الصفحة الرئيسية >> الأعمال والتجارة

تقرير اخباري: نزع الدولار والتخلي عنه .. تعزيز استكشاف تنويع العملات في العالم

تقرير اخباري: نزع الدولار والتخلي عنه .. تعزيز استكشاف تنويع العملات في العالم

12 إبريل 2023/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أطلقت العديد من الاقتصادات حول العالم خلال الأشهر القليلة الماضية، بشكل مكثف إجراءات جديدة لتعزيز تسوية العملة المحلية في التجارة والاستثمار عبر الحدود. وقد اشار الخبراء إلى أن تأثير عوامل الخطرة مثل الدولار الأمريكي واحتياجات التنمية في مختلف البلدان سبب التوجه نحو" نزع الدولار والخلي عنه" في العالم، لكن لا يزال من السابق لأوانه التأكيد على "انهيار الدولار". كما سيكون لدى البلدان المشاركة في التعاون الاقتصادي والتجاري احتياجات إنمائية جديدة لآليات الدفع والتسوية في ظل التطور المتعمق لتعدد الأقطاب في العالم في المستقبل، والتي من المتوقع أن تعزز استكشاف تنويع العملات الدولية.

العديد من البلدان "تبتعد" عن الدولار الأمريكي

تحاول العديد من الاقتصادات الرئيسية الاستقرار بعملاتها الخاصة، والابتعاد عن الدولار الامريكي. وبحسب تقرير نشره موقع "ذا إنديان" الهندي، أصدرت وزارة الخارجية الهندية بيانًا قبل أيام، ذكرت فيه إن الهند وماليزيا اتفقتا على استخدام الروبية الهندية في التسويات التجارية. وأفادت وكالة "فرانس برس" مؤخرًا، أن الصين والبرازيل توصلتا إلى اتفاق يقضي بإمكانية تسوية التجارة الثنائية المستقبلية بين البلدين بالرنمينبي أو الريال البرازيلي، بدلاً من استخدام الدولار الأمريكي كعملة وسيطة. كما ذكرت وكالة "ترويج التجارة والاستثمار" البرازيلية في بيان إنها تتوقع أن يؤدي ذلك إلى خفض التكاليف وتسهيل المزيد من التجارة الثنائية والاستثمار. ووفقا للأنباء الواردة من موقع "إحاطة الآسيان"، كان على راس جدول اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في الآسيان المنعقد مؤخراً في إندونيسيا مناقشة حول كيفية تقليل الاعتماد على الدولار واليورو والين والجنيه للمعاملات المالية والانتقال إلى التسوية بالعملات المحلية. كما حث الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في الاجتماع، دول الآسيان الأخرى على استخدام بطاقات الائتمان الصادرة عن البنوك المحلية والتخلص التدريجي من استخدام أنظمة الدفع الأجنبية، بما في ذلك فيزا وماستر كارد الأمريكية. وبحسب رويترز، ذكر البنك المركزي العراقي في 22 فبراير هذا العام، إن العراق تخطط للسماح بتسوية الواردات من الصين باليوان لأول مرة. ووفقًا لتقرير "فاينانشيال تايمز" البريطاني، في يناير من هذا العام، أعلن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا والرئيس الارجنتينى، ألبرتو فيرنانديز عن أن البلدين سوف يستعدان لتأسيس عملة مشتركة تابعة لمنطقة أمريكا اللاتينية وستدعوان دولًا أخرى في منطقة أمريكا اللاتينية للانضمام من أجل تعزيز التجارة الإقليمية، وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي.

ومن أجل تجاوز نظام تسوية المجتمع الدولي للاتصالات المالية بين البنوك (SWIFT) بالدولار الأمريكي، أطلقت أوروبا "أداة دعم التفاعل التجاري" (INSTEX) في أوائل عام 2019. وفي مارس 2020، وصلت أوروبا وإيران إلى أول تجارة مقايضة بموجب آلية التسوية (INSTEX ). وفي الوقت الحاضر، انضمت دول مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وبلجيكا والدنمارك وفنلندا وهولندا والنرويج والسويد إلى الآلية.

وفي يناير 2022، وقعت تركيا والبنك المركزي الإماراتي اتفاقية مقايضة عملات بقيمة 64 مليار ليرة و18 مليار درهم لتعزيز التجارة الثنائية بعملاتهما. وفي أبريل الماضي، أدرج البنك المركزي الإسرائيلي الدولار الكندي والدولار الأسترالي والين الياباني واليوان الصيني في احتياطياته من العملات الأجنبية لأول مرة. وفي السابق، احتفظت البلاد بثلاث عملات فقط: الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني واليورو. وفي يوليو من العام الماضي، أطلق سوق الصرف الأجنبي الإيراني تداول عملة الريال الإيراني / الروبل الروسي. وبعد ذلك، صرحت روسيا أيضًا أنها ستتخلى تدريجياً عن استخدام الدولار الأمريكي في التجارة مع إيران. كما أعلنت المملكة العربية السعودية في منتدى دافوس الاقتصادي في يناير من هذا العام، أنها مفتوحة لتسوية التجارة بغير الدولار الأمريكي.

ونظرًا لأن المزيد من البلدان تفكر في "الابتعاد" عن الدولار الأمريكي، فإن حصة الدولار الأمريكي من الاحتياطيات العالمية آخذة في التغير. ووفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، فإنه إلى غاية الربع الرابع من عام 2022، انخفضت حصة الدولار الأمريكي من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية إلى 58.4٪، وهو أدنى مستوى منذ عام 1995.

كما تراجعت جاذبية الأصول بالدولار الأمريكي. ووفقًا لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية، واصل كبار حاملي الديون الأمريكية في الخارج مثل الصين وبلجيكا ولوكسمبورغ وفرنسا مؤخرًا، تقليل حيازاتهم من الديون الأمريكية، وانخفضت حيازات المستثمرين الأجانب من سندات الخزانة الأمريكية بمقدار 76 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 22 مارس هذا العام، وهو أكبر انخفاض أسبوعي منذ مارس 2014، وفقًا لبيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي. كما أظهر التقرير الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية أنه في يناير من هذا العام، باعت 16 دولة على الأقل حول العالم السندات الأمريكية.

التأثير المشترك للعديد من العوامل

أشار العديد من المحللين إلى أن العقوبات المالية المفرطة التي تفرضها الولايات المتحدة هي العامل المباشر لتسريع "نزع الدولار" العالمي.

وذكرت مجلة "إنترناشونال بانكر" الأمريكية مؤخرًا، أنه بالنظر إلى تأثر حوالي ربع سكان العالم بشكل مباشر بالعقوبات المالية الأمريكية، فإن زخم "نزع الدولار" حول العالم قد لا يكون مفاجئًا إلى هذا الحد.

قال تسوي جيان جون، أستاذ في كلية الاقتصاد والمالية بجامعة شيآن جياوتونغ خلال المقابلة التي اجرته معه صحيفة الشعب اليومية، إنه منذ الأزمة الأوكرانية، أطلقت بعض الدول بقيادة الولايات المتحدة عدة جولات من العقوبات المالية ضد روسيا، والعقوبات الأشد قسوة هما: الأول هو تجميد نصف احتياطي روسيا من النقد الأجنبي الإجمالي حوالي 300 مليار دولار، والثاني هو إخراج البنوك الروسية الكبرى من نظام تسوية SWIFT. وقد تسببت هذه "الأعمال الظالمة" التي تنتهك بشكل خطير قواعد اقتصاد السوق الحر و "تسليح" الدولار الأمريكي في حالة من الذعر في العديد من البلدان وأصبحت فتيل موجة " "نزع الدولار" " العالمية الحالية.

كما أجبرت السياسة النقدية غير المسؤولة للولايات المتحدة العديد من البلدان على استكشاف الإجراءات المضادة. وقال تسوي جيان جون، إنه منذ مارس من العام الماضي، أنهى مجلس الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية المتساهلة وتحول إلى سياسة جذرية لرفع أسعار الفائدة، مما تسبب في اضطرابات في السوق المالية الدولية. ويعاني العديد من البلدان النامية من تضخم حاد وتواجه انخفاض قيمة العملة وتدفقات رأس المال إلى الخارج. وإن " نزع الدولار" هو في الواقع خطوة عاجزة للمساعدة الذاتية من جانب هذه البلدان للتعامل مع تداعيات المخاطر المالية في الولايات المتحدة.

وقالت قوه هونغ يو، أستاذة بكلية المالية بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية، إنه بالإضافة إلى الضغط من العوامل الخارجية، فإن الاحتياجات الداخلية لتنمية بلدان الأسواق الناشئة تشجع البلدان على استكشاف إنشاء آليات تداول العملات المحلية بنشاط. مضيفة: "بالنسبة للاقتصادات ذات التجارة الإقليمية الوثيقة والمتكاملة للغاية، فإن استخدام العملة المحلية للتسوية له مزايا طبيعية. ولا يمكنها توفير تكلفة صرف عملات الجهات الخارجية، وتجنب تأثير تقلبات أسعار صرف العملات الخاصة بطرف ثالث على التجارة فحسب، ولكنها تساعد أيضًا في تقليل العوامل التي لا يمكن السيطرة عليها مثل تقلبات العملات من طرف ثالث. وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية وراء رغبة العديد من البلدان في التفاوض على اتفاقية ثنائية للعملة. "

التسريع في استكشاف تنويع العملات

يعتقد البعض أن هيمنة الدولار الأمريكي تقترب من نهايتها مع تزايد ظهور اتجاه "نزع الدولار". وقد حذر الاقتصادي الأمريكي جون كارني مؤخرًا من أن الدولار قد يفقد "قوته" قريبًا وأن هيمنة الدولار تضعف. كما نشرت مجلة "بيزنس إنسايدر" الأمريكية مقالاً جاء فيه أن هيمنة الدولار الأمريكي في التجارة العالمية تواجه "تحديات ضخمة". ومع ذلك، يعتقد المزيد من المحللين أنه من السابق لأوانه "تحدي الدولار"، ولا يزال يتعين النظر إلى عملية "نزع الدولار" بموضوعية.

حللت مؤسسة الاستثمار الأمريكية لمجموعة كارسون مؤخرًا، أن هيمنة الدولار الأمريكي باعتباره العملة الاحتياطية العالمية لن تتغير في فترة زمنية قصيرة، خاصة في ظل عدم وجود بديل قوي.

لكن في الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل بعض الاستكشافات الجديدة. قبل أيام قليلة، صرح بنك غولدمان ساكس في تقرير بحثي للعملاء أن صعود العملات الرقمية المشفرة دفع البنوك المركزية العالمية لمحاولة استخدام العملات الرقمية لتحقيق لامركزية الدولار.

وقد كتبت جيليان تيت، كاتبة عمود في صحيفة فاينانشيال تايمز، مقالاً قبل أيام قليلة جاء فيه: "قد نشهد عالم العملات متعدد الأقطاب في وقت أقرب مما كان يتصور."

كما قال تسوي جيان جون:" سيعتمد تنويع النظام النقدي الدولي في المستقبل، على التنمية المتوازنة للاقتصاد العالمي. ومن الاحتمالات المتوقعة: أن يستمر الدولار الأمريكي في لعب دور كعملة احتياطية دولية، لكن ثقله سيستمر في التراجع. وسيرتفع وضع اليورو تدريجياً مع تعزيز الاتحاد الأوروبي للاستقلال الاقتصادي والمالي، ومع زيادة القوة الاقتصادية، بدأت الدول الآسيوية تدريجيًا في استكشاف إنشاء نظام نقدي جديد والمساهمة في تنويع النظام النقدي الدولي. "

"إن تطور العملة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتجارة". قالت قوه هونغ يو، "إن ولادة اليورو قد عززت تنمية التجارة الدولية. واليوم، أصبح اليورو ثاني أكبر عملة احتياطية في العالم. وفي الوقت الحالي، فإن التنمية الاقتصادية والتعاون التجاري في جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية ومناطق أخرى يتقدم باستمرار. ولا يستبعد ظهور بعض ترتيبات التعاون النقدي الجديدة في هذه المناطق في المستقبل، مع التطور المتعمق لتعددية الأقطاب العالمية والعولمة الاقتصادية ".

صور ساخنة