تقرير إخباري: تواصل المعارك في مطار الحديدة باليمن وسط مخاوف أممية من كارثة إنسانية

تدور معارك عنيفة لليوم الثالث على التوالي بين القوات الحكومية، المدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وبين مسلحي جماعة الحوثي في حرم مطار الحديدة الدولي غربي البلاد، وسط مخاوف أممية من حصول كارثة إنسانية، في وقت وصل فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفث، يوم السبت إلى صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين للقاء قيادات من الجماعة في محاولة للقيام بوساطة وإيجاد حل لتجنب تفاقم الكارثة.

---- وصول المبعوث الأممي إلى اليمن

وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في تدوينة على حسابه بموقع التدوين المصغر ((تويتر))، نشرها يوم السبت، "نحن وكل اليمن نرحب بالخبر السار من صنعاء، ونشجع جهود المبعوث لتسهيل تسليم آمن للحديدة إلى الحكومة اليمنية الشرعية"، كما أعرب عن تقديره لما وصفه بـ"التصميم الدؤوب" لمبعوث الأمم المتحدة، لإقناع الحوثيين بإلقاء السلاح وبدء مناقشات سياسية"، في إشارة إلى احتمال موافقة الحوثيين على مقترح المبعوث الأممي.

وكانت قد تحدثت وسائل إعلام محلية ودولية أن غريفث "سينقل شروط التحالف العربي بإخلاء الحوثيين مدينة الحديدة دون قتال". وأفاد موقع ((العربية)) الإخباري، نقلا عن مصادر وثيقة، لم يسمها، يوم السبت، بأن خلافات كبيرة حاصلة بين قيادات الحوثيين على خلفية معركة الحديدة والتعاطي مع عرض المبعوث الأممي، الذي يسعى لإقناع الحوثيين بقبول تسليم مدينة الحديدة سلميا، على أن يكون ذلك مقدمة لحل سياسي شامل.

من جانبها، ذكرت وسائل إعلام يمنية تابعة للحوثيين أن غريفث التقى ما يسمى برئيس حكومة الحوثيين، عبد العزيز صالح بن حبتور، في صنعاء، مشيرة إلى أن اللقاء ركز على "أفق ومعطيات السلام والأفكار التي جاء بها المبعوث الأممي" حيال خطوات السلام، إضافة إلى بحث الآثار الإنسانية التي يخلفها استمرار الصراع.

ونقلت هذه الوسائل عن بن حبتور قوله إن "الشعب اليمني كان وسيظل مع أي توجه جاد لإنهاء محنته الراهنة ... والتوجه نحو سلام حقيقي يؤسس لاستقرار اليمن في الحاضر والمستقبل"، دون إيراد تفاصيل عن فحوى عرض المبعوث الأممي أو موقف الحوثيين منه.

في سياق متصل، وعقب اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي عقد يوم الخميس، بدعوة من بريطانيا، اتفق أعضاء المجلس على ضرورة إبقاء ميناء الحديدة مفتوحا للحيلولة دون تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.

وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الشهرية للمجلس، بعد جلسة مغلقة استمرت ساعتين، تم خلالها بحث الوضع في اليمن، إن الدول الأعضاء "متحدة في قلقها العميق إزاء المخاطر المتعلقة بالوضع الإنساني" في الحديدة.

وتابع السفير الروسي أن الدول الأعضاء "كررت المطالبة بإبقاء مينائي الحديدة والصليف مفتوحين".

وتواجه الأمم المتحدة صعوبات في محاولاتها تجنب إغلاق الميناء، الذي يعتبر أحد أهم نقاط وصول المساعدات الغذائية إلى البلاد، التي يواجه 8.4 مليون من سكانها خطر مجاعة وشيكة، إذ أن المدينة الساحلية هي المكان الذي تصل إليه معظم المساعدات الخارجية قبل أن يتم توزيعها على بقية المناطق، التي يسيطر عليها الحوثيون.

---- المعارك في حرم المطار متواصلة

وتدور المعارك في هذه الأثناء داخل حرم مطار الحديدة الدولي، بعد أن تمكنت القوات الحكومية من اقتحامه من الجهة الجنوبية بدعم وإسناد جوي كثيف من طيران التحالف العربي، الذي تقوده السعودية.

وقال العميد عبدالغني الصبيحي، قائد المحور الغربي في المنطقة العسكرية الرابعة (قوات حكومية)، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه "تم السيطرة على أجزاء من المطار ومعسكر الدفاع الجوي"، مشيرا إلى أن "المعارك داخل حرم المطار مستمرة وبشكل عنيف، إلا أن كثافة الألغام والمتفجرات التي زرعتها مليشيا الحوثي تعيق تقدم القوات سريعا".

وفي السياق ذاته، أكد رفيق دومة مدير دائرة التوجيه المعنوي في اللواء الثاني (قوات حكومية) لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن معارك عنيفة تدور في مطار الحديدة الدولي ولم تتم السيطرة عليه كليا حتى اللحظة، مشيرا إلى أن القوات تمكنت من قطع طريق (كيلوا 16) المؤدي إلى المطار، والذي يمثل أحد أبرز خطوط التعزيزات للحوثيين، والذي يصل مطار الحديدة بوسط مدينة الحديدة ثم باتجاه العاصمة صنعاء.

كما تحدث مصدر عسكري ثالث، لوكالة أنباء ((شينخوا))، مفضلا عدم ذكر هويته، أن "الحوثيين ما يزالون يتمركزون في أجزاء واسعة من المطار، بعد أن نصبوا تحصينات كبيرة وكذا حفرهم خنادق في أنحاء متفرقة بحرم المطار الدولي".

ويتمتع مطار الحديدة، جنوبي المدينة، بأهمية إستراتيجية، فهو يبعد أقل من عشرة كيلومترات فقط عن مينائها الإستراتيجي، ثاني أكبر موانئ اليمن، والذي يشكل المدخل الرئيسي للمساعدات الموجهة إلى ملايين السكان. وبجوار مطار الحديدة توجد قاعدة جوية عسكرية كانت تتمركز فيها عدة ألوية دفاع جوية قبل أن يحولها الحوثيون إلى معسكرات لميليشياتهم.

وتواصل طائرات وسفن حربية تابعة للتحالف العربي قصف مواقع للحوثيين سعيا للسيطرة على الميناء الرئيسي.

ومن جهته، حث زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي مقاتليه على التوجه إلى المدينة للدفاع عنها، بحسب تصريحات نقلتها فجر يوم الجمعة قناة مؤيدة للحوثيين، وهذه أول تصريحات يدلي بها منذ بدء الهجوم على المدينة.

يذكر أن القوات الحكومية اليمنية مدعومة بالتحالف العربي بقيادة السعودية، ومشاركة واسعة من دولة الإمارات، بدأت يوم الأربعاء عملية عسكرية أُطلق عليها اسم "النصر الذهبي" لاستعادة مدينة وميناء الحديدة من قبضة مسلحي جماعة الحوثي.