غزة 13 نوفمبر 2022 (شينخوا) لم يكن يتوقع الفلسطيني وليد جودة، أن تتحقق نبوءته بحضور مباريات كأس العالم التي ستقام في دولة قطر خلال الشهر الجاري يوما ما بسبب الظروف السياسية المعقدة في قطاع غزة.
وكان جودة البالغ من العمر (35 عاما)، وهو أب لخمسة أبناء من مدينة غزة قد شارك في عام 2010 منشورا عبر حسابه في ((فيسبوك)) يقول فيه "يا شباب، أنا راح أحضر مونديال كأس العالم في قطر... مين راح يجي معي منكم؟".
وقال جودة لوكالة أنباء ((شينخوا)) لقد شاركت هذا المنشور على سبيل السخرية والمزاح لأنه في ذلك الوقت كانت فكرة حضور مباريات كأس العالم هي مجرد حلم ودرب من الخيال بسبب تدهور الوضع السياسي والاقتصادي.
وأوضح أنه كتب منشوره عقب منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قطر حق استضافة كأس العالم لعام 2022، بعد أن فازت على عطاءات كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
وأضاف "لقد كنت مثار تهكم وسخرية المئات من المتابعين نظرا لأنني لم أكن أستطع أن أغادر قطاع غزة نهائيا لعدم امتلاكي هوية وطنية فلسطينية أو جواز سفر لسنوات طويلة".
وشرح جودة أن معاناته الحقيقية بدأت في عام 2000 بعدما وصل مع عائلته إلى القطاع قادمين من العراق في زيارة لأقاربهم، ولكنهم علقوا في الجيب الساحلي عقب اندلاع الانتفاضة الثانية في نفس العام والتي استمرت لخمس سنوات.
وفي عام 2003 أقرت إسرائيل ما يسمى بـ"قانون الجنسية والدخول إلى إسرائيل"، والذي بموجبه تمنع الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية أو الإقامة الإسرائيلية من تمديد وضعهم القانوني ليشمل أزواجهم الذين يحملون جوازات سفر تابعة للسلطة الفلسطينية.
كما يحظر القانون دخول العرب من الدول "المعادية" لإسرائيل مثل لبنان وسوريا والعراق وإيران لأغراض لم شمل الأسرة.
وبسبب ذلك القانون، لم تتمكن عائلة جودة من العودة إلى العراق لعدم اعتراف إسرائيل بجوازات السفر التي كانت بحوزتهم، فيما لم يتمكنوا أيضا من الحصول على هوية وطنية فلسطينية، وهو ما جعلهم يعيشون "في غزة دون جنسية"، على حد تعبيره.
وقال جودة "تحول وطننا إلى سجن كبير تحكم إسرائيل إغلاقه علينا (..) أنا حُرمت من استكمال تعليمي في الخارج وفقدت فرص عمل كثيرة في دول عربية وأوروبية، وهو ما كان سببا رئيسيا لفقداني الأمل في السفر يوما ما".
إلا أن يأسه تبدل إلى تفاؤل وسعادة بعدما حصل على هويته الوطنية في مطلع العام الجاري عقب تسهيلات قدمتها إسرائيل مؤخرا للسلطة الفلسطينية فيما يتعلق بملف "لم الشمل"، على حد تعبيره.
وأضاف "استعدت شغفي لحضور مباريات كأس العالم مرة أخرى كما لو أن الوقت قد توقف وأنا في الثانية عشرة من عمري (..) ما زلت غير مدرك إن كنت أعيش حلما أم واقعا بعدما حصلت على فرصة للوصول إلى مونديال قطر".
ولا يختلف وضع جودة كثيرًا عن حارس مرمى نادي الصداقة فادي جابر بمدينة غزة، الذي شارك في عشرات المباريات المحلية لأكثر من 13 عامًا وحصل على العديد من الميداليات.
وقال جابر لـ(شينخوا) "هذه هي المرة الأولى في حياتي التي أقابل فيها جماهير كبيرة على الرغم من ممارستي لعب كرة القدم منذ سنوات"، معربا عن سعادته بالانضمام إلى فعاليات كأس العالم.
وأضاف "أنها فرصتنا الذهبية لنثبت للعالم بأننا (الغزيين) نحب الحياة ونود أن نشارك في جميع الأنشطة الرياضية، ليس فقط كمتطوعين ولكن أيضًا كلاعبين".
وسافر كل من جودة وجابر بالإضافة إلى 26 غزيا، بينهم فتاتان اليوم (الأحد) ضمن وفد تطوعي من غزة للمشاركة في تنظيم فعاليات كأس العالم بقطر سواء كان ذلك داخل الملاعب أو خارجها.
وقال الغزي عبد الرحمن طافش لـ(شينخوا) إنه "تم اختيار المتطوعين من غزة من قبل اللجنة المنظمة لكأس العالم ومقرها الدوحة بناءً على معايير حددتها سابقًا مثل إتقان اللغة الإنجليزية والإلمام بالثقافة العامة وكيفية التعامل مع الجمهور."
واعتبر طافش أن إقامة كأس العالم في قطر للمرة الأولى على الإطلاق في الشرق الأوسط "تسهل علينا (سكان غزة) أن نأخذ مكاننا في مثل هذا الحدث الدولي".
وأضاف "لن نشارك فقط في تنظيم فعاليات كأس العالم بل سنكون سفراء دولتنا فلسطين"، مشيرا إلى أن "الوفد سيعمل على تبادل الخبرات الرياضية مع مشاركين آخرين من جنسيات مختلفة".
ومن المقرر أن تقام بطولة كأس العالم لكرة القدم لأول مرة في قطر وفي منطقة الشرق الأوسط في الفترة بين 20 نوفمبر الجاري و18 ديسمبر المقبل بمشاركة 32 منتخبا، وسط توقعات بأن تستقبل الدولة الخليجية التي تبلغ مساحتها 11.521 كلم مربع، قرابة 1.5 مليون مشجع من جميع أنحاء العالم.