الصفحة الرئيسية >> الأعمال والتجارة

تعليق: العديد من الدول تقول " لا " لأمريكا بتخفيض انتاج النفط

أعلنت المملكة العربية السعودية، وروسيا، والإمارات العربية المتحدة، والعراق، والجزائر، وكازاخستان، وسلطنة عمان، ودول أخرى منتجة للنفط، يوم 2 ابريل الجاري، عن تخفيض طواعية إنتاج النفط الخام بإجمالي أكثر من 1.6 مليون برميل يوميا اعتبارا من مايو إلى نهاية عام 2023. وقد أعطى الخفض المفاجئ للإنتاج المشترك دفعة لسوق النفط التي كانت ضعيفة بسبب الأزمة المصرفية في الآونة الأخيرة، وارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت في لندن بنحو 6٪ في 3 إبريل.

وتعتقد وسائل الإعلام عمومًا أن إعلان العديد من الدول عن تخفيض الإنتاج سيزيد من تفاقم التضخم في الولايات المتحدة ويجعل العقوبات الغربية ضد روسيا "غير مجدية" في سياق الصراع الروسي الاكراني. وتواجه هيمنة البترودولار جولة جديدة من التحديات، وتراجع تأثير الولايات المتحدة وقدرتها على استخراج الموارد بشكل حاد.

وبالنسب لعملية خفض الإنتاج التي تقودها المملكة العربية السعودية، نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن مصادر قولها، إن الولايات المتحدة قد وعدت سابقاً بشراء النفط الاحتياطي الاستراتيجي للسعودية في حال انخفاض أسعار النفط، لكن البيت الأبيض تراجع في وعده فجأة الأسبوع الماضي، الأمر الذي جعل السعودية مستاءة للغاية. وقال الخبير في شؤون الخليج بجامعة رايس الأميركية، اولريشسن، إن السعودية تتخذ قرارات بناء على مصالحها الخاصة، والتي قد تصبح "نقطة احتكاك" في العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة.

ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية عن الخبير الاقتصادي كليفورد بينيت قوله، إن قرار العديد من الدول بخفض إنتاج النفط سيؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم الإجمالي في الولايات المتحدة، مما يضع ضغوطًا جديدة على مجلس الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة رفع أسعار الفائدة بشكل حاد. وبحسب تحليلات وسائل الإعلام الأمريكية، فإن هذا سيجعل الحكومة الأمريكية تواجه وضعا أكثر صعوبة، حيث أن رفع أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، بينما سيستمر التضخم في الارتفاع.

تعتقد وسائل إعلام الشرق الأوسط أنه في الأشهر القليلة الماضية، وفي مواجهة حالة التضخم في الولايات المتحدة، اتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي إجراءات صارمة لرفع أسعار الفائدة، مما أدى إلى ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي بشكل حاد. وفي الوقت نفسه، تراجعت أسعار النفط، وسقطت على طول الطريق. ويعود السبب إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يرفع من قيمة الدولار أكثر، وينخفض سعر النفط الدولي المقوم بالدولار ​​بشكل طبيعي. وبهذا المعنى، خفضت "أوبك +" الإنتاج بشكل كبير على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة، وهو ما يمثل تحديًا لقدرة الدولار الأمريكي على تسعير السلع العالمية أيضًا.

إن ما يزعج الولايات المتحدة أكثر هو أن قرار المملكة العربية السعودية ومنتجي النفط الرئيسيين الآخرين بخفض حاد للإنتاج قد يجعل العقوبات الغربية ضد روسيا "غير مجدية". وذكر صحيفة "نيهون كيزاي شيمبون" اليومية، أن هذا القرار أدى إلى حالة من عدم اليقين بشأن تأثير سقف أسعار الغرب على صادرات النفط الروسية، وأن تخفيضات الإنتاج ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، مما يزيد من صعوبة خفض عائدات النفط الروسية.

قال لي هايدونغ، الأستاذ في معهد العلاقات الدولية بجامعة الشؤون الخارجية الصينية، لصحيفة "غلوبال تايمز" يوم 3 ابريل الجاري، إن لدى المملكة العربية السعودية شكوكاً حول الولايات المتحدة من المنظور الاستراتيجي. وفي الوقت نفسه، فيما يتعلق بالنفط، لاحظت المملكة العربية السعودية بوضوح أن الولايات المتحدة تستخدم أوبك لتحقيق هدف المنافسة الجيوسياسية على نطاق عالمي. ومن الواضح أن المملكة العربية السعودية غير مستعدة لتعطيل عملية بناء علاقة متوازنة بين المزيد من الدول بسبب المصلحة الذاتية الضيقة للولايات المتحدة.

ووفقًا لتحليل بلومبرغ، فإن لدى الرئيس الأمريكي بايدن الآن عددًا أقل من الأوراق لمواجهة "أوبك +"، والتنافس على الهيمنة في سوق النفط العالمية مقارنة بالعام الماضي. وأصبحت مخزونات الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة الآن عند أدنى مستوى لها منذ عام 1983، بعد الدفع لتنفيذ أكبر إصدار من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في التاريخ.

وأشار بعض المحللين إلى أن هيمنة البترودولار تواجه جولة جديدة من التحديات في ظل الصراع بين روسيا وأوكرانيا الذي أدى إلى عودة ظهور "نزع الدولرة" والتوتر بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. وحلل الموقع الإخباري الأمريكي "unherd" في 3 من الشهر الجاري أن الصراع في أوكرانيا قد أدى إلى تسريع صعود نظام دولي جديد يفقد فيه المركز المهيمن للولايات المتحدة جاذبيته. ولقد تراجعت قدرة أمريكا على التأثير واستخراج الموارد بشكل كبير.

قالت حليمة كروفت، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في رويال بنك أوف كندا، إن المملكة العربية السعودية تعمل على تطوير استراتيجية اقتصادية مستقلة عن الولايات المتحدة: "هذه أولوية سياسة سعودية، هم يكوّنون صداقات جديدة، كما رأينا في الصين." واشارت كروفت إلى "حوار بكين بين السعودية وإيران"، معتقدة أن المملكة العربية السعودية تبعث برسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن "العالم لم يعد عالمًا أحادي القطب".

قال وانغ يونغ، مدير مركز الاقتصاد السياسي الدولي، وأستاذ في كلية الدراسات الدولية في جامعة بكين لمراسل " غلوبال تايمز" في 3 من الشهر الجاري إن تخفيضات الإنتاج التي قامت بها منظمة "أوبك +" متعددة الدول هي مظهر من مظاهر تراجع النفوذ السياسي للولايات المتحدة في أوراسيا، كما أنها علامة على أن هيمنة الولايات المتحدة آخذة في التلاشي. وأن كل هذه الأسباب ناتجة عن إساءة استخدام الولايات المتحدة لهيمنة الدولار.

صور ساخنة