روابط ذات العلاقة
يصادف هذا العام الذكرى الـ15 لتأسيس الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وفيتنام. وتعمل الصين وفيتنام جنبا إلى جنب في الوقت الحالي، على تسريع البناء المشترك لمبادرة "الحزام والطريق"، وموائمة مخطط "الممرين والدائرة"، مع الاستفادة الكاملة من الظروف الملائمة للربط البيني، والسعي للحفاظ على استقرار وسلاسة سلاسل التوريد الصناعية، والمضي قدما في تحسين مستوى التعاون الاستثماري الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وتعزيز التنمية عالية الجودة للعلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية، وخدمة رفاهية شعبي البلدين بشكل أفضل، والتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، والبناء على المنجزات التي تحققت في العلاقات ببين البلدين على مختلف الأصعدة.
نمو سريع للتبادلات التجارية الصينية الفيتنامية
في وقت مبكر من كل صباح، يتشكّل "طابور طويل" على جسر الطريق السريع العابر للحدود الصينية الفيتنامية على النهر الأحمر. حيث تتوجّه الشاحنات المحملة بفاكهة الدوريان الفيتنامية على مهل نحو ميناء هيكو، أكبر الموانئ البرّية بمقاطعة يوننان الصينية. وبعد التخليص الجمركي، تبدأ شاحنات الدوريان الفيتنامية رحلتها نحو السوق الصينية.
من الدوريان إلى فاكهة التنين والموز والبطيخ، أصبحت "سلة الفاكهة" في التجارة بين الصين وفيتنام أضخم وأكثر تنوعا. وتظهر البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة والتنمية الريفية الفيتنامية، أن صادرات فيتنام من الفواكه والخضروات إلى الصين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي قد بلغت 2.75 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 160٪، وهو ما يمثل 65٪ من صادرات فيتنام من الفاكهة والخضروات.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت التجارة الثنائية بين الصين وفيتنام نموا سريعا. وزاد حجم التجارة الثنائية من أكثر من 2.4 مليار دولار أمريكي في عام 2000 إلى ما يزيد عن 234.9 مليار دولار أمريكي في عام 2022. وحافظت الصين على موقعها كأكبر شريك تجاري لفيتنام لسنوات عديدة. كما تعد فيتنام أكبر شريك تجاري للصين في الآسيان ورابع أكبر شريك تجاري في العالم.
وتواصل الصين وفيتنام من خلال سلسلة من المنصات الاقتصادية والتجارية، توسيع فرص التعاون المربح للجانبين. حيث شاركت فيتنام في معرض الصين الدولي السادس للاستيراد بصفة ضيف شرف، ودخلت القهوة الفيتنامية والدوريان والأرز والفواكه المجففة والمصنوعات اليدوية وغيرها من السلع إلى السوق الصينية بشكل أوسع. في هذا الصدد، قال نائب رئيس الوزراء الفيتنامي تران هونغ ها إن معرض الصين الدولي للاستيراد يوفر للشركات الفيتنامية فرصًا للتبادل والتعاون في التجارة والاستثمار وعدة مجالات أخرى.
ارتفاع في مستوى الاستثمار
عملت الشركات الصينية خلال السنوات الأخيرة، على زيادة استثماراتها في فيتنام. وفي الفترة من يناير إلى أكتوبر من هذا العام، بلغ الاستثمار المباشر للشركات الصينية في القطاعات الصناعية بفيتنام 1.76 مليار دولار أمريكي. وهو ما يتماشى مع التحول الاقتصادي في فيتنام واحتياجات التحديث.
في هانوي، قامت شركة إنشاء صينية بمقاولة مشروع خط السكك الحديدية الخفيفة والذي يوفر لركاب العاصمة الفيتنامية التنقل على مسافة 13 كلم خلال 23 دقيقة. وإلى جانب اختصاره وقت التنقل، أسهم المشروع في دفع التنمية الاقتصادية في هانوي.
وعلى ساحل نينه ثوان في وسط وجنوب فيتنام، تقوم شركة صينية بإدارة مشروع لطاقة الرياح، يوفر للمنطقة 43400 طن من الفحم القياسي ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 102500 طن. ووفقاً لإحصائيات غير كاملة، فقد استثمرت الشركات الصينية في فيتنام أو شيدت ما يقرب من 70 مشروعًا.
وكان البلدان قد توصّلا في نوفمبر من العام الماضي، إلى توافق حول استكشاف فرص التبادل والتعاون في مجالات التنمية الخضراء والاستجابة للتّغيّر المناخي والاقتصاد الرقمي ومجالات أخرى لخلق المزيد من نقاط النمو في التعاون الثنائي. وتنفيذا لهذا التوافق، استثمرت العديد من الشركات ذات التمويل الصيني في تطوير مشاريع الطاقة النظيفة في فيتنام، وخلقت مساحة واسعة للتعاون الأخضر بين البلدين، وهو ما لن يساعد فقط في تلبية الطلب على الطاقة الذي يواجه التنمية في فيتنام فحسب، بل سيساعد أيضًا في التعامل بشكل مشترك مع المناخ، وتحقيق التنمية المستدامة.
تعمق التعاون الإقليمي
قامت الصين وفيتنام خلال السنوات الأخيرة، بتسريع عملية التكامل بين مبادرة "الحزام والطريق" ومخطط "الممرين والدائرة"، مع التركيز على تعزيز التعاون في المجالات الاستراتيجية مثل الترابط الشبكي. وفيما يتعلق بالربط عبر البنية التحتية، تحسّن الاتصال البري والبحري والجوي والشبكي بين البلدين. وتم تسريع مخطّطات إنشاء السكك الحديدية والطرق السريعة والاتصال.
في هذا السياق، صرّح رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشنغ، بأن بلاده تقدّر علاقات "الصداقة والأخوة" الودية مع الصين، وتثمّن نتائج التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وترغب في العمل مع الصين على تعزيز الربط الحديدي وتحسين مستوى انفتاح المنافذ الحدودية.
من جهة أخرى، تقف الصين وفيتنام على نفس الجانب، في حماية النظام التجاري متعدد الأطراف، وتعملان على تعزيز التنسيق والتفاعل في منظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ وغيرها من المنصات. وكان الجانبان قد شجّعا بشكل مشترك على دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) حيز التنفيذ، كما شجعا بشكل مشترك على بناء النسخة 3.0 من منطقة التجارة الحرة بين الصين والآسيان. وكان نغوين هونغ ين، وزير الصناعة والتجارة الفيتنامي، قد صرّح بأن بلاده تعتبر الصين شريكا اقتصاديا وتجاريا هاما، وترغب في مواصلة تعميق التجارة والاستثمار والتعاون العملي مع الصين في ظل الأطر الإقليمية ومتعددة الأطراف. مؤكدا على رغبة بلاده في مواصلة العمل على الارتقاء بمستوى العلاقات التجارية مع الصين.
في هذا الصدد، قال تشاي كون، الأستاذ في كلية العلاقات الدولية بجامعة بكين، إن التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وفيتنام يمكن أن يستفيد بشكل فعال من المزايا المقارنة والموارد في البلدين. ويعزّز القدرة التنافسية للبلدين في على مستوى سلاسل التوريد العالمية، ويدفع نحو تشكيل شبكة صناعية إقليمية أوثق وأكثر كفاءة، مما يفضي إلى تعميق التعاون بين الصين والآسيان وعملية التكامل الإقليمي.