الصفحة الرئيسية >> العالم

تعليق: أمريكا تستخدم ديمقراطية مزيفة من أجل هيمنة حقيقية

ذكرت تقارير، بأن الحكومة الأمريكية بصدد التحضير لعقد الدورة الثانية من "قمة الديمقراطية". ورأى بعض الخبراء، أن هذه القمة تمثل مفارقة أمريكية. إذ في الوقت الذي تتجاهل فيه الولايات المتحدة عددا من المشاكل والأزمات المؤسسية في ديمقراطيتها، تحاول احتكار تعريف الديمقراطية دوليا. كما لا تتورّع عن تلفيق وبيع الروايات الكاذبة حول البلدان الأخرى. حيث تنكشف نوايا الولايات المتحدة بسهولة في تسييس الديمقراطية واستخدامها كأداة لممارسة سياسة الأحلاف الرامية إلى الحفاظ على الهيمنة الأمريكية.

منذ وقت طويل، تحطمت أسطورة الديمقراطية في الولايات المتحدة، وشهد الاستقطاب السياسي تأزما، واستمرّت البيئة السياسية في التدهور. وشهد الكونغرس في دورته الـ 118 مهزلة عسر الولادة لمدة 4 أيام متتالية، وأنتخب بعد 15 جولة من التصويت. كما لم تنجو المحكمة العليا الأمريكية من الصراعات الحزبية، وانعكس ذلك على حكمها بإلغاء الحماية الدستورية لحقوق الإجهاض للمرأة، والذي خلّف انقساما حادّا بين المحافظين والليبراليين.

وفيما يتعلق بمشكلة المال السياسي، ذكرت الإحصاءات ذات الصلة أن الحزبين أنفقا أكثر من 16.7 مليار دولار أمريكي في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية لعام 2022. وهو رقم قياسي يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 70 دولة في العالم لعام 2021 بأكمله. وقد بات هناك قناعة لدى الكثيرين، بأنحرية التعبير في الولايات المتحدة ليست إلا مجرّد إسما دون مسمّى، فحينما تكون حرية الرأي في غير صالح الحكومة ورأس المال، يتم تقييدها بشكل صارم.

وفي الوقت الذي تزداد فيه "تكلفة التشغيل" للديمقراطية الأمريكية أكثر فأكثر، تشهد كفاءة الحكم تراجعا مستمرّا. حيث أظهر عدد القوانين التي سنّتها مجالس الكونغرس السابقة اتجاه تراجع واضح، من 4247 قانون خلال المجلس الـ 93 حتى الـ 98 إلى 2081 قانون في المجلس الـ 111 إلى الـ 116.مما يعكس بأن الولايات المتحدة قد سقطت في حلقة مفرغة من التشوه الديمقراطي والخلل السياسي والتنافر الاجتماعي.

ويمكن القول ان أمراض الديمقراطية الأمريكية قد تغلغلت في كل جوانب النسيج السياسي والاجتماعي. لكن مع ذلك، لا يزال السياسة الأمريكيون يؤمنون بأن الديمقراطية الأمريكية تعد نموذجا عالميا. ووفقًا لاستطلاع أجرته جامعة كوينيبياك الأمريكية، يعتقد 67٪ من المستطلعين أن النظام الديمقراطي الأمريكي يواجه خطر الانهيار. كما أشار تقرير صادر عن معهد بروكينغز في عام 2022 إلى أن النظام الديمقراطي الأمريكي الذي كان مبعثا للفخر يوما ما، يواجه الآن أزمة نظامية، ويتراجع بسرعة.

وتتمسك الحكومة الأمريكية الحالية بعقلية الحرب الباردة، وتعمل على إثارة المواجهة الأيديولوجية، وتدعو إلى تحالف القيم، على غرار "الشراكة الأمنية الثلاثية"، و"الآلية الرباعية"، و"تحالف العيون الخمس". وتبذل قصارى جهدها في اصطناع وترويج روايات كاذبة حول الدول الأخرى، خدمة لأهدافها الجيوستراتيجية.

وكانت الولايات المتحدة قد عقدت الدورة الأولى من"قمة الديمقراطية" في عام 2021. حيث رسمت خطوط أيديولوجية، لتقسيم المجتمع الدولي بشكل متعمّد، وخلق ما أسمته، المعسكر الديمقراطي والمعسكر غير الديمقراطي. وهذه المرة، صمّت آذانها عن انتقادات المجتمع الدولي أيضا، وأصرّت على عقد الدورة الثانية من"قمة الديمقراطية". وهو ما يعكس سياستها الخارجية التي تهيمن عليها المواجهة وعقلية الحرب الباردة.

وفي هذا الصدد، أشارت قناة الجزيرة القطرية إلى أنه في الوقت الذي تتراجع فيه ثقة الأمريكيين بالنظام الديمقراطي الأمريكي، لا تزال الولايات المتحدة تصر على عقد قمة الديمقراطية والعمل كقائد للديمقراطية العالمية، الأمر الذي يثير شكوكا واسعة.

وتسعى الولايات المتحدة إلى المحافظة على الهيمنة تحت ستار الديمقراطية، مما يكشف تمامًا أن ما تريده الولايات المتحدة هو ديمقراطية مزيفة وهيمنة حقيقية. وفي هذا السياق، أشار دينيس كوسينيتش، عضو الكونغرس الأمريكي السابق الذي شارك في مظاهرة مناهضة للحرب في واشنطن منذ وقت ليس ببعيد، في خطابه إلى أن الحكومة الأمريكية ليس لديها القدرة على تجسير الخلافات بين البلاد، كما أنها ليست على استعداد لاستخدام الوسائل الدبلوماسية لإنهاء النزاعات.

الديمقراطية هي قيمة مشتركة للبشرية جمعاء ولا ينبغي استخدامها كأداة جيوسياسية. والعالم يحتاج إلى تعزيز الديمقراطية الحقيقية، ويرفض الديمقراطية الزائفة، ويدعم البلدان في تطوير ديمقراطية مناسبة لظروفها الوطنية، والعمل المشترك على جعل الديمقراطية مبدأ أساسيا في العلاقات الدولية.

ومن الجدير أن تدرك الولايات المتحدة أن ديقمراطيتها مليئة بالعيوب وليست مقنعة للآخرين. وأن هذا النوع من الديمقراطية الأنانية التي تؤسسها أمنها على حساب فوضى العالم، تجد معارضة شديدة من المجتمع الدولي. 

صور ساخنة