الصفحة الرئيسية >> الأعمال والتجارة

تعليق: شينجيانغ نحو عتبة جديدة من تاريخ الإصلاح والانفتاح الصيني

تعليق: شينجيانغ نحو عتبة جديدة من تاريخ الإصلاح والانفتاح الصيني

أصدر مجلس الدولة الصيني مؤخرًا "الخطة الشاملة لمنطقة التجارة الحرة التجريبية (شينجيانغ) في الصين". وتهدف الخطّة إلى تحويل شينجيانغ إلى نموذج جديد لتعزيز التنمية عالية الجودة في المناطق الوسطى والغربية، بما يساعد على إنشاء ممرّ اقتصادي يربط آسيا بأوروبا، ويفتح نافذة على الدول الواقعة غرب الصين.

إن تحوّل شينجيانغ إلى قاطرة جديدة للإصلاح والانفتاح في العصر الجديد، هو حتمية من حتميات التطور التاريخي. فقد كانت شينجيانغ محطّة رئيسية على "طريق الحرير" القديم، الذي ربط بين الشرق والغرب. وكانت تمثل نافذة انفتاح الصين على الغرب في العصور القديمة. وأسهمت من جانبها في تعزيز التبادلات التجارية والثقافية بشكل كبير.

ومع بداية عصور الاستكشاف، تراجعت مكانة "طريق الحرير" تدريجيا. وبعد تأسيس الصين الجديدة، تقلّبت البيئة الدولية المحيطة بشينجيانغ مرات متعدّدة، واتخذت شينجيانغ مكانة استراتيجية وأمنية أكثر أهمية.

تقع شينجيانغ في شمال غرب الصين، وتحدها ثماني دول، بما فيها، منغوليا وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وباكستان والهند. وقد أصبحت شينجيانغ اليوم بوابة هامة لانفتاح الصين على هذه المجموعة من الدول. وبفضل مكانة شينجيانغ الاستراتيجية، تعزّزت العلاقات بين الصين وآسيا الوسطى على نحو أكثر عمقا، وتوثقت العلاقات الصينية الباكستانية. وأصبحت البيئة الجيوسياسية لانفتاح شينجيانغ مواتية، وأصبح موقع شينجيانغ كبوابة للانفتاح على الغرب أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية.

ومن زاوية الحاجة الصينية لبناء محور اقتصادي في المناطق الغربية، يعد تحويل شينجيانغ إلى بوابة انفتاح اقتصادي على الغرب ذا أهمية كبرى. فقد اقتصرت المحاور الاقتصادية الصينية في التاريخ بشكل أساسي على السهول الوسطى والمناطق الساحلية الشرقية، وانتقلت إلى حوضي نهر اليانغتسي ونهر اللؤلؤة عبر حوض النهر الأصفر، ثم محور بكين-تيانجين-خبي ودلتا نهر اليانغتسي ودلتا نهر اللؤلؤة اليوم. لكن هذا الجمود التاريخي على مستوى الانتشار الجغرافي للمحاور الاقتصادية، لم يعد يتكيف مع حاجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للصين في العصر الجديد. وبات من الضروري إدراج التحول من الشرق نحو الغرب في رؤية التخطيط التنموي والاقتصادي للصين. وفي ظل هذه الحاجة، تتنزّل أهمية شينجيانغ كمحور اقتصادي هام في المناطق الغربية. حيث تمتد شينجيانغ على مساحة شاسعة وتتميّز بثراءها بالموارد الطبيعية، وتمتلك مقوّمات محور اقتصادي جديد في الصين.

حققت شينجيانغ تقدما كبيرا في مجال الإصلاح والانفتاح على امتداد العقود الأخيرة. وتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي 1.77 تريليون يوان في عام 2022. وفي الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023، حققت التجارة الخارجية لشينجيانغ قفزة جديدة، حيث وصل إجمالي قيمة واردات وصادرات التجارة الخارجية 252.84 مليار يوان، بزيادة قدرها 47.3٪ عن العام الماضي.

وفي مجال الربط عبر البنية التحتية مع الخارج، افتتحت الصين في شينجيانغ الخط الحديدي الأوراسي الجديد، وقامت بتحديث طريق كاراكورام السريع بين الصين وباكستان، وبناء خط أنابيب النفط الرابط بين الصين وآسيا الوسطى، وإنشاء 17 ميناء بريا منفتحا على الدول المجاورة. من جهة أخرى، تقع شينجيانغ على تقاطع العديد من المشاريع والمبادرات العملاقة، بينها مبادرة الحزام والطريق، والممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، والحزام الاقتصادي لطريق الحرير القديم والممر الاقتصادي للصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا، والممر الاقتصادي الأوراسي الجديد، والممر الاقتصادي الصيني المنغولي الروسي. مما يبرز المكانة البارزة التي تحتلّها شينجيانغ في الانفتاح الصيني على العالم الخارجي.

وتعكس "الخطة" الصادرة عن مجلس الدولة الصيني، الدعم المستمر الذي تقدمه الحكومة المركزية، منذ فترة طويلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في شينجيانغ. فخلال خمسينيات القرن الماضي، قدمت مقاطعات السهول الوسطى والمدن الساحلية دعمًا بشريًا وماليًا وماديًا قويًا لشينجيانغ. على غرار دعم المواهب، وبناء المصانع، مما أسهم في وضع شينجيانغ على طريق التصنيع.

وفي عام 2010، قامت الحكومة المركزية في أول اجتماع حول شينجيانغ، بتكليف 19 مقاطعة ومدينة بمهمة دعم البناء في شينجيانغ. وخلال ما يزيد عن عشر سنوات، شهدت البنية التحتية تغيّرات هائلة. كما قدّمت الحكومة المركزية دعما قويا لتدريب الكوادر والتعليم في شينجيانغ، وضخت الكثير من المدفوعات المالية في التنمية بالمنطقة.

يعد هذا الدعم السياسي الشامل وطويل الأمد لشينجيانغ قوة دفع أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية السريعة في شينجيانغ. وقد اقترحت "الخطة" بناء منطقة تجريبية للتجارة الحرة في شينجيانغ، مما يدفع المنطقة نحو عتبة جديدة من تاريخ الإصلاح والانفتاح في العصر الجديد. وهو أيضا أحدث مظهر على دعم الحكومة المركزية لشينجيانغ في العصر الجديد. بما يفتح آفاقا واسعة للتنمية في شينجيانغ، ويؤهلها للعب دور المحور الاقتصادي الجديد في التنمية الصينية.

صور ساخنة