الصفحة الرئيسية >> العالم العربي

مقالة : لقمة العيش مغمسة بالدم في قطاع غزة

/مصدر: شينخوا/   2024:03:05.09:45

وقتل عوني البالغ من العمر (44 عاما)، وهو من حي الشجاعية على الأطراف الشرقية لغزة قبل أيام أثناء محاولته الحصول على كيس طحين من منطقة "دوار النابلسي" على الطريق الساحلي غرب المدينة، حيث تعد آخر نقطة تلقى فيها مساعدات.

وعوني هو واحد من 112 شخصا قتلوا الخميس الماضي في قصف إسرائيلي على تجمع لفلسطينيين كانوا ينتظرون تسلم مساعدات قرب الدوار في شارع الرشيد غرب مدينة غزة، أوقع أيضا 760 جريحا، وفق وزارة الصحة في غزة.

وقالت نورهان زوجة باسم عوني المكلومة على فقدانه لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن زوجها خرج لتوفير لقمة طعام "لأطفاله الذين كانوا يبكون على مدار الوقت لعدم وجود شيء".

وأضافت نورهان التي اتشحت بالسواد وتركت وحيدة لتربية 5 أبناء، أحدهم رضيع أن "أطفالها كانوا يأكلون حبوبا غير آدمية لنقص الطحين، ما تسبب لهم بأمراض معوية".

وتابعت الزوجة التي لا تقوى على الكلام أن "زوجها خرج غاضبا على وقع صرخات الأطفال في سبيل الحصول على كيس طحين، لكنه عاد محمولا على الأكتاف".

وأثناء حديثها انهارت الزوجة لبضعة دقائق وبعد استفاقتها قالت بكلمات متقطعة "ما بنعرف شو كان مخبي إلنا القدر كان ما بعتناه على الموت (لا نعرف ما يخفي القدر) كان حنونا علينا".

وأضافت بنبرة غاضبة "شو ذنبنا يصير فينا هيك (ما ذنبنا) ومين بدو يربي الأولاد في ظل الحرب الدامية"، داعية إلى محاسبة قتلة زوجها ووقف إطلاق النار الذي يدفع ثمنه سكان غزة المدنيون.

وتداول نشطاء فلسطينيون مقاطع مصورة للحادث تظهر وقتها أعدادا كبيرة من الإصابات والضحايا قرب شاحنات المساعدات وآخرين ينقلون إلى المستشفيات عبر مركبات مدنية وعربات يجرها حيوانات.

كما أظهرت المقاطع والصور في حينه آثار الدماء على أكياس الطحين البيضاء التي كان من المفترض أن يتسلمها الفلسطينيون في المكان.

وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي للإذاعة العبرية العامة إنه خلال إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية حدث في المكان تدافع عنيف من قبل السكان حول الشاحنات محاولين نهب السلع.

وأضاف أنه خلال عملية التدافع العنيفة بين السكان أصيب العشرات، ومنهم من تعرض للدهس، مضيفا أنه أثناء الحادث اقترب جزء من الحشود الغفيرة من الجنود الذين قاموا بحماية الشاحنات، مما حدا بهم إلى إطلاق النار بعد أن شعروا أن حياتهم معرضة للخطر.

وأكد المتحدث أن الجيش باشر التحقيق في ملابسات الحادث، الذي لاقى تنديدا واسعا ودعوات لإدخال مساعدات غذائية وإغاثية وتأمين وصولها للسكان في مدينة غزة والشمال قبل حدوث مجاعة حقيقية.

وأثناء الحادث أصيب إسماعيل أبو رفيق بكسر في قدمه خلال محاولته الهروب لحظة استهداف التجمع من قبل الجيش الإسرائيلي وعاد محمولا وليس حاملا لكيس طحين.

وهذه هي المرة الرابعة التي يفشل فيها أبو رفيق في الحصول على كيس طحين من تلك المنطقة بسبب الاستهداف الإسرائيلي المتكرر والأعداد الكبيرة من المتواجدين.

وقال الرجل وهو يستلقي على الأرض لـ((شينخوا)) "أخرج يوميا كباقي الشباب للحصول على كيس طحين لإطعام أفراد عائلتي وفي كل مرة أرجع مطأطئ الرأس".

وأضاف أبو رفيق الذي يعول أسرة مكونة من زوجة و3 أبناء أن "أطفاله يمر عليهم يوم كامل دون أكل بسبب عدم توفره، وفي أوقات يأكلون ورق الشجر وأعلاف الحيوانات".

وتابع الرجل، وهو في منتصف الأربعينات "سئمنا هذه الحال، منذ نحو 150 يوما حرب ودمار وقتل، ولا يوجد طعام صحي ولا ماء صالحة للشرب ولا رعاية صحية".

وتعيش مدينة غزة والمحافظات الشمالية للقطاع الساحلي أوضاعا "كارثية" جراء نفاد الطعام وفرض إسرائيل حصارًا عليها منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن "المجاعة ما زالت تتعمق في غزة بشكل كبير، وما زال أكثر من مليوني إنسان يعانون من النقص الحاد في الغذاء".

وذكر المكتب في بيان أن المجاعة "تتعمق بشكل أكبر في محافظتي الشمال وغزة، حيث ارتقى حتى الآن 16 طفلاً نتيجة الجوع وسوء التغذية والجفاف"، محذرا من أن ذلك "يهدد حياة أكثر من 700 ألف مواطن يعانون الجوع الشديد".

وأضاف أن "المجاعة تتعمق في قطاع غزة وعمليات الإنزال الجوي للمساعدات غير مجدية، ونُحمل المسؤولية للإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال الإسرائيلي".

وتابع البيان أن "بعض الدول اجتهدت حول فكرة إنزال المساعدات جواً عبر طائرات قليلة، ولكن الجميع يعلم بأنها ليست الطريقة الأمثل لتقديم المساعدات لأهالي قطاع غزة".

وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة أدت إلى مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني وخلفت دمارا واسعا وأزمة إنسانية، وذلك بعد أن شنت حماس هجوما مباغتا على عدد من القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع القطاع أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي.

صور ساخنة