أظهر تقرير إحصائي صادر عن غرفة دبي للإقتصاد الرقمي، أن منطقة الشرق الأوسط قد سجلت 4500 جولة من استثمارات رأس المال المُخاطر بين عام 2012 و2022. تم ثلثها في الإمارات العربية المتحدة، تليها مصر والمملكة العربية السعودية. كما برزت دول مثل الأردن والكويت والمغرب كوجهات جاذبة جديدة لاستثمارات الشركات الناشئة.
وبحسب ذات التقرير، شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال عام 2022، زيادة في عدد الشركات الناشئة بـ 158 شركة. تمكنت من جذب استثمارات جملية تقدر بـ 6.5 مليار دولار.
وتحتوي منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي على 6 شركات ناشئة تقدر قيمتها بأكثر من 1 مليار دولار أمريكي. لكن وكالة الاستشارات الاستراتيجية "ريد آي"، تتوقع بأن يبلغ هذا العدد حوالي 250 شركة بحلول عام 2030. خاصة في مجالات التجارة الإلكترونية والإنترنت والخدمات المالية وخدمات المستهلك.
ويقول محلّلون بأن دول الشرق الأوسط تعمل في الوقت الحالي على تنويع اقتصاداتها، وتحسين بيئة الابتكار المؤسسي، وتعزيز التحول الاقتصادي والتنمية الرقمية وتوظيف الشباب. كما تقدّم دعمًا قويًا لتطوير وتنمية الشركات الناشئة. وعلى سبيل المثال، قامت الإمارات بطرح إستراتيجية لتطوير الاقتصاد الرقمي، فيما قامت مصر بطرح استراتيجية "مصر الرقمية". وأطلقت السعودية استراتيجية البيانات الوطنية والذكاء الاصطناعي. وهي سياسات من شأنها أن تقدّم دعما قويا لتطوير الشركات الناشئة.
وترى بعض المؤسسات الاستثمارية الدولية، أن منطقة الشرق الأوسط قابلة لتعميم الحلول الرقمية بمعدل سريع، نظرا لارتفاع نسبة الشباب في التركيبة السكانية. في الوقت نفسه، تحولت مجالات مثل التكنولوجيا الصحية والتكنولوجيا المالية وتكنولوجيا التعليم إلى اتجاهات استثمارية جديدة بعد كورونا. كما تتمتع منطقة الشرق الأوسط بإمكانيات استثمارية كبيرة في مجالات مثل تصنيع المواد المضافة وتكنولوجيا إدارة سلسلة التوريد وتكنولوجيات الطاقة.
توسع التعاون بين الصين والشرق الأوسط
استمر التعاون بين الصين ومنطقة الشرق الأوسط على صعيد الشركات الناشئة في التوسع على امتداد السنوات الأخيرة. مما أسهم في ضخ زخم جديد في علاقات التعاون بين الجانبين. وعلى هامش مؤتمر الاستثمار الدولي الذي نظمته دولة الإمارات في مايو من العام الحالي، شاركت شركات اليونيكورن الصينية بكثافة في المؤتمر الفرعي حول شركات اليونيكورن. وخلال المؤتمر، قال وزير التجارة الخارجية الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي، إن الصين تعد شريكا مهما في تعزيز الابتكار والتنمية بالنسبة لدولة الإمارات. مشيرا إلى نمو التجارة غير النفطية بين الإمارات والصين خلال عام 2022 بمعدل 18٪، لتصل 72 مليار دولار أمريكي. كما ينشط الجانبان بشكل متزايد في الاستثمار في الخدمات اللوجستية والتخزين والخدمات المالية والتصنيع والتكنولوجيا وغيرها من المجالات. حيث أصبحت الصين ثالث أكبر مصدر للاستثمار المباشر في الإمارات العربية المتحدة. وقال الزيودي، "أنا على ثقة بأن آفاق التعاون بيننا ستكون أكثر إشراقا".
منذ وقت ليس ببعيد، أعلنت شركة "كوفي"، وهي منصة لتوصيل القهوة عبر الإنترنت في الشرق الأوسط، عن اتمامها عملية تمويل بقيمة 15 مليون دولار أمريكي من السلسلة "ب". وتضمّنت قائمة المشاركين في التمويل الذراع الاستثماري لشركة أرامكو السعودية والمؤسسة الإستثمارية الصينية "إى دابليو تي بى أرابيا كابيتال (eWTP Arabia Capital)".
يُذكر أن المنصة قد تم إطلاقها في الكويت في عام 2018، وتوفر خدمات شراء المشروبات عبر الإنترنت مثل القهوة وخدمات التوصيل في الوقت الفعلي. وتمكنت من توسيع أعمالها لتشمل أسواقًا مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
في هذا الصدد، قال لي جينجي، مؤسس شركة "eWTP" الصينية، إن نسق التنويع الاقتصادي في الشرق الأوسط يتقدّم بسرعة. في المقابل، تمتلك الصين خبرة كبيرة تطوير صناعة التكنولوجيا. مما يمكن الشركات الصينية من تحقيق دخول ناجح وسريع في سوق الشرق الأوسط. كما يفتح آفاقا واسعة للتعاون بين الطرفين في مجالات إنشاء البنية التحتية الرقمية والطاقة الجديدة والتمويل.
وقال تشو دان، رئيس مكتب بنك "أش أس بي سي" في الشرق الأوسط، إن دول الشرق الأوسط لديها مزاياها الخاصة في تطوير الشركات الناشئة، وبعضها لديه إمكانات سوقية ضخمة، وبعضها لديه نماذج أعمال متطورة، وبعضها وفرة في الموارد والمواهب. في الأثناء، تمتلك الصين هيكلا صناعيا هو الأكثر تنوعا واكتمالا في العالم، مما يخلق فضاء واسعا للتعاون بين الجانبين في تطوير الشركات الناشئة.