الصفحة الرئيسية >> العالم

تعليق: الزيادات الهائلة في الإنفاق العسكري تعكس الهوس الأمريكي بالتسلح

أعلنت الحكومة الأمريكية مؤخرًا عن الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2024، حيث خصّصت 842 مليار دولار أمريكي للدفاع، بزيادة سنوية قدرها 8.9٪. ما يعد رقما قياسيا جديدا للإنفاق العسكري الأمريكي على امتداد سنوات متتالية. ومن المتوقع أن يتجاوز إجمالي الإنفاق العسكري الذي سيوافق عليه الكونغرس الأمريكي بشكل نهائي مستوى 900 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمكن اعتباره رقما فلكيا في الإنفاق العسكري، يثير قلق المجتمع الدولي.

وظلت الولايات المتحدة تحافظ على أعلى معدل إنفاق عسكري في العالم منذ سنوات عديدة. حيث يشير تحليل أجراه معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في السويد، إلى أن الإنفاق العسكري الأمريكي يمثل 40 ٪ من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي. وأشار التقرير السنوي لعام 2022 الصادر عن نفس المعهد، إلى أن السياسات والممارسات الدفاعية الأمريكية غالبًا ما تكون مصدرا لتغذية الحروب. موضحا بأن هناك 34 نزاعا من أصل 46 نزاعا في العالم، يتم تسليح طرف منه أو أكثر من قبل الولايات المتحدة.

ومن أجل تحقيق مصالحها الجيوسياسية، عملت الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب الباردة، على إثارة النزاعات والحروب، معتمدة على قدراتها العسكرية الفتاكة ونفقاتها العسكرية الخيالية. وأقدمت على شن سلسلة من الحروب في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا وغيرها من البلدان.

ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية قبل ما يزيد عن العام، ضخت الولايات المتحدة كميات ضخمة من الأسلحة والذخيرة في ساحة الحرب، مما أشعل الحرب أكثر وضاعف خسائرها. ورغم ذلك، لم تظهر الولايات المتحدة أي بوادر عن التوقف، بل استمرّت في صب الزيت على النار.

 ويُذكر أن وزارة الدفاع الأمريكية قد أصدرت مجموعة من طلبات شراء الذخيرة في السوق المحلية لتسليح الحرب الأوكرانية. في حين تستمر دورة إنتاج هذه الأسلحة لعدّة سنوات، وهو ما يطرح سؤال: إلى متى تريد الولايات المتحدة إطالة أمد الأزمة بمثل هذه الخطط المدروسة؟

وقد عملت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، على إثارة نعرات المواجهة والمنافسة بين القوى الكبرى، وانخرطت في توسيع التسلح من أجل الحفاظ على هيمنتها. وخلال السنة المالية 2024، شمل الإنفاق العسكري الأمريكي إنفاق 37.7 مليار دولار أمريكي على تطوير الصواريخ الباليستية الجديدة العابرة للقارات والقاذفات الاستراتيجية وغيرها من عمليات تطوير الأسلحة النووية. هذا إلى جانب، إنفاق 170 مليار دولار أمريكي على شراء الأسلحة والمعدات، و145 مليار دولار أمريكي، لتطوير الضربات بعيدة المدى، مثل الصواريخ العابرة لسرعة الصوت. إضافة إلى ذلك، خصّصت 9.1 مليار دولار لـ "برنامج الردع الباسيفيكي"، بزيادة قدرها 50٪.

وتعكس هذه الزيادة الكبرى في الإنفاق العسكري، رغبة الولايات المتحدة في التمسّك بحلم الهيمنة على العالم. وحتى الهزائم الثقيلة في حرب العراق وأفغانستان لم تمنع الولايات المتحدة من الاستمرار في المراهنة على العمل العسكري.

في الأثناء، تشهد الحكومة الأمريكية وضعا ماليا مقلقا. حيث تجاوز الدين الحكومي الأمريكي 31 تريليون دولار أمريكي في عام 2022، وهو أعلى بكثير من إجمالي الناتج المحلي. وبحسب نتائج الاستطلاع الذي نشرته وسائل الإعلام الأمريكية مؤخرًا، فإن 69٪ من الأمريكيين يعتقدون أن الولايات المتحدة تمر بحالة ركود اقتصادي، وعبر 55٪ من المستطلعين عن خشيتهم من خسران "كل شيء" بسبب الركود الاقتصادي. وعلى الرغم من ذلك، لم يتردد البنتاغون في وضع ميزانية عسكرية مرهقة للمواطنين، مما يجبر دافعي الضرائب الأمريكيين على دفع فاتورة باهظة، مقابل مضاعفة أرباح شركات السلاح.

تعكس المستويات العالية من الإنفاق العسكري الأمريكي هوس الولايات المتحدة بعقلية الحرب الباردة التي تجاوزها الزمن، وعدم اكتراثها بحاجة العالم إلى السلام والاستقرار والتنمية. وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي اليقظة الشديدة من هوس التسليح الأمريكي. وإذا لم تعتبر الولايات المتحدة من ماضيها وواصلت السير في طريق العسكرة والتسليح، فسوف تجد نفسها على الطريف النقيض لجميع القوى المحبة للسلام في المجتمع الدولي.

صور ساخنة