بكين / الجزائر 21 يوليو 2023 (شينخوا) مع افتتاح طريق بجاية السريع في الجزائر الذي بنته شركة بناء السكك الحديدية الصينية، تغيرت حياة سائق الشاحنة أصلون عبد الغني.
وقال عبد الغني لوكالة ((شينخوا)) "الآن يمكنني الوصول إلى الجزائر العاصمة في أقل من ساعتين. أنا ممتن جدا لذلك".
ويصادف هذا العام الذكرى الـ65 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر. وأجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الثلاثاء محادثات في بكين مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي يقوم بزيارة دولة إلى الصين.
وقال شي إنه على مدى العقود الماضية، ساعد البلدان بعضهما البعض في السراء والضراء، وتبادلا التفاهم والدعم، وأصبحا صديقين حقيقيين وشريكين طبيعيين في السعي لتحقيق التنمية المشتركة وتجديد الشباب الوطني.
--صداقة متنامية
وجمعت الصين والجزائر منذ 65 عاما قضية مشتركة تمثلت في مناهضة الإمبريالية والاستعمار والسعي إلى الاستقلال الوطني والتحرر.
وفي عام 1958، في وقت لم تكن الجزائر حصلت على استقلالها تماما بعد، أقامت الصين علاقات دبلوماسية مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وأصبحت أول دولة غير عربية تعترف بهذه الحكومة. وكانت الجزائر أيضا في ذلك الوقت واحدة من أوائل الدول الإفريقية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين.
وفي عام 1963، بعد عام واحد من استقلال الجزائر، بدأ الدبلوماسي الجزائري نور الدين جودي حملة من أجل استعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة.
وقال جودي (89 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كانت لدينا استراتيجية تهدف إلى زيادة وعي دولنا الإفريقية والعربية الصديقة للانضمام إلينا في دعم استعادة حق الصين المشروع".
وبعد ثماني سنوات، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستعادة جميع الحقوق القانونية لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة.
وكان جودي، الذي كان آنذاك مساعدا للأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية، من بين الشهود في تلك المناسبة الخاصة. وقال "مساعدة ودعم بعضنا البعض يؤكد الجذور العميقة لصداقتنا".
وعلى مدى العقود الماضية، حافظ البلدان على هذه الصداقة الخاصة والعميقة، ويمهدان معا مسار التنمية. وفي عام 2014، أصبحت الجزائر أول دولة عربية تقيم شراكة استراتيجية شاملة مع الصين.
وأعرب الرئيس الصيني، خلال محادثاته مع تبون، عن استعداد الصين للعمل مع الجزائر لتسريع تنفيذ نتائج القمة الصينية-العربية الأولى، ودفع المبادرات الرئيسة الثماني للتعاون العملي بين الصين والدول العربية، وتعزيز التعاون في إطار منتدى التعاون الصيني-الأفريقي (فوكاك)، وتنفيذ نتائج مؤتمر فوكاك داكار، بهدف بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك بين الصين والدول العربية وبين الصين وإفريقيا
وقال إسماعيل دبش، رئيس جمعية الصداقة الجزائرية-الصينية، إنه يعتقد أن البلدين يدعمان بعضهما البعض بقوة في القضايا المتعلقة بمصالحهما الأساسية وشواغلهما الرئيسة، ويشتركان في نفس الموقف بشأن القضايا الساخنة الدولية والإقليمية، ولديهما إمكانات كبيرة للتعاون متبادل المنفعة في مختلف المجالات.
--منافع ملموسة
يتذكر عبد الغني، الذي يعيش في ولاية بجاية الزراعية الجزائرية، قائلا "كانت المسافة تستغرق من أربع إلى ست ساعات للوصول إلى العاصمة الجزائر، كانت الرحلة ذهابا وإيابا تعني يوما كاملا".
وأضاف "كان الخضار والأسماك يفقدان على الشاحنات حالتهما الطازجة عندما يكون الطقس حارا"، مضيفا أنه غالبا ما يشعر بالإحباط من الطرق المزدحمة والوعرة.
وفي 13 يوليو، تم افتتاح الجزء الرئيس من طريق بجاية السريع وتمكن عبد الغني من الوصول إلى الجزائر العاصمة في أقل من ساعتين.
وعلى مدار العشرين عاما الماضية، قام العمال الصينيون بتعبيد حوالي 700 كيلومتر من الطرق السريعة في الجزائر، استفاد منها 30 مليون شخص في مناطق مختلفة من البلاد.
وبالإضافة إلى الطرق السريعة، شيدت الشركات الصينية معالم جزائرية أخرى مثل المسجد الكبير بالجزائر العاصمة ومطار الجزائر الدولي ومركز المؤتمرات الدولي بالجزائر.
وفي إطار مبادرة الحزام والطريق، تتجاوز مساهمات الصين البنية التحتية. أثناء إنشاء الطريق السريع (السيار شرق-غرب)، دربت الشركات الصينية أكثر من 16 ألف جزائري ليصبحوا فنيين ماهرين.
وقال محمد صلاح كافي، المدير الجهوي للشرق بمؤسسة الجزائرية للطرق السيارة، "إن المهندسين الجزائريين الشباب الذين تراكمت لديهم الخبرة وتطوروا بسرعة من خلال التعاون طويل الأمد مع زملائهم الصينيين يتمتعون بمهارات عالية ويمثلون مستقبل صناعة الإنشاءات في الجزائر".
وفي يونيو 2022، حضر تبون الحوار رفيع المستوى بشأن التنمية العالمية برئاسة الرئيس شي، وانضمت الجزائر إلى مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية.
وخلال زيارة تبون للصين، توصل الجانبان إلى توافق في الآراء بشأن تعزيز التعاون في المجالات الرئيسة في إطار مبادرة التنمية العالمية وتسريع تنفيذ جدول أعمال الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
وفي مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، قالت بسمة لبوخ، الكاتبة والمحللة السياسية الجزائرية، إن مبادرة التنمية العالمية تعد منصة قيمة للتعاون الدولي ومثالا فريدا لتحقيق التنمية المشتركة.
وقالت لبوخ إن المبادرة تهدف إلى بناء عالم أفضل من خلال التغلب على التحديات من خلال القوة الجماعية.
--توسيع التعاون
ويصادف هذا العام أيضا الذكرى الستين لإرسال الصين فريقها الطبي الأول إلى الجزائر. وعلى مدى العقود الستة الماضية، تم إرسال 3522 عاملا طبيا صينيا إلى الجزائر، حيث قاموا بعلاج أكثر من 27 مليون شخص وولادة أكثر من 2.07 مليون طفل. وقال شي في اجتماعه مع تبون "هذا نصب تذكاري للصداقة الصينية الجزائرية".
وتم إرسال أول فريق طبي، أرسلته بكين لمساعدة البلدان الأخرى، إلى الجزائر. وكانت الجزائر قد واجهت بعد استقلالها مشاكل مثل انسحاب الأطباء الأجانب ونقص الإمدادات الطبية. وفي أبريل 1963، وبناء على طلب من الجانب الجزائري، وصل فريق طبي صيني إلى صيدا بالجزائر، ولا تزال خدماته مستمرة.
وصيدا هي مدينة صغيرة في شمال إفريقيا مجاورة للصحراء الكبرى، تتميز بمناخ جاف حار، مع عواصف رملية عرضية، وتُعرف باسم "بوابة الصحراء".
عندما وصل الفريق الصيني، لم يكن هناك سوى طبيب محلي واحد وممرضة واحدة، ولم يكن في الجناح حتى جهاز لرسم القلب.
في ظل تلك الظروف الصعبة، بذل أعضاء الفريق الطبي الصيني قصارى جهدهم لإنقاذ المرضى وتضميد الجرحى. وفي الوقت الحاضر، يرحب السكان المحليون بالأطباء الصينيين ويقدمون لهم خصومات على التسوق كبادرة امتنان وتقدير.
وقال الرئيس شي إن الصين ستعمل بشكل أوثق مع الجزائر في مجال الرعاية الصحية، وتواصل تقديم المنح الحكومية للجزائر، وتعزز التعاون الودي في الإعلام والسياحة والشباب والرياضة ومراكز الفكر لتعزيز الدعم الشعبي للعلاقات الثنائية.
وبالنسبة لدبش، وهو أيضا أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الجزائر، فإن العلاقات الودية والمثمرة بين بكين والجزائر "ستكون نموذجا مثاليا ليس فقط للبلدان الإفريقية ولكن أيضا للعالم العربي ككل".