الصفحة الرئيسية >> الصين

تعليق: رفع نسبة زيادة الإنفاق العسكري الصيني بـ 0.1 % لا تستحق الضجيج والمبالغة

حدّد مشروع تقرير الميزانية الحكومية الصادر عن وزارة المالية في 5 فبراير الجاري، الميزانية العسكرية الصينية لهذا العام بـ 1553.7 مليار يوان (حوالي 224.8 مليار دولار أمريكي)، بزيادة سنوية قدرها 7.2٪، وبارتفاع في نسبة الزيادة بـ 0.1 ٪ على أساس سنوي.

تتعلّق الزيادة والنقصان في الإنفاق العسكري بوضع الأمن القومي الصيني. إذ تعدّ الصين أكبر دولة نامية في العالم وثاني أكبر اقتصاد عالمي. ومن الطبيعي أن تصبح ميزانية الدفاع الصينية محط اهتمام الرأي العام خلال اجتماع الدورتين السنويتين. وقد أثارت زيادة ميزانية الدفاع لهذا العام الحبر واللغط في وسائل الإعلام الغربية والأمريكية على غرار الأعوام السابقة. وكالعادة، أثيرت ضجّة مبالغة فيها حول رفع نسبة الزيادة في الإنفاق بـ 0.1٪. كما عبّرت بعض الجهات الغربية عن "مخاوفها" من التنمية العسكرية في الصين.

تجدر الإشارة إلى أن الإنفاق العسكري قد زاد بشكل واضح في مختلف أنحاء العالم، منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني. وإن كانت بعض الدول قد رفعت ميزانية الدفاع نتيجة لمخاوف أمنية خاصة بها، فإن عددا غير قليل من الدول زادت النفقات العسكرية بما يتجاوز الاحتياجات المعقولة للحفاظ على أمنها. حيث تجاوزت ميزانية الدفاع التي أقرها الكونجرس الأمريكي في ديسمبر من العام الماضي 850 مليار دولار أمريكي، بزيادة تقارب 14٪ مقارنة بميزانية الدفاع للعام الأسبق. وأقرّ مجلس النواب الياباني في 28 فبراير ميزانية دفاع لعام 2023 تقدر بـ 6.8 تريليون ين، وهو ما يعادل 1.26 ضعف ميزانية عام 2022. علاوة على ذلك، قررت اليابان مضاعفة إنفاقها الدفاعي لتلبية متطلبات الناتو البالغة 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وفي الأثناء، أعلنت الهند أيضا في 1 فبراير الماضي، أنه من المتوقع أن ترفع إنفاقها الدفاعي في السنة المالية الحالية بنسبة 13٪ على أساس سنوي.

بالمقارنة مع هذه الدول، ظلت ميزانية الدفاع الصينية دائما عند حوالي 1.4٪ إلى 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي. كما تم رفع نسبة النمو السنوية لهذا العام بـ 0.1٪ فقط. وقال المتحدث باسم المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني ردًا على سؤال أحد المراسلين في 4 مارس، أن نسبة الإنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي في الصين، ظلّت مستقرة بشكل أساسي لسنوات عديدة، وهي أقل من المتوسط العالمي، وذات معدل نمو معتدل ومعقول. علاوة على ذلك، أكد المتحدث بشكل خاص على أن تحديث الجيش الصيني لن يشكل تهديدًا لأي دولة، بل سيكون قوة إيجابية للحفاظ على الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي.

ومن منظور عالمي مقارن، يمكن القول إن الإنفاق العسكري الصيني ونسبة نمّوه، يخضعان لكبح قوي. علاوة على ذلك، وحسابا بالدولار الأمريكي، بلغت ميزانية الدفاع الصينية هذا العام حوالي 224.8 مليار دولار أمريكي، وهو في الواقع أقل من حجم الإنفاق لعام 2022 البالغ حوالي 229 مليار دولار أمريكي. ولذلك، يصعب على أي عاقل أن يعتبر هذا التقييد توسّعا للاستراتيجية العسكرية الصينية.

لفترة طويلة نسبيًا، ظل الإنفاق العسكري الصيني منخفضا نسبيا، مما أحدث فجوة على مستوى التسليح والمعدات وتدريب الأفراد مقارنة مع الدول المتقدمة. وترك هامشا كبيرا نسبيا للوصول إلى مستوى الانتصار في الحروب المعلوماتية. ولتحسين الفعالية القتالية للجيش، فإن رفع نسبة الإنفاق باتت أمرا ضروريا.

على امتداد سنوات طويلة، ظل الإنفاق العسكري الصيني عند أكثر من 200 مليار دولار أمريكي، وبُذلت العديد من الجهود لتسريع عملية تحديث الأسلحة والمعدات. وعلى الرغم من أن حجم الإنفاق العسكري لم يكن منخفضا، إلا أنه لا يزال في مرحلة "سداد الديون التاريخية" و "تدارك النقائص".

من جهة أخرى، يعد الطلب العسكري محرّكا رئيسيا للابتكار الصناعي، وهذه تجربة تشترك فيها مختلف الدول الصناعية المتقدمة. وقد أسهم توظيف الصين لجزء كبير من إنفاقها العسكري لتحديث الأسلحة والمعدات، في زيادة الطلب على قطاع الإنتاج الصناعي، وتحفيز الابتكار التكنولوجي، وتعزيز الحيوية الاقتصادية.

في المقابل، هناك آراء تعتقد بأنه كان من الممكن رفع حجم الإنفاق العسكري الصيني أكثر قليلا، في ظل الوضع الأمني المعقد والتهديدات المتزايدة. لكن اعتماد الصين ميزانية دفاعية معقولة، يؤكد على التزامها بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام. وأن القوة العسكرية بالنسبة للصين هي الوسيلة الضرورية لحماية السيادة الوطنية والأمن والمصالح التنموية. في الأثناء، تمتلك الصين وفرة من الوسائل الأخرى للحفاظ على الأمن. وعليه، فإن الصين ترى بأن حجم الإنفاق العسكري يبقى داخل النطاق المنطقي والعلمي، مما يدل تمامًا على أن خيارنا الاستراتيجي دائمًا هو التمسك بوحدة دولة غنية وجيش قوي، واتخاذ طريق التنمية السلمية. 

صور ساخنة