مع تقدّم عملية البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق"، باتت الشركات الصينية أكثر مشاركة في عملية بناء وتشغيل الموانئ في الدول المشاركة في المبادرة. الشيء الذي كان له أثر واضح على تطور البنية التحتية والتنمية الاقتصادية وتنشيط خدمات الشحن البحري في هذه الدول.
مع ذلك، تصدر بين الحين والآخر من شخصيات أمريكية انتقادات لتعاون الصين مع دول مبادرة الحزام والطريق في مجال الموانئ، معتبرين الإستثمارات الصينية في الموانئ العالمية تهديدا وخطرا جيوسياسيا.
لكن الحقائق، تثبت بأن هذه الإتهامات لا أساس لها من الصحة. وأنها مجرّد تسييس للتعاون التجاري العادي، من أجل ضرب الشركات الصينية، والحفاظ على "الميزة التنافسية" للشركات الأمريكية.
تظهر الإحصاءات الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن حوالي 80٪ من تجارة السلع في العالم، يتم نقلها عن طريق البحر. مما يجعل الموانئ البحرية ذات دور حاسم في التنمية الاقتصادية. وهوما دفع مختلف الدول ذات الحدود البحرية إلى إيلاء أهمية كبيرة لبناء وتطوير الموانئ، واعتبارها محركا مهمّا لتعزيز التبادلات التجارية والتنمية الاقتصادية. ويملي عليها اختيار الشركاء المتعاونين في بناء البنية التحتية بدقة.
في الأثناء، يرى البعض في الولايات المتحدة أن استثمار الصين في ما يقرب من مائة ميناء حول العالم له دوافع خفية استنادًا إلى إحصائيات حول ملكية الصين للموانئ. حيث يزعمون أن توسع الصين في خريطة الموانئ العالمية، يصحب معه "وظائف عسكرية". في المقابل، يغضون الطرف عن الاختيار المتبادل بين الصين والدول المعنية، والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك.
على امتداد السنوات الماضية، ظلت الشركات الصينية تشارك بنشاط في استثمار وبناء وإدارة الموانئ في البلدان المشاركة في بناء الحزام والطريق، مما جلب فوائد اقتصادية واجتماعية للدول المعنية. حيث أدرجت مجلة "فوربس" الأمريكية، "مدينة ميناء كولومبو" التي تمثل مشروع تعاون مشترك بين الصين وسريلانكا في إطار مبادرة"الحزام والطريق"، كواحدة من "خمس مدن جديدة تؤثر على المستقبل". وبحسب تقديرات شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" فإن هذا المشروع سيجلب أثناء مرحلة التطوير والتشغيل أكثر من 9.7 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لسريلانكا. مما يخلق مايزيد عن 400 ألف وظيفة محلية عالية الجودة. في مثال آخر، دعمت الصين مشروع بناء محطة الحاويات في ميناء بنوم بنه بكمبوديا، والذي تحول بفضل هذا المشروع إلى الميناء الرئيسي لاستيراد وتصدير السلع في كمبوديا. كما أسهم في زيادة صادرات الأرز والمنتجات الزراعية الكمبودية، وخلق فوائد اقتصادية ضخمة.
وفي دولة أنتيغوا وبربودا، ساعدت القروض الصينية التفضيلية هذا البلد على بناء ميناء سانت جون. مما أسهم في تحسين قدرة النقل وكفاءته بشكل كبير داخل البلاد.
وفي اليونان، ساعد الدعم التكنولوجي والخبرة الإدارية المتقدمة من الجانب الصيني، في زيادة سعة ميناء بيريوس اليوناني إلى أكثر من 5 ملايين حاوية مكافئة، مما يجعله أكبر ميناء في البحر الأبيض المتوسط.
تربط الصين علاقات تعاون عملي في مجالات الموانئ والبنية التحتية مع العديد من الدول، على أساس احترام رغبات هذه الدول، ودون التدخل في شؤونها الخاصة. كما لا تستهدف من هذا التعاون طرفًا ثالثًا، ولا تشكل تهديدا أمنيا لأي دولة.
في هذا الصدد، تمكنت شركة صينية مؤخرا من الاستحواذ على أسهم محطة حاويات ميناء هامبورغ في ألمانيا. مما عكس التعمق المستمر للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني الألماني. وتعد الولايات المتحدة، دولة مستفيدة أيضا من الشركات الصينية المشاركة في بناء الموانئ الخارجية. حيث أسهم توسيع نطاق التعاون بين ميناء بوسطن ومجموعة كوسكو الصينية في خلق 400 ألف وظيفة جديدة، إلى جانب الإحتفاظ بـ الـ 9 آلاف وظيفة الأصلية في الميناء. واعتبر مسؤول أمريكي في هيئة الموانئ، بأن هذا المشروع يعد مثالا ممتازا على التعاون الاقتصادي والتجاري بين الولايات المتحدة والصين.
لايتوقف بعض الساسة الأمريكيين على توجيه التهم إلى مشاريع التعاون الصينية الأجنبية في مجال الموانئ. في المقابل يتناسون بأن الولايات المتحدة لديها أكثر من 800 قاعدة عسكرية خارج أراضيها، بما في ذلك 313 قاعدة حول الصين. أما الصين فستواصل العمل على مواءمة البناء المشترك لـمبادرة "الحزام والطريق" مع استراتيجيات التنمية في مختلف البلدان ومبادرات التعاون الإقليمية. وتسرّع في بناء البنية التحتية للموانئ والقنوات اللوجستية الدولية والإقليمية بما يخدم المصالح المشتركة.