أصدر المتحف البريطاني مؤخرا، بيانا أقر فيه بأن بعض المجموعات الموجودة في المتحف "ضاعت أو سُرقت أو تعرضت للتلف"، وتدخلت الشرطة على الفور في التحقيق، وأعلن مدير المتحف هارتويج فيشر في 25 أغسطس عن تقديم استقالته من منصبه. وفي الوقت الحاضر، اختفت حوالي 2000 مجموعة من المتحف.
ووصفها بعض علماء الآثار بأنها أسوأ سرقة في التاريخ الحديث. كما اغتنمت العديد من الدول هذه الفرصة، ودعت المتحف البريطاني مرة أخرى إلى إعادة الآثار الثقافية لدولها الاصلية. حيث ذكرت اليونان أن هذه الحادثة عززت إصرار الحكومة على ضرورة إعادة الجانب البريطاني منحوتات معبد البارثينون بشكل دائم، وذكر الجانب النيجيري أنه سيكتب إلى المتحف البريطاني والحكومة البريطانية في غضون أسابيع قليلة مطالبًا بإعادة برونزيات بنين، كما ضغطت أشانتي بغانا على المتحف البريطاني لإعادة مقتنياته الذهبية، وتريد إثيوبيا من المتحف البريطاني أن يعيد الصلبان والأسلحة والمجوهرات ولوحات المذابح وغيرها التي تم الاستيلاء عليها من ماك دالا شمال البلاد خلال حملة عسكرية بريطانية في عام 1868.
نشرت صحيفة "غلوبال تايمز" يوم 27 أغسطس، افتتاحية تطلب من المتحف البريطاني: "يرجى إعادة جميع الآثار الثقافية الصينية التي تم الحصول عليها عبر قنوات غير قانونية إلى الصين مجانًا".
وأعاد كل ما سبق المتحف البريطاني إلى رؤية الشعب الصيني، كما مس الألم الخفي في قلوب الناس: لماذا تأخرت عودة تلك الآثار الثقافية الصينية التي تم نهبها وسرقتها إلى البلاد؟
ويوجد في ما لا يقل عن 218 متحفًا في 47 دولة حول العالم، أكثر من 1.67 مليون قطعة من الآثار الثقافية الصينية ضمن مجموعاتها، مصدرها وتداولها معقد للغاية. ووفقا لإحصاءات الجمعية الصينية للآثار الثقافية، منذ عام 1840 وحده، تم نثر أكثر من 10 ملايين قطعة من الآثار الثقافية الصينية في الخارج بسبب الحروب والتجارة غير المشروعة وأسباب أخرى.
من بينها، يعد المتحف البريطاني أحد المتاحف التي تحتوي على أكبر مجموعة من الآثار الثقافية المفقودة في الصين. ووفقا للمعلومات العامة، هناك أكثر من 23 ألف قطعة أثرية ثقافية صينية في المتحف، تغطي جميع الفئات الفنية تقريبا وتاريخ الصين بأكمله.
لقد كان فقدان الآثار الثقافية الدولية وإعادتها دائمًا موضوعًا ساخنًا. وفي أبريل من هذا العام، شارك المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) وجامعة شنغهاي في تنظيم ندوة خبراء رفيعة المستوى "الحوار العالمي حول المتاحف وإنهاء الاستعمار وعودة الآثار الثقافية". وخلال الاجتماع، أشار دوان يونغ، نائب أمين لجنة الحزب وأمين لجنة فحص الانضباط بجامعة شنغهاي إلى أن فقدان الآثار الثقافية في الخارج يرافقه الاستعمار والعولمة، وهو ما يعكس إلى حد ما النظام السياسي والاقتصادي الدولي غير العادل، واليوم، وفقا لإحصائيات اليونسكو، لا يزال الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي ثالث أكبر تجارة غير مشروعة بعد تهريب المخدرات وتهريب الأسلحة. مضيفاً، أن فقدان الآثار الثقافية وإعادتها يمثلان قضية تاريخية، وهي قضية عملية أيضًا.
أما فيما يتعلق بالتاريخ والواقع، ففي ظل الخلفية الاجتماعية المعقدة، لا بد أن تكون طريق إعادة الآثار الثقافية المفقودة مليئة بالأشواك. وعلى الصعيد الدولي، هناك اتفاقيتان رئيسيتان بشأن إعادة الآثار الثقافية، إحداهما هي الاتفاقية المتعلقة بأساليب حظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، الصادرة عن منظمة اليونسكو عام 1970، والأخرى هي اتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص بشأن الآثار الثقافية المسروقة أو المصدرة بطريقة غير مشروعة الموقعة في عام 1995. ومع ذلك، فهي ملزمة في الحالات التي تلي التوقيع على الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ فقط، ولا يمكن إرجاعها إلى الآثار الثقافية المفقودة قبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
لحسن الحظ، وفي ظل الاهتمام الواسع النطاق من جانب المجتمع الدولي، أدركت العديد من البلدان والمؤسسات هذه المشكلة واتخذت إجراءات إيجابية، على سبيل المثال، في عام 2017، وعد الرئيس الفرنسي ماكرون بعد تولي منصبه "بالعودة المؤقتة أو النهائية للتراث الثقافي الأفريقي إلى أفريقيا خلال 5 سنوات". كما أعاد متحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك التابوت المذهّب لكاهن مصري قديم إلى مصر في عام 2019. وفي عام 2022، أعادت المملكة المتحدة بعض البرونزيات من بنين إلى نيجيريا تحت ضغط من جميع الأطراف.
وفي عام 2014، قادت الصين صياغة "إعلان دونهوانغ" الذي يعكس مطالب الدول ذات الآثار الثقافية المفقودة. وحتى عام 2019، نجحت الصين في تسهيل إعادة أكثر من 300 دفعة من أكثر من 150 ألف قطعة من الآثار الثقافية الصينية المفقودة في الخارج من خلال أساليب مختلفة مثل التعاون في إنفاذ القانون، والتقاضي القضائي، والتبرع من خلال التفاوض، وجمع الإنقاذ.
وإن ما تم إعادته من الآثار الثقافية المفقودة في الخارج بنجاح، ليس سوى قطرة في محيط، بالمقارنة مع الكم الهائل من الآثار الثقافية المفقودة، ولا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن عودة الآثار الثقافية. ولكن العصر يتغير، ونعتقد أن الإعلان سوف يصبح موضع إجماع ذات يوم، وسوف تعود الآثار الثقافية المفقودة إلى مسقط رأسها ذات يوم.