعات حاضنة لشركات التكنولوجيا الفائقة الجديدة، لتعزيز تنمية الشركات ودفع الاقتصاد المحلي. ولا يدخر قطاع التعليم في الصين جهداً لتمهيد طريق المستقبل أمام رواد الأعمال .

فقد أقامت جامعة سيتشوان بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين، بالتعاون مع بنك محلي، صندوق تعويضات عن المخاطر بقيمة 12 مليار يوان (1.83 مليار دولار أمريكي) بهدف تقديم قروض لطلاب الجامعات في سيتشوان لتسهيل عملية إقامتهم لمشروعاتهم التجارية.

وفي هذا السياق، أكد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في سبتمبر الماضي أن أكبر قوة دافعة للصين هي مواردها البشرية الغنية، مضيفاً أن عدد سكان الصين يبلغ 1.3 مليار نسمة، 900 مليون منهم يمثلون القوة العاملة وأكثر من 170 مليون منهم حاصلين على تعليم عال ولديهم مهارات متخصصة، ليمثلوا بذلك مصدراً لا نهاية له بالنسبة للابتكار وريادة الأعمال .

وكانت الحكومة الصينية قد طرحت في سبتمبر 2014 مبادرة ريادة الأعمال والابتكار الجماهيرية على مستوى الصين كافة، ما أطلق العنان لحيوية السوق والإبداع الاجتماعي .

ومنذ عام 2014، تم تسجيل 14ألف شركة جديدة على أساس يومي وارتفع عددها ليصل إلى 16 ألف منذ بداية هذا العام، حيث تمارس 70 في المائة من هذه الشركات الجديدة أعمالها بنشاط، ما أكسب جهود خلق فرص العمل زخماً كبيراً.

وذكر لي كه تشيانغ أن "الأهم من ذلك يكمن في أن المشاركة في المبادرة لم تقتصر على الشركات الصغيرة الحجم فحسب،وإنما ضمت أيضا شركات كبرى، ما يساهم في تحقيق التنمية المتكاملة بين الشركات من مختلف الأحجام".

ولا شك أن تشجيع شباب الصين ومصر والعالم على تأسيس مشروعات وتحفيزهم على ممارسة أنشطة إبداعية من شأنه توسيع نطاق التوظيف أمامهم وزيادة دخولهم، وهو ما سيوفر بدوره فرصاً وفضاءات لتحقيق أحلامهم بل وإنتاج نقاط جديدة تدفع النمو الاقتصادي على نحو مستمر.